إن حوار الأديان هو مصطلح تم الترويج له إعلاميا من قبل المؤسسات الدينية الإسلامية أو المسيحية على حد سواء للتعمية على الجرائم المرتكبة بإسم الله, المؤسسات الدينية تمارس أسوأ أنواع الفساد الأخلاقي, المالي, تزوير التاريخ وتقوم على لوي عنق النصوص الدينية لتضليل أتباعها. تلك النصوص التي يقدسها اتباع الأديان تحرض على قتل المخالفين وتصادر حرية الرأي بما لا تقبله النفس البشرية ولا المنطق. كما أنه لا يمكن التوفيق بين الأديان المختلفة لأن الهدف النهائي هو السيطرة على العالم حتى لو كان الطريق إلى ذلك هو إشعال الحروب وقتل عشرات الملايين من البشر في سبيل تحقيق الهيمنة السياسية حيث يتم إستخدام الدين مجرد واجهة براقة لأفعال تنتهك الكرامة الإنسانية بل وتنتهك الإنسانية نفسها. التعصب الديني هو آفة منتشرة بين أتباع الأديان الرئيسية الثلاثة: اليهودية, المسيحية والإسلام. وفي أي نقاش بين أتباع أي من تلك الأديان فإن الغاية تبرر الوسيلة ولذلك لا يمكن توقع أي نتيجة إيجابية من تلك الحوارات أكثر من بعض التصريحات الصحفية وصور يتم إلتقاطها للمجاملة. رؤوس الفتنة من رجال الدين هم السبب في تعاسة البشرية والصراعات والحروب وهم الذين يتعاونون مع النخب المالية التي تسيطر على اقتصاد العالم حيث يمدون تلك الصراعات بالوقود اللازم لاستمرارها عبر الفتاوى والعظات والتصريحات. وأفة التعصب كذلك منتشرة بين أتباع الأديان الأخرى, فعلى سبيل المثال البوذيون في بورما يرتكبون أبشع جرائم التطهير العرقي ضد المسلمين والمسيحيين على حد سواء. ومثال آخر هو الصراع بين الهندوس والمسلمين في الهند.
يسوع المسيح تحدث في عدة نصوص عن نفاق رجال الدين والرياء الذي يمارسونه أمام العامة. ففي نص إنجيل متى ٢٣:٢٧, اتهم يسوع المسيح رجال الكتبة والفريسيين, طوائف دينية يهودية, بأنهم يشبهون القبور المبيضة التي تظهر من الخارج جميلة بينما هي مملؤة من الداخل بالنجاسات. وفي نص إنجيل لوقا ١١:٤٧, يتهمهم يسوع المسيح بأنهم يبنون قبور الأنبياء بينما أبائهم قتلوهم. حتى اليهود الذين يتهمون من يعارضهم ويعارض نصوصهم المقدسة بأنه معادي للسامية لم يسلم من اتهاماتهم حتى سيجموند فرويد وهو أشهر من أن يتم التعريف به وبأنه يهودي. فقد تم اتهامه بمعاداة السامية لأنه قام بتأليف كتاب يقوم فيه بالتشكيك بيهودية النبي موسى عليه السلام ويذكر الأدلة على أنه مصري وليس يهودي. وعندما قام الممثل والمنتج الأمريكي ميل جيبسون بإنتاج فيلم آلام المسيح(The Passion of Christ), قامت النخب المالية اليهودية بالتحريض ضده بتهمة معاداة السامية وإضطر الفاتيكان على خجل لإصدار بيان مؤيد للفيلم وأنه لا يخالف ماجاء في العهد الجديد عن سيرة السيد المسيح وأنه تم إستشارة الفاتيكان من قبل ميل جيبسون بخصوص سيناريو الفيلم. ليس عندي أدنى شك بوجود مشاكل بنيوية خطيرة في نصوص الكتاب المقدس تهدد سلامة الاعتقاد بقدسية تلك النصوص وأن مصدرها هو وحي إلهي. النبي موسى عليه السلام اتهمهم في التوراة في سفر التثنية ٣١:٢٧ بأنهم تمردوا على الرب في حياته وأنهم بعد وفاته سوف يتمردون ويحرفون النصوص.
إني أستغرب حوار الأديان بين الإسلام والمسيحية بينما طوائف المسلمين والمسيحيين تكفر بعضها بعضا وتقتل بعضها بعضا إلى يومنا هذا. ففي أيرلندا, مازال الصراع الكاثوليكي-البروتستانتي قائما نتيجة الحساسيات القائمة منذ معركة نهر بوين سنة ١٦٩٠ حيث يقوم البروتستانت بمسيرات في ذكرى المعركة تمر بمناطق الكاثوليك مما يستدعي استنفار رجال الأمن لمنع حدوث اصطدامات وأحداث عنف. الكنيسة الكاثوليكية لها تاريخ من العنف وسفك الدماء بداية من محاكم التفتيش التي لم يسلم من إجرامها المسلمين, اليهود وحتى المسيحيون المخالفون مبادئ الإيمان الكاثوليكي وليس نهاية بما يسمى لجنة عقيدة الإيمان الكاثوليكية التي ورثت سلطة محاكم التفتيش وتستخدم نفس الكرسي الذي جلس عليه علماء مثل جاليليو ليجلس عليه المتهمين بالهرطقة ومخالفة تعاليم الكنيسة. والكنيسة البروتستانتية ليست بأفضل حالا فقد قام مارتن لوثر بإدخال بعض الإصلاحات بعد تمرده على سلطة الكنيسة في القرن السادس عشر ولكن موقف الحركة البروتستانتية لم يتغير من العلماء والمخالفين حيث أوقعت بهم العقوبات قطعا للرأس, الحرق والنفي من بين الأساليب المتعددة للعقوبة التي مارسها كالفن وهو أحد البروتستانتيين الأكثر تشددا. حتى حركات الإصلاح الدينية عبر التاريخ الإسلامي سواء سياسية أو دينية كانت نتائجها أكثر فسادا وعنفا. الحركة الوهابية في نجد والحجاز التي قام بها محمد إبن عبد الوهاب كانت المسؤولة عن تفريخ منظمات إرهابية مثل الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش. وقد قامت جحافل الوهابيين بغزوات لجيرانها تم خلالها إرتكاب مجازر يندى لها الجبين بإسم الله والإسلام.
إن تاريخ المسلمين مليء بالأحداث التاريخية التي يتم السكوت عنها بذريعة عدم الخوض في الفتن. فقد اختلف الصحابة فيما بينهم حول من يخلف الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم وهو لم يدفن بعد ولولا حكمة عمر إبن الخطاب رضي الله عنه لكانت وقعت فتنة عظيمة وسفك دم كثير. ومن بين أربعة من الخلفاء الراشدين, مات ثلاثة منهم بعمليات إغتيال. الحسن والحسين أبناء الإمام علي رضي الله عنه, الأول قتل اغتيالا بالسم والثاني بطريقة بشعة حيث حوصر مع عدد من أهل بيته من قبل جيوش الأمويين وقتل وقطع رأسه ليحمل إلى دمشق. معاوية إبن أبي سفيان وهو أحد الصحابة, خالف نص الإتفاق بينه وبين الإمام علي بأن لا يورث معاوية الحكم من بعده لأولاده وأن يعيدها شورى بين المسلمين وبايع لإبنه يزيد وهدد كل من لم يبايع بأن يضرب عنقه بالسيف وكانت تبريرات علماء المسلمين جاهزة بأن ذلك خوف من الفتنة ولمصلحة المسلمين. معاوية بن أبي سفيان والي الشام منذ أيام الخليفة السابق عثمان إبن عفان رضي الله عنه قاد تمردا مسلحا ضد علي إبن أبي طالب رضي الله عنه بذريعة الثأر لمقتل قريبه الخليفة عثمان إبن عفان رضي الله عنه ورفض البيعة حتى يقبل الخليفة بذلك واقتتل المسلمون في موقعتي صفين والجمل حيث قتل من المسلمين خلق كثير في كلا المعركتين. عمر بن عبد العزيز اغتاله أقاربه الأمويون بالسم لأنه كان أقرب للخليفة عمر بن الخطاب في الزهد والتقوى ومخافة الله في أموال المسلمين. تاريخ العباسيين صفحاته مسودَّة من كثرة عمليات القتل والاغتيال التي بدأت بقتل من تبقى من بني أمية ومن ثم قتل بعضهم البعض. الخلافة العثمانية تميزت بالدسائس الداخلية وقتل الخلفاء لأبنائهم والأشقاء أشقائهم. وفي وقتنا الحالي, حدث ولا حرج حيث تصدر فتاوى علماء المسلمين من البيت الأبيض ومن مبنى الكنيست الصهيوني وجميع الأعمال الإرهابية التي ترتكبها التنظيمات الأصولية تخدم أهداف وأغراض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
https://science-culture-knowledge.blogspot.com/2019/02/blog-post_22.html
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية
التعليقات (0)