أصبح واضحا للعيان وبلا أدنى شك أن تعذيب المصريين على أيدي رجال الشرطة المصرية ليس مجرد حالات فردية لبعض عناصر الشرطة، بعد أن تكررت تلك الحالات، وفى محافظات مصر المختلفة، ورصدت المراكز الحقوقية كثيرا منها، فبين الحين والآخر تتطاير الأخبار معلنة عن حالة تعذيب هنا وحالة هناك، ولم تعد العقول تهدأ أو ترتاح من ما تثيره هذه الوقائع من آثار نفسية سيئة على المصريين، فبعد أقل من شهر من حادثة مقتل خالد سعيد المعروف إعلامياً بـشهيد الإسكندرية الذي لقي مصرعه جراء التعذيب على أيدي قوات الشرطة في السادس من يونيو الجاري، - حسب رواية بعض الشهود -، ونشرت المدونات والمواقع الإخبارية والصحف صورا له وهو مهشم الفكين ومتدلي الشفاه وتظهر عليه آثار ضرب مبرح، تأتى حادثة جديدة تحمل نفس التفاصيل، مع اختلاف الأسماء والأماكن والنتائج.
هذه الحادثة هي قيام مخبري مركز شرطة بني عبيد بالمنصورة السبت الماضي بالاعتداء على محمد صلاح (18 سنة) سائق توك توك بالضرب والتعذيب في مركز الشرطة، والبداية كانت عندما قام محمد صلاح محمود غريب بتوصيل اثنين من مخبري مركز شرطة بني عبيد يوم 3 يوليو الساعة العاشرة والنصف مساء، فنشبت بينهم مشاجرة بسبب رفض المخبرين دفع ثمن التوصيلة إلى سائق التوك توك، وانتهت التوصيلة بإلقاء القبض على (محمد صلاح) واقتياده إلى مركز الشرطة حيث تم الاعتداء عليه بالضرب والتعذيب في غرفة رئيس المباحث، ثم إلقاءه من الدور الثالث من مبنى المركز .
وتم نقل محمد صلاح إلى مستشفى السلام الدولي التخصصي بالمنصورة التي أعدت تقرير مبدئي وردت فيه الإصابات التالي:كدمات في الوجه، كسر في الركبة، كسر مضاعف في الفخذ، كسر في الحوض، اشتباه نزيف داخلي، كسر في اليد اليمنى، اشتباه ارتجاج في المخ، شرخ في الجمجمة نتيجة اعتداء وقع عليه من آخرين.
تقدمت أسرته ببلاغ لنيابة دكرنس التي انتقلت إلى المستشفى لسماع أقواله لكن (محمد صلاح) كان قد دخل في غيبوبة قبل وصولها وهو حاليا في العمليات، وحرر المحضر برقم 2629/2010 جنح بني عبيد، والمحضر رقم 53 أحوال أول المنصورة الذي يتضمن تقرير المستشفى بالإصابات سابقة الذكر، وقام مركز شرطة بني عبيد بتحرير محضر لمحمد صلاح محمود غريب لقيادته توك توك بدون ترخيص.
انظر إلى تشابه الوقائع، تحرش رجال الشرطة بالمواطنين، واستغلال لهم، واستعلاء عليهم ينتهي بالتعذيب، وتلفيق التهم، وتحرير المحاضر المزورة للضغط على المجني عليهم وذويهم.
فهل يمكن مع تشابه الحوادث اعتبارها حوادث فردية بعيدة عن توجيه القيادات العليا؟ وهل يمكن بعد تكرارها إلا اعتبار أنها منهج ثابت في التعامل مع المواطنين؛ حتى يتم خرس ألسنتهم، وإذلال نفوسهم، فلا يفكرون في المطالبة بتغيير، أو رفع أعينهم في وجه ولى النعمة ومانح العطايا؟
وهل يمكن تفسير تكرر حادثة الدقهلية بعد أقل من شهر من حادثة الإسكندرية إلا أنه تعبير عن انتفاء الخوف من المحاسبة والملاحقة القانونية؟ وسكوت النظام عن هذه الممارسات لا يعنى سوى الرضا والمباركة، بل التوجيه المباشر لها..فمتى نفيق من هذا الكابوس؟
التعليقات (0)