اختلف الرأي وثار الجدل، حول التصويت على التعديلات الدستورية المصرية التي ستطرح للاستفتاء العام يوم السبت القادم التسع عشر من شهر مارس الجاري، ما بين مؤيد للتعديلات، ومعارض لها، ولكل رأى وجاهته وحججه المقنعة، فالمؤيدون يقولون أن التعديلات توفر الآتي:
إعادة الإشراف القضائي الكامل و غلق الباب أمام التزوير.
تخفيف شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية وتحديد مدة الرئاسة.
إلغاء قاعدة سيد قراره و احترام رأي القضاء.
تحديد فترة الطوارئ و استفتاء الشعب عليها .
إلزام المجالس المنتخبة بالبدء في عمل دستور جديد في أول انعقاد لها.
التمهيد لانتخاب الرئيس الجديد من خلال مجالس منتخبة غير مزورة.
والمعارضون يرفضون الترقيع، ويقولون نريد دستور كامل؛ لأن هذه فرصتنا الوحيدة لتغيير الدستور كله، وإلا سيأتي الرئيس الجديد ويفرض دستور جديد، يلبى رغباته، ويكرس للاستبداد..
وبتتبع توجهات من يرفضون التعديلات السياسية، نجد أنهم مختلفون، فمنهم فلول الحزب الوطني البائد، قد أجمعوا أمرهم، ودبروا التصويت بلا، ودعوة الناس لذلك، والهدف واضح، إطالة فترة الحكم العسكري، وتمديد الاضرابات والفوضى؛ حتى يسهل عليهم عمل الثورة المضادة، وهم الذين كنا نطالبهم ونظامهم الغير مأسوف عليه بالتغيير والإصلاح، فكانوا يعارضون بحجة الاستقرار، وأن التغيير سواء كان دستوريا أم رئاسيا سيؤدى إلى الفوضى في البلاد..
ومنهم العلمانيون، الذين يكرسون جهدهم لإلغاء المادة الثانية للدستور، التي تنص على أن دين الدولة الرسمي الإسلام، والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ولا أدرى كيف يتبجحون بذلك، مع أن المادة تتسق مع طبيعة الدولة.. دولة غالبية شعبها من المسلمين، ماذا يكون دينها الرسمي ؟ وهل تنفى هذه المادة حقوق المواطنة؟ اللهم لا ..وإذا كانوا علمانيين فلماذا لا يقتدون بالدول العلمانية في العالم أجمع..
ومنهم من قضت التعديلات الدستورية على تطلعاته الشخصية في الترشح لمنصب الرئاسة، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى منه..
ومنهم بعض الأحزاب الكرتونية المصرية، التي كانت تعقد الصفقات المشبوهة مع النظام البائد، من أجل بعض الفتات من المناصب والعضوية في مجلسي الشعب والشورى ..
ومن المعارضين للتعديلات أيضا مخلصون في معارضتهم، لكن فاتهم أن يفهموا طبيعة الظرف، وفقه الأولويات، ووضع الدولة الحرج، والفهم مقدم على الإخلاص، والمخلصون الذين لا يحكمون عقولهم، ولا يجيدون تقليب الأمور على وجوهها، يضرون أكثر مما ينفعون..
الرأي المعارض له وجاهته، لكن التوقيت لا يسمح، نريد الخروج من عنق الزجاجة، وعودة الاستقرار، ودفع عجلة الإنتاج، وإنقاذ الوطن، وتطهير البلاد، ثم لابد حتما أن يتغير الدستور كله، لما فيه من عوار ظاهر، لا سيما أن التعديلات تلزم الرئيس المنتخب القادم بضرورة تغيير الدستور كله عقب توليه مهامه، عن طريق لجنة منتخبة، وعرض هذا الدستور على الاستفتاء العام، والشعب له الكلمة الأخيرة، إما القبول أو الرفض، فلا مجال للتخوف من تكريس الاستبداد..
يقظة الشعب المصري هو الضمانة الوحيدة لحماية منجزات الثورة، والوعي السياسي له هو العاصم من الزلل أو الانحراف، والشعب الذي قدم الشهداء من أجل حريته وكرامته، لا يقبل أبدا أن يحكمه ظالم أو مستبد بعد اليوم، وتوعية الشعب مهمة المثقفين، ووسائل الإعلام، والجمعيات الوطنية والإصلاحية، بعد تطهيرها من أذناب النظام البائد، الذين يأكلون على كل الموائد، ويخافون أن يطالهم الحساب.. حمى الله مصر وأهلها..
التعليقات (0)