التعددية في العقل العربي
في عالمنا العربي كل شيء يسير عكس عقارب الساعة ، ولا علة واضحة لذلك المسير سوى أن العقل به ما به من الجهل والتخلف وعدم الإلمام بالأشياء ولذلك المرض العقلي جملة من الأسباب التي قد لا تخفى على أحد يستخدم عقله بالتفكير والتأمل ولو لبرهةِ من الزمن .
التعددية في عالمنا العربي لم تعد تعني كمفهوم التنوع والإختلاف والقواسم المشتركة وحماية التنوع وصيانته بالقوانين التي لا تُحابي أحد بل أصبحت تعني التخوين ولا أريكم إلا ما أرى ، في السابق كانت المجتمعات تعاني من سطوة التيار الديني والخطاب الوعظي واليوم تعاني من سطوة أدعياء التنوير والليبرالية والعلمانية بعدما انحسر مد التيار الديني وكأن القدر يضعها أمام خيارين لا ثالث لهما إما سوط التيار الديني وإما سوط أدعياء التنوير ، أدعياء التنوير لا يقلون تطرفاً عن أقطاب التيار الديني ومناصريه فالتيار الديني يستخدم مفردات التكفير والتفسيق والتخوين للتأثير على العقل الجمعي وتعزيز سطوته وإحكام قبضته على المجتمع ، أما أدعياء التنوير فيستخدمون مفردات الوطنية لتعزيز حضورهم في المشهد فمن يختلف معهم يرمونه بإنعدام الوطنية فيتلقف تلك التهمة المخدوعين بتلك الثُله فيصبح خصمهم في مرمى مراهقي الثقافة ولسان حاله يقول بئس الثقافة وبئس حاملها !
كل شيء لم يعد منسجماً مع الأطروحات التي طالما أشتغل عليها أدعياء التنوير فما كان يطرحونه في وأد والواقع في وأدِ أخر ، العقلية العربية تعشق الاستبداد وتعشق القمع فكل طائفة تستدعي السُلطة على خصومها وتقمع من يخالفها بأدواتها التي تُميزها عن الأخرى.
التعددية كمفهوم لا يمكن تطبيقها وصراع التيارات قائمُ على قدمِ وساق في وطننا العربي من محيطه لخليجة فذلك الصراع فصلُ من فصول الإستبداد الذي يُمارسه الفرد أو تمارسه الجماعة الواحدة كردة فعل على إستبداد تعيش في دائرته ، التعددية مصل لكثيرُ من المشكلات التي تعيشها مجتمعاتنا العربية وهي علاج بلا آثار جانبية فالتعددية تعني أختر طريقك وحريتك ومارس ما تعتقده صواباً في إطار القانون دون أن تؤثر على الأخرين أو تتسبب بضررِ ، لكن هل هناك تعددية في وطننا العربي أو على الأقل مؤشرات على التعددية بالتأكيد لا ، فالتعددية طيفُ واسع يتشكل منه أي مجتمع فهناك العلماني والليبرالي والمتدين والمُلحد والمعتنق لديانات سماوية وتاريخية قديمة الخ يجمعهم وطن واحد ويضبط العلاقة فيما بينهم قانون يحد من الصراعات فيما بينهم ويمنع ويُجرم خطاب الكراهية والتشويه والنيل من الأخر بأي طريقةِ كانت ،لن يكون في وطننا تعددية حتى وإن بلغت المحاولات عنان السماء فالعقل يعيش ردات فعلِ و يُفسر ذلك المفهوم وفق إيمانياته وقناعاته التي يراها صواباً لا تقبل الشك والتأويل فالحل يبدأ من العقل والعقل العربي مُحاط بأسلاك شائكه لم تكن لتوجد لولا المؤمنين بنظرية لا أريكم إلا ما أرى الفرعونية .
@Riyadzahriny
التعليقات (0)