التعالي قي السياسة

وأخيرا قرر مراسلة قيادات ستة أحزاب حصلت على 80 بالمائة من أصوات الناخبين في اقتراع 12 يونيو الماضي، مع استثناء مراسلة قيادات حزب العدالة والتنمية، وذلك "من أجل عقد تحالف والتباحث حول القواسم المشتركة التي تجمع هذه الأحزاب، وتجاوز العداوات التي ظهرت مؤخرا، وجعل محطة تشكيل مجالس الجهات والأقاليم فرصة للتنسيق بين المكونات الحاملة لنفس المشروع السياسي والفكري".
وقبل هذا الإجراء، تصدر نتائج الانتخابات المهنية الممهدة الانتخابات مجلس المستشارين.
وقبل ذلك بقليل، استجيب لطلبه بإرسال وزارة الداخلية للجنة مركزية لكشف حيثيات انتخابات مقاطعة المنارة بمراكش، والتي أفضت بسرعة البرق إلى إعفاء منير الشرايبي والي جهة مراكش تانيسفت- الحوز طبقا لتقرير لجنة الداخلية.
وقبله أيضا، اجتمعت أحزاب وأصدرت بلاغات تنديدية على إثر رسالة نائب برلماني للسفير الفرنسي، بتواز مع بلاغ وزارة الداخلية والخارجية في نفس الموضوع.
وقبل ذلك بأيام، تم إجهاض تحالف مدينة وجدة، وما تلاها من أحداث كانت له اليد في جزء منها حسب المتضررين.
وقبله بقليل، تصدر انتخابات 12 يونيو الجماعية باستقطابه لمجموعة من النواب الرحل واستقدام فئة الأعيان الذين يتلوّنون حسب الفصول السياسية مثل الحرباء، ضاربا عرض الحائط تراكم نضالات أحزاب وطنية وتاريخية، ثم عبر إقحامه لرمز المَلك في صراع حزبي ضيق بكونه يمثل مشروع جلالته وقاد التحالفات الانتخابية على هذه القاعدة.
وعودة على بدء، نطرح السؤال التالي، أية قواسم مشتركة، مثلا، تجمع بين حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يمثل اليسار الإصلاحي وحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يمثل الحزب الإداري، ثم كيف سيحصل هذا الاتفاق وهو الذي جلب عداوات كل هذه الأحزاب، حيث حارب الاتحاد الاشتراكي حين وصفه بـ"الوافد الجديد" وهاجم التجمع الوطني للأحرار لأنه ينافسه في صفتي الحزب الإداري والمخزني، وحارب العدالة والتنمية لأنه مرفوض من جهات عليا، وهدد بحجب الثقة عن الحكومة بالنزول إلى المعارضة، واحتج على الداخلية عبر مقاطعة مستشاريه لحفل نظمه شكيب بن موسى على شرف رؤساء المجالس المنتخبة بمقر وزارته، واحتج على القضاء ضدا على حكم المحكمة في إعفاء عمودية مراكش. كما أن التقارير الصحفية تتحدث عن ارتفاع ضحاياه بدءا بمنير الشرايبي والي مراكش، مرورا بمحمد خباشي المدير السابق لوكالة المغرب العربي للأنباء لأنه أقصى "البام" من قصاصات وكالته، وصولا إلى نور الدين أمزازي الوالي المدير العام للشؤون الداخلية لأنه لم يكن متحمسا لمشروعه الجديد. وبهذا الاجراء يمكن أن يكون أي مسؤول كيفما كان مستواه ضد المشروع الجديد لـ"البام" حتى يَثبت العكس.
هذا الذي ولد صغيرا وهجينا بـ"تزاوج" أسماء معروفة وأحزاب ميكروسكوبية وأعطى جمعية "لكل الديمقراطيين"، التي عبر أصحابها عن نيتهم في عدم تأسيس حزب سياسي بل جمع شتات الديمقراطيين بالمغرب فقط.
أصحاب "التراكتور" أشبه بالذي قال لقومه في الزمن الغابر "أنا ربك الأعلى" والفرق هو أن هؤلاء في عصرنا وفي المغرب ومن أجل إعادة ترتيب المشهد السياسي. وحتى يصبح المسلسل أكثر تشويقا، فقد نسمع عجائب أخرى ورجات حيث قال المغاربة في هذا الشأن "عيش نهار تسمع أخبار".