الحقيقة التاريخية التى نصر على انكارها باستمرار بالنزعة التعصبية القومية العربية هى ان ارض اسرائيل هى مهد الشعب اليهودى ووقعت فيها احداث هامة وتكونت فيها الهوية الثقافية والقومية والدينية لليهود ولم تنقطع صلة الشعب اليهودى بارضه رغم سنوات المنفى الطويلة ومع تاسيس دولة اسرائيل عام 1948 استعاد الشعب اليهودى استقلاله الذى فقده منذ 1000 عام وفى التاريخ المعاصر ظهرت الصهيونية وهى حركة التحرير القومية لليهود والصهيونية تعنى استرداد الشعب اليهودى لوطن ابائه واجداده وتبلورت الصهيونية السياسية ردا على الاضطهاد وملاحقة اليهود المستمرة فى اوروبا الشرقية والتى افرزت محرقة الهولوكوست فى المانيا التى قام بها النازى المتعصب ادولف هتلر ونتيجة لخيبة الامل المتزايدة من حركات التحرر فى اوروبا الغربية والتى لم تضع حدا لتمييز ضد اليهود ولم تقم بدمجهم فى المجتمع المحلى وحين عقد المؤتمر الصهيونى الاول فى بازل بسويسرا بدعوة من الدكتور تيودور هرتزل وتاسست المنظمة الصهيونية العالمية 1897 اصبح للحركة القومية وجود رسمى وكان برنامج الحركة يشمل عناصر ايديولوجية وعملية تضمن عودة اليهودالى ارضهم وتامين وطن للشعب اليهودى فى بلاده التاريخية ليتمكن اليهود من العيش كاحرار فى وطنهم بعيدا عن الاضطهاد والتمييز ضدهم وفى عام 1967 اجتمعت الدول العربية ضد اسرائيل للقضاء عليها بعد الهجمات السورية المستمرة ضدها والحصار المصرى وخلال عام 1977 بعد فوز كتلة الليكود وتولى مناحيم بيجن رئاسة الوزراء دعا الى احلال السلام الدائم فى الشرق الاوسط وتم كسر الحلقة المفرغة من رفض الدول العربية لنداءات السلام الاسرائيلية حين قام رئيس مصر الراحل انور السادات بزيارة القدس نوفمبر 1977 وتوقيع معاهدة كامب ديفيد 1978 برعاية الولايات المتحدة وفى عام 1979 وقعت اسرائيل معاهدة سلام مع مصر فى واشنطن لتنهى 30 عام من الحروب المستمرة وادت ثلاث سنوات من المفاوضات بين الاردن واسرائيل فى اعقاب مؤتمر مدريد 1991 الى صدور بيان الملك حسين ورئيس الوزراء اسحق رابين فى 1994 ينهى حالة الحرب بين البلدين التى استمرت 46 عاما وتم التوقيع على معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية فى معبر العربة قرب ايلات والعقبة فى 1994 بحضور بيل كلينتون الرئيس الامريكى الاسبق اما منظمة التحرير الفلسطينية فكانت تمارس الارهاب المستمر ضد اسرائيل من خلال بنود الميثاق الوطنى الفلسطينى التى تنكر حق اسرائيل فى الوجود وتولت هذه المنظمة الدور القيادى فى الحملة الارهابية خاصة خلال السبعينات والثمانينات وارتكبت اعتداءات مستمرة منها قتل 11 رياضيا اسرائيليا خلال دورة الالعاب الاولمبية فى ميونيخ 1972 رغم تعهد المنظمة بالتخلى عن الارهاب عام1993 من خلال ميثاق اعلان المبادىء وتصعيد العتداءات عام 2000 ضد تل ابيب راح ضحيتها اكثر من 1000 مدنى اسرائيلى ابرياء وفى عام 2005 وبعد انسحاب اسرائيل من قطاع غزة واربع مستوطنات شمال السامرة ورغم ذلك استمرت اعمال العنف ضدها بعد تولى حكومة حماس الاسلامية مقاليد الحكم فى السلطة الفلسطينية واطلاق صواريخ القسام على التجمعات السكنية وخطف الجندى جلعاد شاليط وفشلت المحادثات بين سوريا وتل ابيب عام 2000 بسبب دعم سوريا لايران والمنظمات الارهابية الكثر عنفا وخطورة مثل حزب الله وجماعات فلسطينية ارهابية على راسها حماس وفى عام 2000 ايضا انسحبت اسرائيل من جنوب لبنان والمنطقة الامنية وتطبيق قرار مجلس الامن الدولى رقم 425 ولم يمتثل لبنان للقرار الدولى ولا للقرار رقم 1559 الذى يدعو الى تفكيك حزب الله ونشر الجيش اللبنانى بالجنوب وانفجر العنف مرة اخرى بعد خطف حزب الله لجنديين اسرائيليين واقدامه على قصف مدن الشمال الاسرائيلى خلال عام 2006 وتم اطلاق اكثر من 4000 صاروخ على اهداف مدنية داخل اسرائيل وهذه الصواريخ مقدمة من سوريا وايران وكل هذه الاسباب اصبحت تعرقل السلام مع اسرائيل فالرؤية الايديولوجية لهذه المنظمات الارهابية ترقض السلام وتعتمد على نظرية الابادة الشاملة لليهود والقاءهم فى البحر وفقا لمنطلق دينى اصولى يستمد جذوره من الاسلام وعلى الرغم من مرور حوالى 50 عام على معاهدات السلام العربية الاسرائيلية الا ان الشعوب العربية ما زالت ترفض هذه المعاهدات والعتراف بها وترفض العتراف باسرائيل وحق اليهود فى الوجود وبالتالى ترفض هذه الشعوب السلام والتطبيع مع اسرائيل وتعتبرها كيان العدو الازلى الذى يجب ابادته مع غياب مفاهيم التسامح والعتراف بالاخر المغاير لدى الشعب العربى الذى لا يرى سوى ذاته مستمدا هذا التوجه التعصبى من المفاهيم الدينية والقومية التى تكن العداء والحقد العنصرى ضد اليهود
وعلى الرغم من ان اسرائيل تنادى باستمرار بالتطبيع وقبول الاخر وفتح نوافذ للحوار العربى اليهودى حتى قامت الخارجية الاسرائيلية بانشاء موقع التواصل للتعرف على الحضارة اليهودية والتاريخ والقيم اليهودية الا ان الشعوب العربية والاعلام العربى المنحاز يرفض كافة نداءات التطبيع وقيم التسامح والتعددية ويبقى فقط على تكرار مقولة الابادة حتى المناهج الدراسية العربية تصور اليهود كمصاصى دماء وتبث وتغرس التعصب العنصرى الشديد ضد اليهود وحضارتهم والحقيقة عكس ذلك تماما ولا بد من الشجاعة من قبل بعض المثقفين العرب اليبراليين والعلمانيين لاعلان التطبيع الحضارى والثقافى مع اسرائيل وعدم الجرى وراء غوغائية وتعصب شعبى وترجمة الكتب اليهودية والتاريخ الحضارى لليهود الى اللغة العربية وكذلك وقف التحريض المستمر فى الدراما والسينما العربية ضد اليهود دون دراسة الثقافة والحضارة اليهودية وقيم التسامح والديمقراطية فيها وهى قيم ما زالت مفقودة داخل الثقافة العربية وبناءها العنصرى المتعصب الذى يرفض الخر ويكرر نظرية الانا فقط على هؤلاء المثقفين والكتاب الاحرار ان يكونوا سفراء سلام جدد بين اسرائيل والعالم العربى لنشر الفكر التنويرى والتعددية وقبول الاخر المغاير وللتواصل ومعرفة المزيد عن الثقافة والحضارة اليهودية
التعليقات (0)