التضحية بالذهب .. موقف عز
كثيرة هي المواقف التي ينبغي على الإنسان أن يكون حكيما ومفكرا فيها ، وكثيرة هي المواقف التي تحتم عليه اتخاذ قرار ، قرار ربما يندم عليه العمر كله ، وربما يخلد اسمه في سجل الخالدين ، وسيبقى ما عاش فخورا بهذا القرار ، وكثيرة هي المواقف التي تثبت أن الرجولة ليست فسيولوجية كما هي البطولة أيضا ليست فسيولوجية ، فثمة الكثير من الأبطال من الجنس ( اللطيف ) وهن الأخوات والأمهات الكريمات .
تلك الرجولة بمعناها الشامل والتي تنطوي على الإحساس العظيم بالكرامة الإنسانية ، والنخوة والشهامة ، والترفع عن الصغائر ، والارتقاء عاليا نحو ذرى المجد ، حيث هناك يصنع الأبطال .
كنت أتابع مجريات الأحداث النهائية لمونديال كاتانيا في جنوب ايطاليا للمبارزة بالسيف .. بشغف وأنا أتطلع إلى فوز البطلة العربية التونسية ( عزة بسياس ) ذات الثانية والعشرين ربيعا ، وهي تلعب الدور قبل النهائي ، لتتأهل إلى نهائي البطولة ، ولكن بطلتنا العربية التونسية أخت .. محمد بوعزيزي وإخوانه من التونسيين الأحرار الذين لم يقبلوا الذل .. والذين قدموا دمائهم على مذبح الحرية والكرامة ، أنا لها ان تقبل ما تعرف انه خطأ بحقها وحق شعبها وقضيتها ..
رفضت مبارزة منافستها ( الصهيونية ناعومي ميلس )، حيث وقفت بلا حركة فوق المنصة لتتجنب عقوبة الاتحاد الدولي ، لتضحي بذهبية العالم للمبارزة .
وعندما تضحي ( عزة بسياس ) في التتويج بالميدالية الذهبية، ونيل لقب بطولة العالم، فإنها تضرب أروع الأمثلة لقوة الشكيمة والأنفة والعزة والكبرياء والرجولة .. رجولة الموقف ..الذي عجز ويعجز عنه الكثير من الساسة والقادة العرب .
هي لحظة وقوف يقف العالم ينظر إلى ( عزة بسياس ) وهي تلطم وتصفع الصهيونة وكيانها الهزيل القائم على أسس الاغتصاب والظلم والاستعمار والقهر والاستبداد وشتى صنوف الانتهاك لحقوق الإنسان والقانون الدولي . على أعين العالم اجمع .
هي لحظة تقرر فيها عزة وقفة عزة ليتذكرها العالم الحر وأحرار العرب إلى ابد الآباد وعلى مر التاريخ بحروف من نور وذهب ، وهي إذ تخسر ذهبية ( مونديال كاتانيا ) فإنها كسبت منجما من الذهب في قلوب الملايين من العالم والعرب والمسلمين والمضطهدين في العالم اجمع .
وإذا كانت الميدالية الذهبية آلت للمنافسة الصهيونية "ناعومي ميلس". فانها لم تكسب بقدر ما خسرت أمام شاشات العالم كما خسرت معها اسرائيل وقيادتها التي تعيش هذه الأيام أكثر لحظاتها ارتباكا .
ومما يجدر ذكره هذه ليست المرة الأولى التي تشهد مقاطعة رياضيين عرب أو مسلمين لمنافسيهم الصهاينة، تعاطفا مع الشعب الفلسطيني، ورفضا للاعتداءات الصهيونية المتكررة على الفلسطينيين.
فخلال الأسبوع الماضي رفضت مصارعة الجودو الجزائرية ( مريم موسى ) خوض المباراة التي كان من المقرر أن تجمعها بالمصارعة الصهيونية ( شاهار ليفي) ، ضمن بطولة العالم التي دارت وقائعها بالعاصمة الإيطالية روما .
التعليقات (0)