النبي صل الله عليه وسلم أشرف بنفسه على تربية أصحابه رضوان الله عليهم وقام بعمل دورة تجهيزية للعطاءات الإلهية، وكانت هذه الدورة تشتمل على :... تنقية النفوس ،... وطهارة القلوب. تنقية النفوس من الرذائل، والصفات التي تحرم الإنسان من الأنوار وتمنعه من فضل المنعم العزيز الغفار: كالحقد، والحسد، والبغض، والكره، والطمع، والأثرة، والأنانية، والشح، وغيرها من الصفات التي بينتها الآيات القرآنية، ووضحتها الحضرة النبوية، وركز عليها في دورته التأهيلية...خير البرية .وعنوان هذه الدورة من قوله تعالى فى [ الحجر]:
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)
ثم بعد ذلك القسم الثاني في الدورة:
دورة التأهيل التي قام بها البدر المشرق المنير .
تأهيل القلوب.وذلك بتنقيتها من أمراض القلوب،
وأعظمها وأخطرها مرض الكبر!؛ لأنه يمنع الإنسان من أي فضل ينزل من حضرة الرحمن :{{ مكتوب على باب الجنة: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر }}
وغيرها من الأمراض التي أشارت إليها الآية التي وردت في شأنها : فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ [60 الأحزاب]
وهى الموسومة بصفات النفاق، فلا بد للإنسان أن يتطهَّر
من أوصاف النفاق، وأحوال المنافقين؛ ليكون من عباد الله الصالحين... [التوبة].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ )
أي لتكونوا صدِّيقين.وهذه الدورة اسمها: دورة تزكية النفوس، أي: طهرة النفوس، وتصفية القلوب. من الذي حضرها؟ :
أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب،
وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، ومصعب بن عمير، وحمزة بن عبد المطلب، وغيرهم من الوجوه النيرة، التي حملت على أكتافها لواء تبليغ دعوة الله ؛ رغبة في رضاه، لا يرجون من وراء جدهم وجهادهم مناصباً، ولا مكاسباً فانية، وإنما يرجون
مناصباً راقية ومكاسباً باقية عند حضرة الباقي [الآية (28) سورة الكهف]:( يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ) لا يريدون إلا وجه الله جلَّ في علاه، حتى أنهم وصلوا إلى درجة لم يعد لغير الله في قلوبهم نصيب ولو كانوا الآباء، والأمهات، والأخوات؛ لأنهم لا يعرفون إلا الله، ولا يحيدون عن منهج الله طرفة عين ولا أقل.انظر إلى الإمام عمر بن الخطاب بعد موقعة بدر:قال للحبيب : يا رسول الله، أعطني فلانا - قريبا له- وأعطِ أبا بكر فلانا - قريبا له-، وذكر أصحاب رسول الله من علّية المهاجرين وأقربائهم، وقال: أعطهم لنا، لنقتلهم بأيدينا، حتى يعلم الله أن قلوبنا ليس فيها هوادة لسواه. ولن تقوم قائمة يا إخواني للإسلام والمسلمين في كل زمان ومكان؛ إلا إذا وُجِدَ رجالٌ من هذا الطراز؛ لا يحابى الرجل منهم أحدا - حتى ولو كان ابنه أو ابنته - لأنه يرجوا رضا الواحد الأحد. لا يجامل الناس بكلام، ولا يرائي الخلق، وإنما إذا قال فعل. هؤلاء هم الرجال الذين قيل فيهم القائل :"إن لله رجالا إذا قالوا فعلوا"وقد دربهم الحبيب على ذلك، وأهّلهم لذلك.حتى كان الرجل منهم لا ينطق بكلمة واحدة إلا إذا قدّرها، ودبّرها، ودوّرها في آفاق فكره، وعرضها على نور قلبه، ثم عرضها على شرع ربه :
فإذا وافقت كل ذلك أخرجها!، وإلا كتمها ولم يخرجها !.ومن ضمن جلسات هذا البرنامج المبارك:جلسات غريبة وعجيبة في نظر كثير منا؛ فمجالس ذكر الله، ومجالس العلم، ومجالس قراءة القرآن مجالس متعارف عليها...ولكن ما يستدعى العجب :......... مجالس الصمت ……:وهى التي قال فيها سيدنا أبو بكر رضى الله عنه وأرضاه :{ كنا نتعلم الصمت كما تتعلمون الكلام }.أي كان هناك حلقة يتعلمون فيها الصمت؛ حتى لا ينطق أحدهم إلا بما يستطيع فعله،وهذا هو حال المؤمن. فالنذر فرض ومن الذي فرضه على الإنسان ؟ الإنسان نفسه..وإذا نذر، ولم يفِ :.حاسبه على ذلك الله،...لماذا ؟ ليتعود على أنه إذا قال فعل، وإذا وعد فلا بد أن يفِ، هل هناك أحد يرغم الإنسان على النذر؟ كلا !..لكن عندما ينذر لا بد أن يفِ بنذره.وكذلك الزواج كلمة!، والطلاق كلمة!.فالكلمة لها وزنها عند رجال الله،
ودرّبهم على ذلك سيدنا رسول الله ، ولذلك كانت شهادة التخرج التى حصلوا عليها :{ علماء حكماء فقهاء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء } من الذي أعطاهم هذه الشهادة؟ صاحب الحسنى والزيادة ، قال تعالى فى الآية 24 سورة الحج :وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) وتفصيل ذكر أحوال هؤلاء الرجال يطول بنا لكن حسبنا أن نبين أن أول مدرسة في الصفاء والنقاء والتصوف كانت دار الأرقم بن أبى الأرقم في مكة المكرمة وكان عنوانها:( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى{14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) [الأعلى] لقد وصلوا إلى حالة من المعرفة. حتى أن الرجل منهم ، وعلى سبيل المثال: سيدنا أبو بكر الصديق اتخذ له حجرة في بيته يقرأ فيها القرآن، فكان العبيد والنساء والصبيان والرجال يحيطون بمنزله ليستمعون إلى تلاوته للقرآن، ولا يستطيع أحد من ذويهم أن يأخذهم بالقوة، لأنهم مأخوذون بتلاوة أبى بكر في القرآن....حتى حدثت ثورة في مكة !!، وذهب أكابرها إليه يطالبونه بالخروج منها!، أو يقرأ القرآن سرا، ولا يرفع به صوته وكذلك مصعب بن عمير :عندما دخل المدينة! بم فتح قلوب أهلها؟ بتلاوة القرآن.....لقد كان عندما يقرأ القرآن يعتصر قلبه؛ فيشد النفوس، ويجذب القلوب إلى هذا الكلام....حتى كان يُسَمَّى في المدينة: المقرئ، لأنه يقرأ القرآن .. وأى قراءة..!!.فكانت وسيلة دعوته هو وإخوانه هي قراءة القرآن، لكنها من قلوب انفعلت بالقرآن !، وعظّمت القرآن !، فأثرت فيمن يستمع إلى تلاوتها، لأنهم تربوا على هدى النبي العدنان .http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175
التعليقات (0)