البحرين ذلك الاسم الذي كان يطلق قديما على البلاد الواقعة على الساحل الغربي للخليج العربي أي المنطقة الواقعة بين مسقط والبصرة, ثم اختزل الاسم, وصار مقصوراً اليوم على تلك الجزيرة الرابضة الصغيرة مساحة والكبيرة تأثيرا في قلب الخليج العربي .
دخلت الإسلام عندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي ولكن كثيرا منهم ارتدوا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم , فانطلق العلاء الحضرمي والجارود بن عبد القيس لتأديب المرتدين وانضم إليهما جيش خالد بن الوليد وذلك في عهد الصديق رضي الله عنهم, فعادت بلاد البحرين إلى الإسلام.
وكانت هذه البقعة الصغيرة ميدانا للحرب ومطمعا للخارجين على الدولة الإسلامية للسيطرة عليها ومحاولة سلخها من العقد الإسلامي السني العربي فدارت فيها حروب كثيرة مع الخوارج وصاحب الزنج والقرامطة لموقعها المميز, وأهميتها لخطوط الملاحة وانتشار الزراعة وصيد اللؤلؤ .
ولم تختلف العصور الحديثة عن سابقتها بالنسبة للبحرين إذ كانت - وهي تحت راية الخلافة العثمانية - الدولة الصفوية الشيعية المجاورة في ايران قد عقدت مع الدول الاستعمارية كالبرتغال وأسبانيا والمجر والبندقية اتفاقيات مشبوهة سيطر بسببها البرتغاليون على البحرين واستلبوا خيراتها , وذلك من أجل القضاء على الدولة العثمانية السنية ووقف فتوحاتها في أوروبا .
على مدى ستمائة سنة وهو عمر الدولة الصفوية الشيعية لم تتوقف عن عرقلة الدولة العثمانية بالحرب حينا وبالمكر والحيلة والخيانة أحيانا أخر , فبعد في موقعه جالديران سنة 1514م التي انتهت بهزيمة نكراء للصفويين أخذ الشاه اسماعيل الصفوي يقيم العلاقات مع الدول الغربية من أجل القضاء على العثمانيين, وأثمرت تلك العلاقات عن اتفاقية بينه وبين البوكرك, الحاكم البرتغالي في الهند كان من بنودها : أن تتحد الدولتان في مواجهة الدولة العثمانية وأن تصاحب قوة بحرية برتغالية حملة إيران على البحرين والقطيف وأن لا تتدخل حكومة إيران في شئون جزيرة هرمز على أن يبقى حاكمها تابعاً للبرتغال .
وبعد عقود من سيطرة البرتغاليين والصفويين على البحرين تتمكن قبيلة عتبة العربية من تحريرها وطرد الإيرانيين منها لتحكمها عائلة آل خليفة إلى اليوم .
وبخصوص سكان البحرين , فإن أمر تعداد السكان في البحرين وتصنيفهم يظل مادة جدال كبير إذ أنه كثيرا ما تخالف التعدادات للحقيقة لعرضه نتائج تخالف العقل والمنطق , فعلى سبيل المثال مركز ابن خلدون يعلن في عام 1993 م أن نسبة السنة تعادل نسبة الشيعة بـ 45% من عدد السكان إلا أنه بعد ست سنوات فقط يقوم بتعداد آخر ويذكر أن الشيعة نسبتهم 70% من سكان البحرين مما يثير الشكوك حول نتائجه بالاضافة إلى أن نفس المركز فعل نفس الشئ تقريبا في تعداده للعراق , غير أن دراسات كثيرة لمراكز بحثية ومتخصصيين تحدثت حول أغلبية سنية في البحرين .
ويتعمد الإيرانيون - بأسلوب استيطاني - تغيير الطبيعة السكانية بكثرة النزوح إلى الدول التي توجد بها نسبة شيعية والاستيطان فيها حتى تتحقق لهم الأغلبية العددية ويحدث ذلك مع العراق والبحرين والجزر الإماراتية .
وقد تبدلت الحالة الفكرية تماما لدى الشيعة العرب في البحرين بعد قيام ثورة الخوميني سنة 1979 كغيرهم من الأقليات الشيعية في البلدان العربية إذ يمموا قبلتهم الفكرية والثقافية نحو طهران وأصبحوا يتبنون النظرية الفكرية الايرانية حتى لو خالف ذلك مصلحة بلادهم وأمنها القومي وأصبحوا كطابور خامس ينخر في المجتمعات العربية ليقوضها لصالح الفكرة الفارسية التي تتبناها الدولة والثورة الإيرانية
فرغم أن هذا الشعور كان موجودا قبل الثورة الإيرانية بكثير نظرا للموروث الثقافي الذي خلفته الدولة الصفوية - كما يقول أمين الريحاني في كتابه "ملوك العرب" الصادر سنة 1924 ص721 ما يلي: وهي (البحرين) على صغرها عامرة بمئتي ألف من العرب والأعاجم من الشرق والغرب, بيد أنها لا تزال عربية الأصل والحكم, عربية اللغة والروح, لأن أكثر سكانها من العرب الأصليين, عرب نجد, وفيهم من المذاهب الإسلامية المالكي والشافعي والحنبلي, أما الجعفريون فهم مثل الهنود يعدون من الأجانب لأنهم إيرانيون أو إيرانيو التبعية " - إلا أنه تنامي بعد ظهور الخوميني وثورته .
ولا تزال إيران تتعامل فكريا وحضاريا وثقافيا مع البحرين باعتبارها تابعة لها ولهذا كانت لا تعترف بجوازات السفر التي كانت تصدرها البحرين لأنها تعتبرها إحدى المحافظات الإيرانية كواحدة من إرث مملكة فارس القديمة .
ويعمل كثير من شيعة البحرين دوما على إظهار ولائهم وتبعيتهم الفكرية والثقافية لإيران في كافة تجمعاتهم فتتصدرها أعلام إيران وصور قادتها الخوميني وخامنئي وكذلك أعلام حزب الله اللبناني التابع لإيران .
وعلى الرغم من إظهارهم لعدم الولاء للبحرين وتقديم الولاء الإيراني حاولت القيادة في البحرين ضمان تمثيلهم في المجالس النيابية والحكومة بما يتناسب مع توزيعهم السكاني , ففي انتخابات قريبة حصل السنة على سبعة وعشرين مقعداً بينما حصل الشيعة على ثلاثة عشر مقعداً في المجلس المنتخب وفي المجلس المعيّن تمّ تعيين ثمانية وثلاثين سنيّاً وشيعياً مناصفة , وفي الحكومة التي شكلت بعد إجراء الانتخابات النيابية عُين العديد من الشخصيات الشيعية كوزراء في الحكومة , فهل يطمع المسلمون السنة في طهران في بناء مسجد سني ليؤدوا فيه صلاة الجمعة ؟!
وحاولت التجمعات الشيعية في البحرين إقامة تجمعات معارضة والنزول إلى الشارع بغضب بالغ للمطالبة بتحويل البحرين إلى دولة شيعية بالسيطرة عليها وقامت إيران بدعمهم بشكل كامل .
أما عن أهم التجمعات الشيعية في البحرين , فهناك العديد من المؤسسات الشيعية في البحرين نذكر بعضها بحسب مؤسسة راصد السنية , مثال جمعية الوفاق الوطني الإسلامية , جمعية العمل الإسلامي , جمعية الرسالة الإسلامية , جمعية الرابطة الإسلامية , جمعية التوعية الإسلامية
كما أن هناك مظاهر أخرى بارزة تشير إلى ممارسة الشيعة لدور كبير في البحرين - بحسب نفس المؤسسة - منها:
1-تأسيس وصدور صحيفة الوسط اليومية التي يرأس تحريرها معارض شيعي بارز
2-دعم وتيسير المشاركة في المناسبات الشيعية كعاشوراء والمآتم, ودعمها وتسهيل دخول المشاركين فيها من دول أخرى كإيران والعراق وسوريا.
3-التسهيل لعودة المعارضين الشيعة من الخارج, وممارستهم لحياتهم الاعتيادية داخل البحرين, ومنهم الجمري والعلوي وعلي سلمان.
4- تدريس المذهب الشيعي الجعفري في المدارس .
التعليقات (0)