مواضيع اليوم

التشكيك في التوراة كمرجعية تاريخية

اوس العربي

2010-12-30 18:59:45

0

 علماء آثار إسرائيليون يشككون في التوراة كمرجعية تاريخية

هل هي بداية تفكيك أسطورة الدولة العبرية؟
علماء آثار إسرائيليون يشككون في التوراة كمرجعية تاريخية


تحكي التوراة أن الملك داود كان قائداً عسكرياً مغواراً، لم يستولِ على القدس فقط، ولكنه واصل غزواته ليجعلها مركز امبراطوريته، موحداً مملكة جوديا وإسرائيل.

وبذلك بدأ عصر مجيد، عززه بعد ذلك ابنه الملك سليمان، الذي امتدّ نفوذه من حدود مصر إلى نهر الفرات. ثم حدث الانهيار.

ومع ذلك، اكتشف علماء آثار إسرائيليون أن قصة التوراة لا تتفق مع الدليل المادي؟ فهل كانت قدس داود حقيقةً مكاناً ريفياً منعزلاً، وأن عظمة إسرائيل وجوديا كانت حلماً بعيداً؟

وقد جاءت هذه التأكيدات أخيراً من بعض سلطات الآثار الإسرائيلية، الذين يتحدثون في ضوء مكتشفات الحفائر والتنقيب في الماضي البعيد.

يقول إسرائيل فنكلستين، مدير معهد الآثار بجامعة تل أبيب، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز: "استناداً إلى فهمي للمكتشف، ليس هناك أي دليل على الإطلاق يثبت وجود مملكة موحدة عظمى حكمت من القدس أقاليم ضخمة"، وأضاف: "إن قدس الملك داود لم تكن أكثر من قرية فقيرة في ذلك الوقت".

وذكرت الصحيفة أن آراء فنكلستين ـ الذي يقود عمليات التنقيب في مجيدو "Mejido، الكنعانية  موقع هام للحفائر التوراتية في شمال فلسطين  ـ حققت له الشهرة كعالم أكاديمي مثير للإعجاب، ولكنه مثير للجدل أيضاً.

وقد اكتشف أن بعض البنايات التي عثر عليها في مجيدو، والتي كانت تنسب إلى عهد سليمان، قد بنيت بالفعل بعد حكمه، ولكن هذا الرأي أو الاكتشاف قد أثار جدلاً حاداً في ما يسمى  إسرائيل.

تـحــوُّل في فهم ماضي (إسرائيل)

وما يقوله عالم الآثار الإسرائيلي يعكس في إطار سياق أوسع، تحولاً مذهلاً يجري الآن في فهم عدد من علماء الآثار لما يسمونه بماضي إسرائيل. فتفسيراتهم تتحدى بعض أشهر قصص التوراة، مثل غزو يشوع لكنعان، كما أظهرت مكتشفات أخرى معلومات جديدة تكمل قصص التوراة، مثل ما حدث للقدس بعد أن استولى عليها البابليون منذ2600 سنة.

وفي مقابلة أجرتها الصحيفة الأمريكية عن طريق البريد الإلكتروني، قال فنكلستين من موقع (مجيدو): "إن التاريخ التوراتي، منذ عهد ليس ببعيد،كان يملي مسار البحث والتنقيب الذي استخدم "ليثبت" الرواية التقليدية، ونتيجة لذلك، اتخذ علم الآثار المقعد الخلفي كتخصص علمي".

وقال فنكلستين: "أعتقد أن الوقت قد حان لكي نضع علم الآثار في المقدمة".

ويمكن تصوير إشارته إلى الممارسات السابقة، بعبارة قالها ذات يوم إيغال يادين، الجنرال الإسرائيلي الذي تحول إلى التنقيب عن الآثار، وهي: "البحث عن الآثار بمجراف في يد وتوراة في اليد الأخرى".

وقد شارك كثير من علماء الآثار، قبل وبعد إنشاء دولة ما يسمى إسرائيل في نهج مماثل: وهو البحث عن الدليل المباشر للقصص التوراتي. وقد اتخذ هذا النهج من منطلق العقائد الدينية والمعتقدات أو ـ الأهداف ـ السياسية، كما تقول إيمي دوكسر ماركوس، مؤلفة كتاب "المشهد من نيبو"، الذي تصف فيه بالتفصيل التحول في علم الآثار الذي يجري حالياً في ما يسمى  إسرائيل.

وقالت إن مشكلة هذا النهج هي "أنك لا تملك إلا أن تذهب وتنظر إلى المادة وتفسر المادة بطريقة معينة تؤدي إلى أخطاء معينة".

وفي كتاب إيمي ماركوس ـ وهي مراسلة سابقة لصحيفة وول ستريت جورنال في الشرق الأوسط ـ تقول المؤلفة إن إيغال يادين يعتقد أنه قد عثر على دليل في أطلال مكان يسمى "حازور" أكد الرواية التوراتية عن كيف دُمّرت مدينة كنعانية، وتقول التوراة إن حازور سقطت في أيدي الإسرائيليين الغازيين بقيادة يشوع.

ولكن في الوقت الحاضر تقول إيمي ماركوس، توصل عدد متزايد من الأثريين إلى الشك في أن حملة يشوع قد وقعت على الإطلاق، وبدلاً من ذلك، ينظرون أن الإسرائيليين القدماء ظهروا تدريجياً وبطريقة سلمية من بين شعوب المنطقة بصورة عامة كنشوء ديموغرافي، وليس غزواً عسكرياً، "وهذا يمكن من تفسير كيف تتماثل أعمالهم الفخارية مع أعمال الكنعانيين وعمارتهم وكتابتهم".

ويستند عالم الآثار الأكاديمي فنكلستين إلى المنطق نفسه: "قد بينت الحفائر أن ما يسمى بـ  إسرائيل القديمة قد نشأت من السكان المحليين للعصر الكنعاني البرونزي، وعلاوةً على ذلك، لم يظهر التنقيب أي أثر مادي يؤكد رواية التوراة عن الخروج، وليس هناك ما يثبت شتات الإسرائيليين في صحراء سيناء".

ردُّ فعــل على الاستنتاجات

ورداً على السؤال: كيف استقبلت هذه الاستنتاجات في إسرائيل، قال فينكلستين: "لقد أحدثت رد فعل قوياً وسلبياً للغاية"، وأضاف: "ولكن الغضب لم يأت من اليهود الأرثوذكس المتشددين الذين يتجاهلوننا ببساطة، ولكن من اليهود الأكثر علمانية !!!  الذين يقدِّرون قصص التوراة لقيمتها الرمزية لما يسمى إسرائيل الحديثة، وأعتقد أن الجيل الشاب ـ على الأقل في الجانب الليبرالي ـ سوف يكون أكثر انفتاحاً واستعداداً للاستماع".

ومع ذلك، لا يزال هناك خلافٌ كبير بين علماء الآثار بشأن كيفية تفسير الكثير من الكشوف الأثرية الأخيرة، بينما تظهر النظريات الجديدة عن إسرائيل القديمة مع خلفية من نزاع مستعر حول الأكاديميين النـزريين التوراتيين الذين يتحاجون بأن روايات التوراة عن إسرائيل القديمة، بما فيها قصص داود وسليمان، تستند إلى أساس ضعيف إن لم تستند إلى أي أساس، في التاريخ.

وقد جرت المناقشة أخيراً في عددٍ مفعم بالحياة من "مجلة الأركيولوجيا التوراتية"، وهي مجلة تصدر كل شهرين من واشنطن، والتي كتب فيها أحد النـزريين، الأكاديمي البريطاني فيليب دافيز، يقول إن روايات التوراة عن إسرائيل القديمة مثيولوجية محضة (دينية) وليست تاريخية. وردّاً على ذلك، كتب ناقد النـزريين الهام، عالم الآثار الأمريكي ويليام ديفر، أن هناك دليلاً مادياً وافراً يشير إلى أن الإسرائيليين قدماء عاشوا في مرتفعات المنطقة منذ3200 سنة، قبل زمن داود وسليمان بقرنين.

وهناك كثير من علماء الآثار لا يهتمون بمحاولة إثبات صحة الروايات التوراتية عن ماضي إسرائيل القديم قدر اهتمامهم بكيف يتفق تاريخ المنطقة القديم مع الصورة الأشمل للشرق الأوسط، وتقول إيمي ماركوس، إن هذا الاختلاف في المنظور يعكس تحولاً ثقافياً بين أولئك الذين يقومون بعمليات التنقيب. وتضيف: إن كثيراً من الأثريين الراهنين ولدوا في ما يسمى  إسرائيل الحديثة، ولا يحتاجون إلى رابطة بالملك داود التوراتي ليعتقدوا أنهم جزء من أمة إسرائيلية: "إنهم يرون أنفسهم كجزء من شرق أوسط أوسع".

ومع ذلك، بينما تتحدى الأركيولوجيا بعض القصص التوراتية، فإنها تضيف أيضاً إليها، ويقول فنكلستين إنه اكتشف أن القرن الذي أعقب حكم سليمان، منذ 2900سنة، مثّل حقبة أهم وأقوى لمملكة إسرائيل مما يقول التوراة.

ويشير إلى كشف آخر في 1993، بلاطة تحمل كتابة تشير إلى "بيت داود" أوّل دليل حقيقي يشير إلى الملك التوراتي.

كما أظهرت حفائر أخيرة دليلاً جديداً دامغاً عن حياة سكان القدس منذ 2600 سنة، عندما حاصرهم جيش البابليين وعن سكان جوديا القديمة الذين لم يذهبوا إلى المنفى في بابل.

وتقول إيمي ماركوس إن هذه الاكتشافات تبين كيف تستطيع الأركيولوجيا أن تستعيد معلومات "تركت على أرضية حجرة ـ المونتاج"، كما كانت، من جانب أولئك الذين جمعوا الرواية التوراتية. وبذلك، لا تفكك الأركيولوجيا التوراة فحسب، ولكنها تعيد بناءها".

كان هذا هو استعراض لآراء علماء الآثار الإسرائيليين المتضاربة حول روايات التوراة عن حقيقة تاريخ الإسرائيليين، والأهم عن علاقتهم بالقدس، التي تتجه إليها حالياً جميع الأنظار والأفئدة، في الوقت الذي يحاول فيه الجانبان الفلسطيني ـ مدعوماً بإجماع عربي وإسلامي، فيما أعتقد، والإسرائيلي ـ مدعوماً بدعم أمريكي، وهذا مؤكد، الاتفاق على مصير القدس العربية.

وواضح، على الرغم من أن تركيز التحقيق الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز، كان على تشكيك علماء إسرائيليين، لا يمكن الطعن في مؤهلاتهم الأكاديمية في كثير من حكايات التوراة التي استخدمها ولا يزال يستخدمها اليهود كحجج ملكية للقدس وما بعد القدس، إلا أن هناك جانباً آخر من الأثريين ـ كان رائدهم إيغال يادين ـ يقرأون معاني الآثار بقاموس توراتي بدافع ديني وسياسي معاً.

وعلى الرغم من هذا التضارب في قراءة التاريخ، هل يستطيع المرء أن يستطلع الدولة العبرية، على الأقل على مستوى العقيدة؟

هذا سؤال أطرحه للمنظرين والمؤرخين العرب المؤهلين للرد عليه.

احمد مرسي 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !