الترضض بين بديلين
كمال غبريال
الحوار المتمدن-العدد: 3828 - 2012 / 8 / 23 - 20:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
• ربما احتاج الأمر "منظمة مسيحية" مثيلة للحركة الصهيونية التي نقلت اليهود من أوروبا لفلسطين هرباً من النازية، لتنقل "الحركة المسيحية" المسيحيين من الشرق الأوسط إلى أوروبا وأمريكا واستراليا هرباً من الإسلام السياسي. . بالطبع مطلوب من الأقباط الإيجابية في وطنهم، لكن التصدي للإسلام السياسي مهمة المسلمين. . اللي شبكنا يخلصنا كما يقولون!!
• ثرنا على نظام مبارك ولم يكن أصل الداء فيه، بل في الشعب الذي أنتجه، ونثور الآن على الإخوان وما العيب إلا فيمن سار خلفهم وأتى بهم إلى السلطة، وسنظل هكذا في دائرة جهنمية نترضض بين بديلين كلاهما أسوأ من الآخر، حتى نلتفت إلى أنفسنا، ونثور على ثقافتنا وتقاليدنا وقيمنا وثوابتنا، تلك المسؤولة عما نرزح فيه من تخلف أزلي. . إذا حذفنا الأوهام والخرافات والأكاذيب، ترى هل يتبقى شيء في رؤوسنا؟!!. . العدو المرعب ليس أبداً الإخوان والسلفيين والجهاديين، إنها الجهالة والتفسخ المجتمعي الذي أنجب ليس هؤلاء فقط بل فاسدي كل العصور من كل لون. . إنه نحن جميعاً من نتدنى بأنفسنا إلى الحضيض.
• نعم الإخوان وأذيالهم عصابات تخريبية، لكن ماذا يوجد بمصر عداهم غير خرائب وأكوام قمامة؟. . الحقيقة أنهم فقط المتواجدون بالساحة، ولا شيء سواهم يعتد به!!. . الحزب المصري الديموقراطي والمصريين الأحرار عبارة عن مستوى أول من المستنيرين المخلصين قاعدين على كومة كرتون وقش نسمة هواء تبعثرها، وبقية أحزاب الثورة وما قبلها انسى يا عمرو.
• عدد المفكرين المستنيرين الليبراليين ذوو الهوية المصرية المقترنة بنزعة إنسانية ليس بقليل نسبياً، لكن الكارثة في جبنهم عن إعلان ما يعتقدون فيه، وإيثارهم السلامة باسم عدم صدمة الجماهير بما لا تطيق، فهكذا يتركون المجال للمخادعين والمسعورين وباعة الأوهام ليتمكنوا من القلوب قبل العقول.
• تقتات "العقول" على العلم، بينما تقتات "العجول" على الخرافات.
• يتكون أي نظام من مجموعة العلاقات والإجراءات التي تربط بين كياناته الفرعية، والتي تشكل في مجموعها تجسيداً لفلسفة تشكيله، يضاف إليها شخوص القائمين على تفعيل النظام، والذين يعتبرون الجزء البشري من النظام. . هوجة 25 يناير أسقطت الرموز الأساسية لشخوص النظام، ويجري الآن تعميق استئصال الشخوص الأساسية من الدرجة الثانية، أما باقي مكونات النظام المؤسساتية فسوف يتم تدريجياً إسقاطها، ليحل محلها علاقات ونظم جديدة وفق الفلسفة والرؤية الإخوانية. . هكذا ستكون النتيجة النهائية سقوط الدولة المصرية التي عرفناها عبر تطورها منذ بداية القرن التاسع عشر، ليحل محلها دولة أخرى لا يمكن بالطبع أن تنتمي للماضي، لكنها أيضاً لن تنتمي للعصر، ستكون دولة مسخ مشوه، يئن تحت وطأة فشلها ذات الجماهير التي اختارتها.
• "اجتمع السيد الرئيس د. محمد مرسى مع رؤساء الكنائس المسيحية فى مصر فى إطار التشاور مع كل القوى المجتمعية وعرض مستجدات المشهد المصرى". . اجتمع من لا يملك من أمر نفسه شيئاً مع المرتزقة بادعاء النيابة عن الإله. . متى نتخلص من الجميع؟!!. . أكاد أتمنى أن لا يرعوي قادة الكنيسة ويلزموا حدود واجباتهم الدينية، فلو فعلوا سيوقفون تيار انفلات الشباب من بين مخالبهم واستقلالهم بشخصياتهم عن تلك الهيمنة التغيبية. . أتوقع أن يستمروا فيما هم فيه من احتراف للنفاق والتدليس على مصير الأقباط والشعب المصري كله، كما أتوقع نهايتهم مع الإخوان وأذيالهم في وقت ربما يكون أقرب مما نتصور. . الفلول من الأقباط هم قلة تعد على الأصابع بجانب جيوش جرارة من الكهنة والأساقفة، هؤلاء سيمسحون أعتاب الإخوان بخدودهم، أما من يقفون بجانب طلاب الحرية والحداثة فهم أعضاء في جسد "الثورة المستمرة بحق"، وليس "العمالة المستمرة".
• العزيزة المحترمة الكاتبة والناشطة الحقوقية: تتشكين من أسلوب القنوات والمواقع القبطية، وأنا أقدر استنارتك وإنسانيتك ووطنيتك، لكنك أنت من تعاملت مع كيانات أقل ما تتصف به هو البلاهة، ومن عمل بيزينس مع البلهاء عليه تحمل تبعات ذلك. . يتهافت مسؤولو أغلب المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية القبطية بسذاجتهم وجهلهم وانغلاقهم وتعصبهم على أي كاتب أو ناشط سياسي مسلم يتبنى قضية الأقباط، فتكون النتيجة إفساد هؤلاء بتحويل الأمر إلى بيزينس يقومون به بعد أن كانوا أصحاب رسالة تنويرية.
• رغم أن المعونة الأمريكية هبة لا ترتبط بغير عدم تهديد السلام بالمنطقة، إلا أنها بمثابة كسر عين لأبطال الصراخ والكراهية، فلا عجب أن يستهدفوا وقفها وكأنها المشكلة التي تعترض تحقيق نهضتنا العروبجية الإخوانجية البنفسجية الإسفنجية. . معارضة بعض اليساريين لقروض البنك الدولي دلالة أخرى على وحدانية العمود الفقري لأيديولوجية اليساريين والمتأسلمين، وهو العداء للعالم ومفارقة معايير العصر ومفاهيمه. . كما أن المتأسلمين الساعين لكراسي الحكم عار على المسلمين، فاليساريون المصريون عار على اليسار العالمي، وقد فشلوا في استيعاب المتغيرات العالمية، وقد ظلوا يرددون ذات الشعارات المذهلة في حماقتها.
• لا أرى فارقاً بين كلام الشيخ السلفي "عبد الله بدر" عن إلهام شاهين وبين كلام "بلال فضل" الثوري العظيم، هو ذات المنطق وذات الثقافة. . هي ذات النخبة المأفونة التي تخرج منها مختلف أنواع الحشرات والثعابين والعقارب.
• ملخص النهضة الإخوانية: الشعب ينهض لتقبيل أيادي من يدفعون له الصدقات، والدولة تنهض لتقبيل أيادي من يمنحونها الهبات والقروض. . والشعب والدولة رايحين في ستين داهية قريباً جداً. . لن يستطيع المثقفون شيئاً زاء الإخوان، لكن الغوغاء الذين انتخبوهم بشنطة زيت وسكر هم من سيدهسونهم بالأقدام بعد تبين فشلهم الذريع في توفير متطلبات الحياة للمصريين.
التعليقات (0)