الترافع الجمعوي
يشكل انفتاح كافة المؤسسات العمومية والخاصة على المجتمع المدني انخراطا في مسلسل التحديث وقيمة مضافة لهذه المؤسسات ، التي تتمكن بفعل اتصالها بالجمعيات من ملامسة كافة القضايا التي تستأثر باهتمام المواطنين .
لذلك فإننا نجد أن الكثير من هذه المؤسسات تواكب بشكل جلي حاجيات المواطنين وتعمل على تفادي المشاكل والأزمات التي يمكن أن تواجهها باحتكاكها واتصالها بفعاليات المجتمع المدني التي عهد إليها أمر الترافع من أجل قضايا المواطنين المختلفة .
فالجمعيات الممثلة للمواطنين سواء منها السكنية أو الحقوقية أو الهادفة إلى حماية المستهلك.. والتي تعد مكونا أساسيا لمسايرة حاجيات الناس ، لا تزعم لعب دور المنتخب لكنها مورد مهم للأفكار والاقتراحات قد تساعد المسؤولين باهتمامها وانخراطها وتحسيس المواطنين في أمور الاتصال بالسكان ومعرفة حاجياتهم والمساهمة في إدارة الشأن العام والشأن المحلي، وأداء أدوار قوامها التعبئة والحث على الالتزام والمسؤولية.
لذلك فإننا نجد في عدد من المناطق المغربية مجموعة من السكان ينظمون أنفسهم في جمعيات، ويتكتلون فيها للدفاع عن مصالحهم المشتركة عن طريق تقديم المطالبات والشكايات أو بمعنى آخر من خلال فن الترافع، الذي ينبني على قيم المواطنة و التشبث بالحقوق والدفاع عنها في إطار منظم وبمعرفة قوية.
وقد أضحى الترافع بهذه الطفرة الجمعوية الملحوظة آلية المجتمع المدني ، الذي يضم الجمعيات الوطنية، و المحلية، و جمعيات الأحياء، والتي تعتبر شريكا حقيقيا للتنمية، و جماعة ضغط جديدة، يمكن أن تلعب بمقتضى القوانين الجاري بها العمل، أدوارا طلائعية ، ديناميكية من خلال تأطيرها للمواطنين، ومساعدتهم ماديا ومعنويا بإنجاز مشاريع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ولقد أبانت معظم الجمعيات منذ عقد من الزمن ، على مستوى جد ملموس من خلال مشاركتها في تخفيف العبء الذي تعاني منه بعض الأسر الفقيرة إما بالتأطير التربوي، أو التكوين الحرفي، لخلق مقاولات فتية، تساهم في التنمية المحلية .
وأمام هذا كله ، و على الرغم من هذا التقدم الذي يقابله تجاوب المسؤولين بالمؤسسات العمومية والسلطات المحلية ، فإننا مازلنا نصادف من حين لآخر عقليات سلطوية لم تستسغ للآن أن المغرب سائر في طريقه نحو جعل المجتمع المدني شريكا أساسيا لإنجاز التنمية والديمقراطية والتحديث على كل المستويات المحلية والجهوية والوطنية .
حيث تطل علينا بين الفينة و الأخرى وسائل الإعلام الوطنية لتخبرنا أن أحد المسؤولين بمجموعة من القطاعات وخاصة بالسلطة المحلية أقدم على تعنيف فاعل جمعوي أو طرد أعضاء جمعية معينة من مكتبه أو تحرش بجمعية أخرى ومنع عنها كل الموارد التي تساهم في تحريك عجلتها الهادفة إلى تحقيق ترافع مواطن يخدم السكان و يسعى إلى تسهيل مأمورية المسؤولين في العديد من القضايا .
وتعتبر مثل هذه السلوكات المنحرفة إن صح التعبير نشازا أمام كل المبادرات التي تقودها الحكومة بتوجيه من جلالة الملك ، حيث أكد في خطاباته المتعددة على ضرورة الاهتمام بالعمل الجمعوي وجعل المجتمع المدني شريكا لا بديل عنه في حل كافة القضايا التي تستأثر باهتمام السكان .
لقد انخرط المغرب في مسلسل ديمقراطي برز فيه بشكل جلي دور المجتمع المدني الذي عمل على تحسين وتقوية هياكل الوساطة والتأطير حاملا بذلك مجموعة من القيم كالديمقراطية والمساواة والمشاركة والتضامن و الترافع من أجل مصلحة البلاد و العباد ...
فلا أحد اليوم يمكن أن ينكر الدور الذي يقوم به المجتمع المدني في الدفع بعجلة التنمية في البلاد، مزاوجا بين العمل عن قرب والتأثير على السياسات العامة ومبرهنا على النضج في عمله.
لا أحد اليوم يمكنه أن يتصدى بممارساته المشوبة لمشاريع دمقرطة الحياة العامة وجعل السكان يشاركون في تدبير شؤونهم من خلال قيم التشارك التي تعتبر الفعاليات الجمعوية الوسيط الأفضل للقيام بها .
عادل تشيكيطو
tchikitou@yahoo.fr
التعليقات (0)