لو عادت عقارب الساعة إلى ما قبل عملية اغتيال نائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام أحمد الجعبري وعرض على الحكومة الإسرائيلية المصادقة على عملية الاغتيال أكاد أجزم أنه لم يتم المصادقة، والسبب هو قدرات المقاومة الفلسطينية وتكتيكاتها العسكرية وقيادتها مسرح العمليات بغرفة عمليات مشتركة من كل الفصائل الفلسطينية، فتوحدت الجماهير الفلسطينية خلف المقاومة، وعزز تماسك الجبهة الداخلية على عكس ما راهنت عليه إسرائيل من احتمال انفجار الجبهة الداخلية في وجه الحكومة الفلسطينية وحركة حماس.
وهنا لابد من القول أن وزير الدفاع ايهود باراك وبعض القادة العسكريين من توريط بنيامين نتانياهو في عملية اغتيال الجعبري، وذلك من أجل استثمار تلك العملية في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة في 22/1/2013م، والتي تشير استطلاعات الرأي أن حزب الاستقلال الذي يرأسه باراك لم يصل إلى نسبة الحسم المطلوبة.
ولكن ما هو التحول الاستراتيجي لدى فصائل المقاومة الفلسطينية...؟ وما أثره على الجبهة الداخلية الصهيونية وقوة الردع الاسرائيلي..؟
ثلاث تحولات إستراتيجية في قدرات المقاومة الفلسطينية وهي:
1- ضرب تل الربيع (تل أبيب) بصواريخ فجر5.
2- إطلاق صاروخ أرض جو باتجاه طائرة حربية من طراز اف 16، وإطلاق صاروخ كورنيت على بارجة بحرية.
3- إسقاط طائرة استطلاع من خلال عملية تكنولوجية والحصول عليها.
أولاً: ضرب تل الربيع (تل أبيب) بصواريخ فجر5
استهداف كتائب الشهيد عز الدين القسام وسرايا القدس مدينة تل أبيب بصواريخ فجر5 هو التحول الأبرز والأكثر إيلاماً للحكومة الصهيونية، كون تل أبيب تمثل صمام الأمان للجبهة الداخلية، ولأن أكثر من ثلاث ملايين صهيوني أصبحوا في مرمى النار، وعملية ضرب تل أبيب والمدن المجاورة لحدود غزة تسببت في عملية نزوح جماعي نحو شمال إسرائيل، حيث تجاوز العدد النصف مليون إسرائيلي، وهذا لم تكن تتوقع الجبهة الداخلية الصهيونية حدوثه، ولم تضع خطة للاستيعاب، إضافة إلى عدم التجانس المجتمعي بين النازحين بين سكان الشمال والوسط في إسرائيل.
ثانياً: إطلاق صاروخ أرض جو باتجاه طائرة حربية من طراز اف 16، وإطلاق صاروخ كورنيت على بارجة بحرية.
ترتكز قوة الجيش الاسرائيلي على ركيزتين هما القوة الجوية والقوة البحرية، ويشكل إطلاق القسام صاروخ أرض جو على طائرة حربية من نوع اف 16، تهديداً مباشراً للقوة الجوية وقدرتها على العمل في أجواء قطاع غزة المحرر، وربما ما تخشاه إسرائيل هو تمكن المقاومة من إسقاط طائرة مقاتلة وأسر الطيار الذي يقودها وهذا سيكون بمثابة زلزال سياسي سيهز إسرائيل وسيقضي على مستقبل نتانياهو، وسنكون أمام مشهد صفقة جديدة لتبادل الأسرى قد تقضي على انجاز إسرائيل في اغتيال الجعبري، لأن من يقود عملية المفاوضات وإدارة الصفقة الجديدة هو فكر أحمد الجعبري الذي يحمله تلاميذه الذين تخرجوا من مدرسة الجعبري للعلوم الأمنية والعسكرية. أما قصف القسام للبارجة البحرية وقتل من كان على متنها سيقوض إلى حد بعيد القوة البحرية، وهذا بات واضحاً في بحر غزة حيث تغيب البوارج البحرية عن الأنظار بعد أن كانت تقترب من شواطئ غزة وقت ما تشاء.
ثالثاً: إسقاط طائرة استطلاع من خلال عملية تكنولوجية والحصول عليها
تمكن الجناح المسلح لحركة حماس كتائب الشهيد عز الدين القسام من إسقاط طائرة استطلاع عبر اختراق منظومتها والسيطرة عليها يشكل ضربة إستراتيجية للصناعات العسكرية الصهيونية، والتي لطالما تباهت في قدرة تلك الطائرات، ولذلك قد تلغي العديد من الدول صفقاتها مع الاحتلال لشراء هذا النموذج من الطائرات، وهذا سينعكس على الاقتصاد الصهيوني، الذي وصلت خسائره في الساعات الأولى لعدوانه ثلاث مليارات شيكل.
خلاصة القول: ستعمل القيادة الإسرائيلية إلى البحث عن وقف العمليات في غزة عبر تدخل وسطاء لعودة الهدوء، وتأتي الغارات المتواصلة صباح الجمعة كي يستطيع نتانياهو حماية مستقبله السياسي أمام الرأي العام الصهيوني، وهناك معلومات تتحدث أن الرئاسة المصرية سحبت ملف التهدئة من المخابرات المصرية إلى الخارجية المصرية، وبذلك نحن أمام تهدئة من نوع آخر تضمن رفعاً تاماً للحصار، ووقفا لكل أشكال العدوان، وقد يحمل الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء المصري هذا الملف في زيارته لغزة اليوم الجمعة، وهنا نختم مبروك للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.
التعليقات (0)