التحليل التبادلي Transactional Analysis : Berne
1. نبذة عن حياة بيرن Berne : ولد (أريك لينارد بيرن 1910ـ 1970 ) في مونتريال بكندا وهو طبيب نفساني ، تخرج من الجامعات الأميركية وتدرب على التحليل النفسي وحصل على درجة في الطب M.D. من جامعة مكجيل عام 1935 ، وعمل في الطب النفسي بجامعة ييل Yale بعد عامين من التدريب على المساعدة الإكلينيكية بمستشفى مونت زيون بنيويورك ، وقد صدر لبيرن مؤلفات عديدة منها كتاب (العقل في العمل ) وكتاب (التحليل النفسي ) وكتاب ( ألعاب الناس : سيكولوجية العلاقات الإنسانية ) . وآخر كتبه نشر في عام 1972 بعد وفاته بعنوان (ماذا تقول بعد أن تقول أهلاً ) .
2. المفاهيم الأساسية لنظرية التحليل التبادلي Transactional Analysis
أولا. نمو الشخصية Personality Development
يتصف الكائن الإنساني بالحاجة الى التواصل والإستجابة من والى الآخرين في عملية تفاعلية . والحاجة تمثل ( الجوع أو الإشتهاء المثير) .
الشكل الأول: الذي تأخذه الحاجة في الطفولة المبكرة هي إشتهاء الملامسة أو الحاجة الى الملامسة البدنية اللصيقة أو العطف ، والقصور في هذه الحاجة قد يؤدي الى سرعة الإصابة بالمرض ثم الى الموت .
الشكل الثاني: لأن الطفل لايستطيع أن ينال كل مايريد في الشكل الأول فإنه يبحث عن شكل آخر فينتقلُ الى الملامسة اللفظية أو التواصل اللفظي (الذي يتضمن الإنتباه والإعتبار من الاخرين) وتسمى ملاطفات Strokes لشبهها بالملاحظات البدنية التي يتعامل بها الأطفال الصغار، والملاحظة تعتبر وحدة أساسية في التفاعل الإجتماعي ، وتبادل الملاحظات يشكل عملية التبادل Transaction.
الشكل الثالث : الجوع الإنشائي أو التنظيمي أو الحاجة الى تنظيم وشغل الوقت من أجل تجنب السأم أو الملل .
ثانياً. بناء الشخصية Personality Structure
يشتمل تركيب الشخصية على نظام ثلاثي للأنا: (أب ـ راشد ـ طفل ) ، وإن حالات الأنا Ego State هي الحالات التي يظهر فيها سلوك الفرد ، وتكون على ثلاثة أشكال ، هي :
(1) الطفل The child Ego State ( كل راشد كان من قبل طفلاً).
(2) الراشد The Adult Ego State ( كل فرد له حالات رُشد) .
(3) الأب The Parent Ego State (كل فرد يحمل أبويه في داخل نفسه).
إن مصطلح حالة الأنا Ego State يقصد بها مجرد تمييز حالات العقل وما يتصلُ بها من نماذج الســلوك ، وهذه الأنا لاتقابل ( الهو ـ الأنا ـ الأنا الأعلى ) عند فرويد ، حيثُ أن
( بيرن ) لايولي الغرائز واللاشعور إهتماماً كبيراً بل إنه يولي إهتمامه لطرق تفاعل الناس فيما بينهم .
ثالثاً. وظيفة الشخصية Personality Function
إن الأنظمة الثلاثة للشخصية تختلف في ردود إفعالها للمثيرات :
الأب ( النفس الخارجة) بصورة قضائية أو حاكمية يحاول إستنفار المعايير الخارجية .
الراشد( النفس المستحدثة) ينشغل بمعاملة وتخزين المعلومات المشتقة من المثيرات .
الطفل ( النفس القديمة أو العتيقة) ينفعل على أساس الإدراكات الضعيفة التمايز أو غير الواضحة .
وكل من الأنظمة الثلاثة يدرك المثيرات بشكل مختلف ويستجيب لها تبعاً لإدراكه ، والأنظمة الثلاثة تتفاعل مع بعضها ولكن الأب والطفل يحدد علاقة الفرد بالأبوين . والطاقة النفسية
( الشحنة النفسية) تنساب مع كل حالة من حالات الأنا الى الأخرى ، والحالة التي شحنت في وقت معين تكون لها قوة إدارية فهي التي تحدد سلوك الفرد .
رابعاً. الإتصال الإجتماعي Social Intercourse
الإتصال الإجتماعي يقدم الفرصة لإشباع الرغبة في النظام أو تنظيم الوقت كما يشبع الرغبة في المثيرات أو الحصول على الإنتباه أو الإعتبار من الآخرين ، ووحدة الإتصال الإجتماعي هي التبادلية . وأبسط صورة التفاعل التبادلي هي ( الراشد مع الراشد ) أي بين حالة راشد عن شخص ما الى راشد عند آخر ، ثم من هذا الراشد الآخر الى الراشد الأول . والصورة الأبسط هي التفاعل التبادلي بين حالتي الطفل والأب ، وهي عادةً صورة من الرجاء .
التفاعل التبادلي قد يكون كاملاً أو تكاملياً ، وقد يكون تقاطعياً أو إنشقاقياً ، وإن تفاعل الفرد مع الآخرين يعطيه فرصة لإشباع حاجاته وتنظيم وقته والحصول على حب الاخرين ، ويرى بيرن Berne : إنّ أفضل نوع من أنواع الإتصال التفاعلي هو تفاعل ( الراشد مع الراشد) لأن الراشد يكون مسؤولاً عن قراراته وإن كل شكل من أشكال الإتصال يأخذ شكل : المثير الإستجابة . ويقع التفاعل التبادلي في سلاسل قد تنطوي على برمجة مادية وإجتماعية وفردية ، فالبرمجة المادية تنظيم الوقت من خلال الأنظمة أو الإجراءات . والبرمجة الإجتماعية تنطوي على شعائر أو طقوس ، وعلى تسليات وكلها تشكل ثلاثة أرباع طرق تنظيم الوقت ، وتشكل المباريات الربع الباقي . ويمكن أن يأخذ الإتصال التفاعلي أشكال متعددة :
(1) التبادلات (التفاعلات ) التكاملية : تتبع النظام الطبيعي في العلاقات الصحية وهي أنواع متعددة : راشد مع راشد ، أب مع أب ، طفل مع طفل . وتؤدي التفاعلات التبادلية الكاملة الى إتصال مستمر سهل .
(2) التفاعلات التقاطعية : وتؤدي الى قطع الإتصال ، وإن أكثر أنواعها شيوعاً هي التي يتوجه فيها الإتصال من راشد ـ راشد آخر يستجيب له ، من خلال حالة الطفل الموجبة الى الأب لدى الراشد الأول الذي بدأ الإتصال ، والإستجابة من حالة الأب الى حالة الطفل لدى شخص آخر .
(3) هناك حالتان أخريتان مقيدتان للسلوك الإجتماعي وهما الإنسحاب في أقصى الطرف الأول والتعلق الشديد في أقصى الطرف الثاني .
3. طريقة العلاج : (التطبيق والأساليب الفنية)
يبدأ الإرشاد ( العلاج ) بإتفاق أو تعاقد ، ويسأل الـClient عن سبب مجيئه للإرشاد ويستخدم عادةً مجموعة من الأساليب الفنية منها :
أولاً. التساؤل (الإستجواب والإستنطاق) Interrogation :
يسألُ المرشد الـ Client أسئلة لكي يحصل منه على أجوبة من الأنا الراشدة لديه ، ونادراً مايستخدم هذا الأُسلوب للحصول على معلومات أكثر مما هو مطلوب خاصةً من الذين يجدون صعوبة في التعامل مع الآخرين .
ثانياً. التحديد Specification تحديد الأنا الراشدة للتفاعل بين المرشد والمسترشد والإتفاق معه.
ثالثاً. المواجهة Confrontation : إظهار التناقضات في سلوكياتهم اللفظية وغير اللفظية .
رابعاً. الشرح Explanation : يستخدم لتقوية حالة الأنا الراشدة لدى Client وتخليصها من التشويش بحيث يفسر المرشد للـ Client تفاعلاته الصحيحة والخاطئة والخفية وذلك من خلال الأنا الراشدة .
خامساً. التوضيح illustration : يوضح للـ Client ، ويقدم له توضيحاً لتفاعلاته ، وتستخدم الموضحات عندما يكون الراشد منصتاً ( إذا لم يعد العلاج مفيد ) .
سادساً. التأكيد أو التثبت Confirmation : عندما تكون حالة الأنا الراشدة لدى الفرد أكثرُ تثبيتاً أو التأكيد بعد مواجهة المرشد للـ Client في التناقضات الموجودة لديه يختفي السلوك المتناقض لفترة من الزمن ثم يعود ، وهنا دور المرشد يحاول تثبيت السلوك ومنعه من المحو وأن المسترشد بحاجة الى جهد للمحافظة على ذلك .
سابعاً. التفسير Interpretation : إذا تم إعتبار أن الأساليب ( التكنيكات ) السابقة ناجحة في شحن وتخليص (الأنا الراشد) من التشويش الى درجة أنه أصبح قوياً وعلى درجة عالية من الكفاءة فإن المرشد يستطيع أن يدخل المرحلة الأخيرة أو طور الإنهاء لتحليل التفاعلات التبادلية الخالصة عن طريق بلورة الموقف وتحرير المتعالج من الأعراض المرضية وتوفير الضبط الإجتماعي له . أو يستطيع المعالج أن يؤجل عملية البلورة حتى يتخلص
( الطفل) من التشويش. إن أهم مايسعى إليه المرشد هو الوصول الى حالة ( أنا راشد ) غير مشوشة وعليه أن يستخدم ذكاءه بدلاً من التفكير العقلي .
ثامناً. البلورة Crystallization : هي تقرير عن موقف الـ Client صادرة من حالة الأنا الراشدة للمرشد الى الحالة الراشدة للـ Client ويساعد المرشد الـ Client على بلورة إتجاهات سليمة في التفاعل مع الآخرين وعدم اللجوء الى المخادعات وممارسة لعب الألعاب.
4. نقد النظرية
أ. النظرية علاجية أكثر منها إرشادية .
ب. يؤخذ على النظرية إستخدامها لبعض الألفاظ الدارجة ( السوقية أحياناً).
ج. إستخدامها وإستعارتها كلمات شائعة تحمل معان أُخرى غير المعنى النمطي لها .
د. وصف (بيرن) للنظرية بالبساطة فتح الطريق الى الإساءة وسوء الإستغلال لهذه الطريقة .
5. مثال : الجنوح والسلوك الإجرامي
يرى (بيرن) أن هدف العلاج النفسي مساعدة المريض على إزالة الإضطراب الموجود لديه عن طريق توضيح الأسباب وإعادة تنظيم إنفعالاته الى مواقف متكيفه ، ويهدف العلاج الى إستقرار الأنا للوصول الى الوضع السليم (أنا بخير وأنت بخير ) . ويأخذ العلاج عند ( بيرن ) مراحل منها التحكم في أعراض المرض وإزالة الأعراض وأخيراً الضبط الإجتماعي ، ويقول ( بيرن) أن الهدف الأخير من العلاج هو إعادة تنظيم بناء حالات الأنا وإعادة توحيد أجزائها .
طريقة العلاج
1. التساؤل : يسأل المرشد المسترشد أسئلة يحصل منه على أجوبة من الأنا الراشدة خاصةً مع الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التعامل بهذه الأنا مع الآخرين .
2. التحديد : تحديد الأنا الراشدة للتفاعل بين المرشد والـ Client والإتفاق معه .
3. المواجهة : بين المرشد والمسترشد وإظهار التناقضات في سلوكاتهم اللفظية وغير اللفظية.
4. الشرح : تستخدم لتقوية الأنا الراشدة للـ Client من خلال تفسير تفاعلاته الخاطئة والصحيحة والخفية .
5. التوضيح : يقدم المرشد للمسترشد توضيحاً لتفاعلاته .
6. التأكيد (التثبيت) : بعد مواجهة المرشد للمسترشد بالتناقضات الموجودة لديه يختفي السلوك المتناقض لفترة من الزمن ثم يعود ، فدور المرشد يحاول تثبيت السلوك السوي ومنعه من الإمحاء وإن المسترشد بحاجة الى جهد للمحافظة على ذلك .
7. التفسير : تفسير المرشد للمسترشد تفاعلاته الصحيحة والخاطئة والخفية ، ويجب أن يكون من الأنا الراشدة .
8. البلورة : يساعد المرشد المسترشد على بلورة إتجاهات سليمة في التفاعل مع الآخرين وعدم اللجوء الى المخادعات ولعب الألعاب .
التعليقات (0)