وجدتُ ملاذاً لي في عالم التدوين ، وحالي في ذلك حال الكثيرين ممن وجدوا متنفسا لفكرهم ، وما يجولُ في خواطرهم ، ورغم الإختلاف الطبيعي بين البشر في الطبائع والعقائد والتوجهات إلا أننا جميعا نملك فسحاً تكفي الجميع ليعبروا فيها ، كما أن هذا الإختلاف لم يكن عائقا أبدا لنتواصل بالنقاشات والإستفسارات ، ودوافعنا وراء ذلك تتعدد مابين الفضول البشري ، والرغبة في الإنفتاح على باقي العوالم ، والتعلم من الآخر الذي يملك خبراتٍ قد يستفيد منها غيره ، وكل ذلك وغيره يستند على الطرح الذي يفتح باب التجاذبات التي قد تؤدي تلك الرسالة في إثراء الباع الثقافي ، وأخرى قد تقلب فسحة واسعة مثل فسحة إيلاف إلى ساحة للتجاذبات التي تجعل الجميع يُراوحون مكانهم ، والجميع متعصبون لآرائهم وإذا تناقشوا تلك الآراء فلأنهم يريدون إثباتها لا صقلها وتصحيحها إذا كانت خاطئة .
عتبي ليس على شخص معين ، ولاجماعة معينة ، أو مذهب بعينه ، بقدر ماهو عتب على نخبة المثقفين الذين ضربوا بأهم مظاهر الثقافة عرض الحائط : الإحترام ... وإلا فكيف نسمي سخرية مدون - يُمسك قلماً يعتد بانتمائه لمجتمع الفكر والكلمة - بمدون آخر فقط لأن طريقته في التعبير تختلف عما يُريده الأول أن تكون عليه في قرارات نفسه ، و عتبي الأكبر على تلك النخبة من الأقلام التي تسكن حارة الحضارة الدنيا (أوربا وأمريكا) وتراها تشغل نفسها بالإستلقاء على قفاها ضاحكة من سردٍ وتراصٍ للكلمات في مقالاتٍ لاتتعدى كونها رؤية فكرية ، أو أدبية ، أو فنية راق لكاتبها رصفها بها بتلك الطريقة وبذاك العدد من الكلمات، وبذاك الكم من الأدلة ، وهذه الفئة تكتفي بمضغ علكة الحرية بلا طعم ، لأن الحرية كما يصورها سكان تلك الحارات من الأصول (الآرية ) تجعل من التغوط والتبول على الحيطان العامة فناً راقٍ ، راقَ للمتغوط فعبر عنه بحرية أمام الملأ ، كما أنهم ذووا رؤىً إزدواجية في الكثير من القضايا ، فها هم يدعون لإسترجاع كرامة المرأة التي لاتتعدى قيمتها في مجتمعاتهم قيمة إعلان صورت فيه بطريقة جنسية مثيرة للغرائز حتى ولو كان الإعلان لكنيسة أو دير يهودي.
فهل يدرك معشر المدونين معنى حرية التعبير حقاً ؟..رغم أن الحقيقة أنه لو أتاني الإلهام في عبارة ودخلت على مدونتي وكتبتها ، ستتهاطلُ علي القنابل من كل الجهات ورُماتها هم نفسهم دعاة حرية التعبير؟ ... أي حرية تعبير يتحول بها مدون إلى سافل وكل ذنبه أنه عبر عن فكره بطريقته الخاصة ، قد تعجب ناس ولا تعجب آخرين ، لكن لايحملني عدم إعجابي بأسلوبها ، أوعدم موافقة رأيي لرأي صاحبها على التجاذب معه من أجل التجاذب لا من أجل أن تعم الفائدة وتصحح الأخطاء ويتم تبادل الرؤى البناءة...وهذا للأسف واقع مناقشاتنا وتعليقاتنا في حارة إيلاف .. والله المُستعان.
تاج الديـــن:2009
التعليقات (0)