التاسع من نيسان..يوم محفور في ذاكرة الشعبين الفلسطيني واللبناني!
في صبيحة يوم ربيعي صافي وجميل وتحديدا في التاسع من نيسان قبل أربعة وستين عاما, ارتكب العدو الصهيوني واحدة من أبشع المجازر بحق أبناء شعبنا الفلسطيني..انها مجزرة دير ياسين. كانت قرية دير ياسين الفلسطينية تستريح وادعة عندما استباحتها العصابات الصهيونية وأمعنت قتلا فيها من دون تمييز بين شاب وشيخ وطفل او امرأة. وحصدت ارواح نحو 250 من ابنائها. في ذلك اليوم الذي لن ننساه ما حيينا زحف المئات من أفراد العصابات الصهيونية المتنوعة بقيادة الارهابي مناحيم بيغن الذي أصبح فيما بعد رئيسا لحكومة الكيان الصهيوني، الى قرية دير ياسين، وبدأوا مسلسل قتل همجي، أزهق ارواح المئات من دون ذنب اقترفوه. في التاسع من نيسان, وفي كل عام, وبينما يعد الكيان الصهيوني العدة للاحتفال بعيد استقلاله الوهمي, يحيي أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجدهم في الوطن والشتات ذكرى مجزرة دير ياسين التي قتل اهاليها برصاص العصابات الصهيونية في اليوم التالي لاستشهاد القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني في معركة القسطل التي قاد سقوطها ومن ثم مذبحة دير ياسين، إلى سقوط القدس وقيام الكيان الصهيوني، باعتراف المسئول المباشر عن المجزرة مناحين بيغن زعيم منظمة "الأرغون" الصهيونية، الذي كتب ان "أسطورة دير ياسين ساعدت العصابات اليهودية في الحفاظ على طبريا واحتلال حيفا".
لقد عانى الشعب العربي الفلسطيني منذ انتداب الكيان الصهيوني الغاشم الوانًا شتى من الكوارث التي أنزلتها به الصهيونية والامبريالية والرجعية العربية، ودير ياسين لم تكن الأولى ولا الأخيرة، فهناك الكثير الكثير، أسماء لا تعد ولا تحصى، ولكنها نقاط واضحة في ذاكرة كل فلسطيني، ويكفيها كي لا ننسى، ان نذكر دير ياسين، قبية، كفر قاسم، مدرسة بحر- البقر، رفح، الليطاني، عين الحلوة، صور، صيدا، بيروت، وغيرها المئات من القرى الفلسطينية التي هدمت بيوتها على رؤوس أهاليها، والمجرم واحد، هذا المجرم الذي ما زالت أفكاره الدموية تسيطر على قادته في تعاملهم مع الشعب الفلسطيني وحقوقه.
سنوات كثيرة مرت على مجزرة دير ياسين وما زال المجرمون يحاولون اقناع انفسهم والعالم بطهارة أيديهم وسلاحهم، الذي يطلق الرصاصة فتطير في الفضاء باحثة عن مكان تستقر فيه فلا تجد الا صدر العربي ليكون محطتها الأخيرة، وما زال الشعب الفلسطيني يدفع الثمن، فهل ننسى؟. لم تكن قرية دير ياسين الوادعة بحاجة إلى هذا الهجوم الصهيوني العنيف لإخضاعها، لكنه كان جزءاً من خطة شاملة تهدف إلى تحطيم المقاومة العربية عسكرياً، وإخلاء الأهالي من مدنهم وقراهم بإثارة الرعب والفزع في نفوسهم. وأدل شيء على ذلك هو قول الإرهابي مناحيم بيغن: "ما وقع في دير ياسين وما أذيع عنها ساعدا على تعبيد الطريق لنا لكسب معارك حاسمة في ساحة القتال، وساعدت أسطورة دير ياسين بصورة خاصة على إنقاذ طبريا وغزو حيفا". وهكذا تحول اسم هذه القرية العربية التي أبيد أهلها، ولم ينج منهم إلا أفراد قلائل، إلى رمز من رموز الإرهاب الصهيوني المرتبط بدوره بالعقيدة الإرهابية الصهيونية. وقد علق قائد وحدة "الهاغانا" على وضع القرية المنكوبة في ذلك اليوم، بقوله: "كان ذلك النهار يوم ربيع جميل رائع، وكانت أشجار اللوز قد اكتمل تفتح زهرها، ولكن كانت تأتي من كل ناحية من القرية رائحة الموت الكريهة ورائحة الدمار التي انتشرت في الشوارع، ورائحة الجثث المتفسخة التي كنا ندفنها جماعياً في القبر". وبدورنا نقول, انه من غير الممكن للص وسفاح أن ينام هانئاً مكتفياً بما سلبه من غنائم، ما دام ضحاياه موجودين حوله ولا ينسونه, وهو يدرك تمام الادراك أنهم سيلاحقونه، وأن يد العدالة التي نجا منها طوال الوقت بفضل حماته الإمبرياليين المهيمنين على العالم، ستطاله حتماً ذات يوم.
ولأن الصهاينة وقادتهم يعرفون هذا جيداً، فإنهم يتشبثون بعقيدة راسخة بشأن كيفية التعامل مع العرب: "ما لا ينفع بالقوة، ينفع بقوة أكبر"، وسيواصلون السير في طريق المجازر، حتى يتم تحرير فلسطين من نهرها الى بحرها, وعندها سيحضر الضحايا جميعاً, وتستعاد التفاصيل كلها بلحمها ودمها وعذاباتها, لكي تكون شاهدا حيا على المجرمين وتنزل بهم القصاص الذين يستحقونه, وان هذا اليوم ات لا محالة وما بعد الليل إلا بزوغ الفجر. في ذكرى مجزرة دير ياسين نقول, المجد والخلود لضحاياها الشهداء ولكل الشهداء الذين قضوا من أجل تحرير الأرض والإنسان..لن ننثني يا سنوات الجمر, وإننا حتما لمنتصرون.
في صباح تأخر فيه شروق الشمس..دمعةٌ لحلم..يصارعُ الحياة..إما البقاء..وإما الموت..شمعةٌ..متى ما اشتعلت بدأ العدُ التنازلي..إما الوصول, وإما إنتهاء الضوء..هذا هو الأمل السهلُ الممتنع. فتاة لبنانية من مواليد عنقون بقضاء زهراني في جنوب لبنان من كوادر الحزب السوري القومي الاجتماعي. كانت أول فتاة استشهادية في العمليات التي ضربت الصهاينة المحتلين في جنوب لبنان..انها"سناء يوسف محيدلي", ابنة قرية عنقون قضاء صيدا.في التاسع من نيسان عام 1985 قامت الشهيدة سناء محيدلي، ابنة السابعة عشر ربيعا, بعملية استشهادية بطولية، استهدفت تجمعاً لقوات العدو على "معبر الذل" في باتر - جزين حيث كانت تتجمع أعداد كبيرة من الشاحنات والدبابات والآليات المجنزرة، والعديد من المشاة المنسحبين من تلال الباروك ونيحا، وذلك بإقتحامها القوة العدوة، بسيارة مجهزة بـ 200 كلغ من مادة الـ "ت.ن.ت" الشديدة الانفجار. وقد أوقعت العملية الاستشهادية خسائر كبيرة في جنود العدو قدر عددهم بحوالي 50 قتيلاً وجريحاً، بالإضافة إلى إعطاب وحرق عدد من الآليات، وإلى حالة الهستيريا التي دبت في صفوف جنود العدو، الذين بدأوا بإطلاق النار عشوائياً. وقد وجهت الرفيقة سناء قبل تنفيذها للعملية الاستشهادية الكلمة التالية التي تناقلتها أجهزة التلفزة في لبنان والشام وقبرص نقلاً مباشراً يالصوت والصورة ، لآخر ما قالته البطلة سناء وهي تودع أهلها وشعبها وتستعد لعمليتها الاستشهادية التي أكدت فيها أن شعبنا يملك مخزوناً هائلاً من البطولات عناه أنطون سعادة عندما قال:"ان فينا قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ". هذا ما جاء في وصيتها: أنا الشهيدة سناء محيدلي عمري 17 سنة..أنا من جنوب لبنان المحتل المقهور ومن الجنوب المقاوم والثائر.. من جنوب المقاومة وجنوب الشهداء. أنا أخذت هذا القرار من ضمن مجموعة قررت الاستشهاد في سبيل تحرير أرضنا وشعبنا لأنني رأيت مأساة شعبي في ظل الاحتلال من قهر وظلم وقتل أطفال ونساء وشيوخ وتهديم منازل فقررت عندها القيام بعملية الفداء . وأنا مرتاحة جداً لأنني سأنفذ هذه العملية التي اخترتها أنا كي أقوم بواجبي نحو أرضي. وإنني أطلب من جميع شابات وشباب بلادي أن يلتحقوا بصفوف المقاومة الوطنية لأنها وحدها قادرة على طرد العدو من أرضنا وإنني أمل أن أنجح في عمليتي هذه كي أقتل أكبر عدد ممكن من جنود العدو فتتعانق روحي مع أرواح كل الشهداء اللذين سبقوني وتتوحد معهم لتشكل متفجرة تنفجر زلزالاً على رؤوس جيش العدو. من وصيتها التي أذاعتها أجهزة التلفزة في لبنان والأمة والعالم : أحبائي:" ان الحياة وقفة عز فقط "..أنا لم أمت ، بل حية بينكم .. اتنقل .. أغني .. أرقص ، أحقق كل أماني .. كم أنا سعيدة وفرحة بهذه الشهادة البطولية التي قدمتها ، أرجوكم لا تبكوني لا تحزنوا عليّ ، بل افرحوا..اضحكوا للدنيا ، طالما فيها أبطال..أنا الآن مزروعة في تراب الجنوب أسقيه من دمي وحبي..آه لو تعرفون إلى أي حد وصلت سعادتي ..التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم ، يتقدمون غير مبالين بما حولهم ، ينفذون ، هكذا يكون الأبطال..إنني ذاهبة إلى أكبر مستقبل ، إلى سعادة لا توصف. آه " أمي " كم أنا سعيدة عندما سيتناثر عظمي من اللحم ودمي يهدر في تراب الجنوب، من أجل أن أقتل هؤلاء الأعداء الصهاينة..وصيتي هي تسميتي "عروس الجنوب". احتفظت الصهاينة بأشلائها حتى تموز 2008 حين تمت إعادة رفاتها بعد مفاوضات جرت بينهم وبين حزب الله لتبادل الأسرى وجثث المقاتلين بين الطرفين. استلمت قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي رفاتها في 21 تموز 2008 وسلمتها لذويها ليتم دفنها في مسقط رأسها في عنقون.
وفي قصيدة للدكتور الشيخ أحمد الوائلي يرثي فيها الشهيدة سناء يقول:"هو المجد يا دنيا "سناء" فغردي...فأنت أريج الخلد بل أنت أطيب". ستبقين فينا حية فالعظماء لا يموتون أبدا, لك المجد والخلود يا عروسة الجنوب وللأعداء ومن سار في فلكهم الخزي والعار..والنصر للمقاومة اللبنانية الباسلة. د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة
التعليقات (0)