منذ قيام ثورة يوليو وحتى الآن ما زال تاريخ مصر فيه من الغموض الكثير ، ويختلف كل رئيس حكم مصر فى تعاطيه مع الأحداث التى مر بها ومرت بها مصر معه ، ورغم أن حكم الرئيس عبد الناصر كان شمولياً إلا أنه ومن وجهه نظرى فإنه العصر الأكثر توثيقاً لأحداثه مما لحقه من العصور التالية ذات الديمقراطية والتعددية المزعومة .
ويحتاج التاريخ أشياء لكى تتم كتابته منها أحداث ووقائع ثم وثائق تعضض وتوثق كلام الراوى أو السارد للتاريخ ، وللأسف الشديد فإنّهَ وفى أخطر اللحظات والمواقف فى مصر تُتخذ القرارات شفاهه وليس بوثائق رسمية ، وهذه الطريقه هى فقط لحماية الطرف الأقوى فى المعادلة وهو الفرعون ، فإذا ما كان القرار خاطىء تحمله الطرف الأضعف وكان أول ضحية لذلك القرار الشفوى ، ولأن حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق لم يكن يستطيع أو يجرؤ أن يطالب الرئيس السابق بأن يرسل للداخلية ورقه رسمية مكتوبة وموقعة منه لكى تتعامل الداخلية مع المظاهرات بالقوة ، فكان العادلى أول ضحية وضعها الرئيس السابق تحت قدميه لكى ينجو من الغرق ولكن هذا لم يعصمهم جميعاً من أمر الله .
والتاريخ المصرى الحديث ملىء بالقصص المشابهه والخطيرة ومنها قصة الضربة ـ أو الطلعة ـ الجوية الأولى وعن التخطيط لكيفية تنفيذها والتى ذكرها الأستاذ هيكل حيث كانوا أربعة هم الرئيس السادات وزوجته ووزير الحربية الفريق - وقتها - أحمد إسماعيل ومعهم الأستاذ هيكل ، حيث عرض وزير الحربية أن هناك هدفان فى سيناء سيحتاجان ستة طائرات لتدميرهما ولن ندخل بالطيران كله حتى لا نخسر نسبة كبيرة منه ، ويقول الأستاذ هيكل أنه والسيدة جيهان السادات إقتنعا بما قاله وزير الحربية وإذ بالرئيس السادات يُفجِر المفاجأة ويقول للمشير لازم الطيران يطلع كله ويعدى لسيناء ، وشرح وجهة نظرة قائلاً ( أنا عايز ولادى الموجودين على الجبهه يشوفوا طائراتنا وهى تعبر القناة ويروها وهى عائدة حتى يعطيهم ذلك دفعة قوية وحماسة لكى يعبروا القناة ) ويقول الأستاذ هيكل أنه إقتنع بكلام الرئيس السادات فى تلك الجلسة والتى شبهها بالمبارزة بين الرئيس والمشير .
والعصر السابق سيكون الأسوأ حيث أننا سنستقى خبايا وفضائح وغرائب هذا العصر من كثير من الفاسدين ، فتاريخ مصر فى عصر مبارك للأسف الشديد سيكون الفاسدون لهم اليد الطولى فى كتابته .
التعليقات (0)