التاريخ، سطور مفقودة
التاريخ يكتبه المُنتصر هذا ما أدركناه مع مرور الزمن، فالمنتصر يكتب ما يشاء عن خصومه ومعاركه، المؤرخ أو كاتب التاريخ يكتب لمن يدفع أكثر هكذا نعتقد عملاً بالمقولة السابقة لكن هناك مؤرخين لم يبيعوا القلم وبالمقابل هناك مؤرخين انحازوا للايديولوجيا على حساب الحقيقية، فمشكلة التاريخ ليس من يكتبه بل في الظروف المحيطة بوقت كتابته هل هي في صالح التوثيق الصحيح أم في صالح أشياء أخرى.
لكي نخرج من عنق الزجاجة ونكشف الغطاء عن سطور غامضة في تاريخنا العربي والإسلامي والذي وبلا شك يعد تاريخ لأمة تدين بدين واحد متفرع المذاهب والمدارس علينا البدء بإعادة النظر في التاريخ ووضع العواطف جانباً، فهناك قضايا مسكوت عنها في بعض كتب السير يقابلها حديث مدون عنها في كتب أخرى وبين المسكوت والمكشوف هناك صراع بين المناهضين والمتقبلين وكأن حقائق التاريخ ملك لطرف دون آخر..
يتساءل البعض مالفائدة التي سنجنيها من إعادة تمحيص التاريخ؟ بلا شك سنجني الكثير ولعل إظهار المجتمعات العربية القديمة بمظهرها الصحيح الغير متكلف فيه من أبرز الثمار وأهمها ، فتلك المجتمعات عبارة عن مجموعات بشرية يعتريها ما يعتري بقية البشر فالخوف والمرض والنسيان والافتتان بالدنيا والصراع من أجلها أشياء طبيعية لاأحد بمنأى من الإصابة بها حتى وإن قال التاريخ عكس ذلك، المقصود بالمجتمعات هنا مجتمع التابعين ومجتمع الدولتين الأموية والعباسية واللتان قامتا بإسم الإسلام والحياة الدنيا..
لكل مجتمع من المجتمعات حياته الخاصة وتاريخه الخاص لكن أليس من العقلانية أن يبقى ذلك التاريخ كما هو بلا تزييف أو محاولات اظهاره بمظهرِ افلاطوني وكأن تلك المجتمعات كانت تعيش في المدينة الفاضلة التي لم ولن توجد إلا بمخيلة أفلاطون فقط..
تتعاقب الأجيال وتكتشف أنها كانت مخدوعة بسبب تعصب كاتب أو شراء ذمة وضمير مؤرخ، نحنُ في عصر يختلف عن العصور الماضية عصر تتكشف فيه الحقائق بصورةِ مستمرة، هناك عدة مؤلفات تؤرخ لحقب تاريخية قديمة وحديثة يشار إليها بالبنان وهناك أيضاً مؤلفات تنقضها لكنها ليست صعبة المنال كما في السابق ففضاء الإنترنت يقدمها للباحث والقاريء بلا جهد مسبق، وهنا إشكالية فالقاريء قد يصطدم ويشكل عليه الأمر ويبدأ بالبحث حتى يصل لطريق مسدود ولربما يصبح ناقماً وجاحداً لأمته فلماذا كل ذلك؟
اعتقد أننا بحاجة لفتح صندوق وخزائن التاريخ الذي سيبقى تاريخاً يمدنا بالعبر والدروس ونستفيد منه إذا احسنا قراءته .
التعليقات (0)