مواضيع اليوم

التابوت (قصه) بسام فاضل

 بسم الله الرحمن الرحيم

التابوت

1

صدحت أصوات  الفرح ودعوات الشكر لله فــي منزل سالم المـــــــوظف البسيط بعد ارتزاقه المولود البكر الذي اسماه صابر

 وهلل وكــبر وانتشاء فرحة واخذ يتلذذ بغصن قات فـــي يده وأشعل حـــــــــبه سيجاره من علبه كانت مــــــــوضوعة فوق المسقف الذي تقرفـــــــــص أعلاه متكأ إلى سنافة تحيط بسقف ألغرفه الوحيدة التي يسكن بها وزوجه التي كانـــــــت والنسوة بالداخل تتأمل وتعانق مــــــولودها البكر.

مأدبة غذاء في اليوم التالي على شرف صابر دعاء لها نفرا من الأصدقاء ابتهاجا وفرحه وكانت مـــــن البساطة غنمه صغيره أعدها هو بنفسه ,اقتطع جزاء منها لزوجته ووالدتها التي تشرف على رعايتها أثناء الوضع والآخر تناوله هــــو وأصدقائه الذين خبروا دائب سالم على حب الآخرين ورعايتهم وخبروا ظروفه الصعبة وكده واجتهاده فــــــــي وضيفته ألعامه المتواضعة التي بالكاد تعيله وأسرته ومحاولات توفير شغل أضافيا حــرفيا عبر هندسه الأجهزة الالكترونية .

تمر الأيام وتمضي السنوات ويكبر صابر وترزق العائلة بمولود ثاني وثالث وظروف سالم لم تتغير بعد والغرفة المأوى لازالت كماهية بسيطة في شكلها بدائية الجدران والسقف المكون مــن خشب وعيدان العلب المغطى بالتراب الطيني ,والجدران التي بنيت من أحجار جمعها على أكتافه وبنيت واحده فوق الأخرى, ألبستها زوجته طينا مخلوط بقش لتتماسك وأمامها يقبع بناء اقل منها شان لأجل صناعة الطعام ,فقط هـــــــــــذه بساطه المنزل المسكون بخمسه أفراد والذي يضطرون لقضاء حاجتهم فـــي العراء الطلق تحت جنح الظلام يخبئونه حتى دنوه .

2

شب صابر بسرعة وكأنه يسابق الوقت لكي يتسنى له مساعده والده ,فانظم إلى ألمدرسه ألقريبه من المنزل وبداء يجتهد في دراسته ويتخطى الصفوف الستة الأولى وباتت تظـــهر عليه ملامح الشباب رغم نحف قامته وضعف بنيته الجسمانية .

قطعها عندما سمع عن فرصه للانضمام للجيش بواسطة احد أبناء المنطقة الذين يخدمون في صفوفه فقرر قطع الدراسـة والتحرك بسرعة إلى موضع تجمع الأفراد الذين يخضعون للجنة تقرر صلاحيتهم لأداء ألخدمه ألعسكريه ,رافقه بعـــض زملائه الأكبر منه سنا الذين سبقوه في الدراسة ويختلف عنهم في ألبنيه الجسمانية إلا انه كان يفوقهم فطنه وفـــراسة ويتميز بسلوك نقي وأخلاق حميدة .

كانت مقابله عابره أمام اللجنة التي سلمته ورقه طلبت منه تدوين بياناته ألشخصيه وقرارها بانتسابه إلى الجيش ,حتى انه لم يكن يتوقع هذه ألسهوله وما اخبر به والده عن الاجرأت الصارمــة للانضمام بحكم خبرته وعن أمكانيه رفضه لصغر سنه وهـــو الأمر المؤكد .

نادى احد المسولين عن النظام في مــــــــوقع استقبال المجندين بواسطة مكبر الصوت بان عليهم الصعود إلى شاحنات لأخذهم إلى حيث يتم أعطائهم المعدات والألبسة لأجل أتمام التدريب العسكري ,فترة التدريب العسكري محدده بوقت يتم من خلاله التهيؤ ليكون جنديا في الجيش, وعندما يمضي يوم يفكر صابر بموعد اقتراب نهاية التدريب واستلامه أول معاش له  لإرساله إلى أسرته ويفكر في أخوانه الصغار وسعادتهم وتهيئه لهم سبل العيش البسيط وانخراطهم في ألمدرسه حتى إكمال مراحلها التي حرم منها .

3

في الصباح الباكر وعلى غير العادة صحا على صوت صفاره إنذار وصوت الميكرفون يطلب منهم التوجه إلى طابور الساحة ألعامه واستقرب الجميع ذلك والفترة ألمقرره لإتمام التدريب لم تمض بعد ,كانت ألمفاجئه التي ظن الجميع أنها سارة عندما راء رجل بهندام مرتب عسكري يتبعه حراس ومعهم شوالة لم يفهم صابر ما بداخلها إلى بعد إن فتح الرجل المهندم المتأنق حـــقيبة سوداء لامعه انتزع منها عده أوراق وأخذينهم الأفـــــــراد الذي يفترشوا الساحة واحد تلوا الأخر ويسلمهم مبلغا مــــــــن المال ويأمرهم بالعودة إلى الصفوف وهكذا إلى إن تم الانتهاء مـــــن الجند وهم صامتون .

والعسكري المرتب لازال يتسيد طاوله أحـــــــضرت له بعناية ويجري اتصالات  مــــــن جوال انتزعه من خاصرته لم يسبق لصابران شاهده ثم تأتي شاحنات كبيره مكشوفة الغطاء ويأمرهم بالصعود على متنها ,فيصعدون دون إن ينطق احد ببنط شفه فقد كان الجمع من الصغر والعمر عاجزين عن التحدث إلى المهندم عداء همسا فيما بينهم ,تتجه الشاحنات في مسيرها مـــــــخترقة ألمدينه ثم ما تلبث إن تبتعد عنها وتطول المسافة ومـــــــع وقت الغذاء تبدءا أطلال ثكنات عسكــــــــريه تلوح في الأفق أمامهم منتشرة عشوائيا فيعلمون أنهم تم ترحيلهم إلى معسكر أخـــــــر وعندما تقترب الشاحنات أكثر وأكثر يسمع دوي انفجارات تشتد كلما تقدم المسير وتبدوا آتيه من مكان بعيد قدره صابر آت من  خلف الجبال التي تقع الثكنات العسكرية فــــــــــي جانبه الأخر

 ,فيدرك صابر إنهم سيقوا إلى حيث تدار معركة حامية الوطيس ,فينظر أمامه مباشرة فيرى لوحه جانب الخط كتب عليها أهلا وسهلا بكم في صعده .

 

4

فيصمت الجميع وتتسمر قاماتهم ويتصلبون واقفين دون حراك وحدق أعينهم  كأنها تغادر مقلها من هول الفاجعة ,في خلد صابر تدور أسئلة لا يجد لها جواب !

أي عقل يتصور أن نكون أطفال دون الخامسة عشره نشترك في الحرب ؟

 هل يعقل أن نشارك في المعركة زميل أخر يسال ؟

أمروا بالنزول لحظة الوصول مباشرة والتحرك إلــــــــــى حيث ينتظرهم  غذاء تحت لهيب الشمس الحارقة ومن ثم أتت شاحنه أخرى تسلمهم أدوات الحرب ,بندقية أليه وذخيرة ومستلزمات أخرى لحفظ الماء وبطانية ,ويطلب منهم الصعود إلى الشاحنات التي مازال  هدير محركاتها مستمرا لم يتوقف ,ومــــــضت إلى أسفل جبلا كان يقف أسفله منتظرا رجل رث الثياب كـــــــثيف الشعر وذو لحيه مجعدة يختلف تمام الاختلاف عن سابقه الذي سلمهم النقود لم يستطع صابر ورفاقه إن يميزوه قائدا الأبعد إن عرف بنفسه بأنه آمر للحرب  أسفل الجبل وانه سوف يوزعهم إلى جماعات يترأسها آمر عرفهم به وان عليهم انتظار الوقت والاستعداد لتسلق الجبل لمواجهه الخصم الذي يتمركز أعلاه رأس القمة .

5

مضى صابر الليل وهو يفكر في أمه التي خلفها ووعدها بإرسال أول راتب لسداد المبلغ الذي اقترضته  له عندما توجه إلـــــى الالتحاق بالجندية ,يتحسس جيبه, النقود لم يتمكن من إرسالها ويخرجها من جيبه ويسجل فوقها في ألورقه النقدية إلى أمــي الحبيبة .

صفاره خفيفة تنطلق مع تباشير بزوق ضوء الفجر ويتجهون إلى جهة الصوت كان صابراول الواصلين بعدان أدى صلاة الصباح ,تقدم الآمر وأشار إليهم بصعود الجبل والتمركز لأعلاه ودحر الخصم من القمة التي بالكاد ترى ويسيطر عليها الخصم ,أعطا الإشارة ببدء الصعود فانطلق صابر يقفز من حـــجر إلى حجر ومن مرتفع إلى آخر مستقلا خبرته في رعي الأغنام وما إن تكشف ضوء النهار بوضوح حتى انهمرت عليهم الرصاص من أعلا الجبل وتقترب رويدا رويدا وبدأت تصطدم بالصخور التي يصعد فوقها ولحظات بسيطة فيرى احد زملائه جانبه يسقط مضرجا بدمائه وأخر إلى الأسفل عندها أيقن إن الموت فـــــــي انتظاره .

6

شاهد زملائه يطلقون الرصاص في جهات شتى حتى أنهم لــم يستطيعوا تحديد ورويه الخصم واخذ هــــــــــــو الأخر يطلق رصاصـــه على الخصم وأدرك أما إن يدافع عن نفسه أو يقتل وكان يرى بوضوح أناس كثر أعلا ألتله يطلقون الرصــــاص مــــن أسلحه وتحصنوا بشكل امن حيث لا يرى سوى النواصي فقط .

فجاه يهوي أرضا الدماء تنهمر منه ويدرك إن أصابته مميتــة وانه هالك لا محالة, ويتجه صوبه زميلا له قريب مــــنه عندما راءه يسقط محاولا إن يضع ضمادة على مـــوضع النزيف.

  انه جرح بسيط يقول زميله,

 هزصابر برأسه لم يستطع التحدث !

يضغط احمد على الجرح محاولا إيقاف النزيف المنهمــر تدفقا بغزاره عبثا دون جدوى ..

,عرفه صابر كان احد أبناء قريته الذي رافقه فــــــي رحلته لم يستطع الكلام إلا انه اخرج من جيبه النقود التي استلمها كماهية لم يصرف منها شي واوما له بإيصالها إلى والدته وفارق الحياة في بطن الجبل .

استطاع زملائه إن يعيدوا جثته إلى حيث أمضى ليله ويبلقون قيادته التي سارعت بإرسال تابوتا احمر اللون مطرز بعيدان في شكل الصليب مؤنق ومهيأ بانتظام ويبدوا انه استورد ولم تعلم الجهة التي استوردته إن الصليب رسم في غطائه ربما علـــــى ألطريقه الأوربية في هندسته ,وضـــــــع بداخله والسيارة التي أرسلها القائد العسكري الذي يسكن نفس القرية وعبره جند لتنقل جثمانه إلى أسرته مودعا سائقها مبلغا مــــــن المال لأسرته .

كان أخوة صابر يلعبون في منحدر صخري عندما مرت سيارة الإسعاف محاولين اللحاق بها والتشبث للهو صائحين فـرحين برويتهم سيارة حديثه الطراز.

لحقوا إلى جهة توجه السيارة التي رأوها تتجه صوب منزلهم فرحوا لاعتقادهم انه صابر عاد إلـــــى إن وجدوا أمهم تبكي فجيعتها مسائلين لها ماالذي أحضرته السيارة  هل عـاد صابر أخي؟

 فيزداد بكائها قائله لقد قتل أخوكم فيردون هل يعود مرة أخرى مع ملابس العيد؟

 فتضمهم في حضنها باكيه .

 بسام فاضل 23-9-2013م  




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات