مواضيع اليوم

التأمين التجاري من منظور إسلامي

A.Fattah Edris

2012-11-24 17:26:41

0

حقيقة التامين وأنواعه
التأمين في اللغة من مادة أَمََن يأمن أمنا إذا وثق وركن إليه وأمّنه تأمينا إذا جعله في الأمن فكان بذلك آمنا وفي المنجد: يقال أمّن علي ماله عند فلان تأمينا أي جعله في ضمانه.
وأما في الاصطلاح فقد اختلفت تعريفاته لدي الباحثين إلا أن الاختلافَ في الغالب اختلافٌ لفظي. ولعل أقرب تعريف إلي الجمع والمنع والشمول هو: أنه تعاقد بين طرفين هما المؤمن والمؤمن له يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤديَ للمؤمن له أو من يعينه مستفيداً مبلغاً من المال أو إيراداً دورياً أو تعويضاً عن ضرر إثر حادث مُغطًّي ضررُه في العقد وذلك نظير قسط مالي يؤديه المؤمن له للمؤمن بصفة دورية أو دفعة ً واحدة.
والتأمين ينقسم من حيث شكله قسمين: تأمين تعاوني أو تبادلي, وتأمين تجاري, وأبين في عجاله حكم كل منهما بعد بيان المقصود منه:
أولا: التأمين التعاوني:
يقصد بالتأمين التعاوني أو التبادلي: ذلك النوع من التأمين الذي يجتمع فيه أشخاص معرضون لأخطار متشابهة, إذ يدفع كل واحد منهم اشتراكا معينا, بحيث تخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر, فإذا زاد منها شيء بعد التعويض رد إليهم, وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز, والأعضاء المشتركون في هذا النوع من التأمين لا يهدفون من وراء ذلك تحقيق الربح, وإنما يسعون إلي تخفيف الأضرار أو تحمل المصائب التي قد تحل ببعضهم، فكل منهم يكون مؤمنا ومؤمنا له في نفس الوقت.
وهنا النوع من التأمين لم يخالف أحد من العلماء المحدثين في مشروعيته, وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولي المنعقدة في العاشر من شعبان 1398 هـ بمكة المكرمة, الموافقة بالإجماع علي جواز التأمين التعاوني, وذلك بعد الاطلاع علي كثير مما كتبه العلماء في ذلك, وبعد الاطلاع علي قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (51) في 4/4/1397 هـ بجواز هذا النوع من التأمين لأدلة منها ما يلي:
1- إن التأمين التعاوني من عقود التبرع, التي يقصد بها أصالة التعاون علي تفتيت الأخطار, والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث, وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية, تخصص لتعويض من يصيبه الضرر, فهم لا يستهدفون تجارة ولا ربحا من أموال غيرهم, وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم, والتعاون علي تحمل الضرر.
2- إن التأمين التعاوني لا ربا فيه, فليست عقود المساهمين ربوية, ولا يستغل ما جمع من أقساط في معاملات ربويه.
3- إنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع, لأنهم متبرعون فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامره.
ثانيا: التأمين التجاري:
يقصد بالتأمين التجاري: هو ذلك النوع من التأمين الذي يلتزم المؤمن له فيه بدفع قسط محدد إلي المؤمن,
الذي يكون شركة مكونة من مساهمين آخرين غير المؤمن لهم, والغرض من إنشائها هو تحقيق الربح الذي يستفيد منه المساهمون فقط.
والتأمين التجاري يتنوع إلي نوعين: الأول: التأمين من المخاطر التي تؤثر في ذمة المؤمن له, بغرض تعويضه عن الخسائر التي تلحقه بسبب الحوادث, والثاني: تأمين الأشخاص الذي تدفع بمقتضاه شركة التأمين مبلغا من المال للمستفيد به, في حال وقوع خطر للإنسان في وجوده أو سلامته.
وقد اختلف العلماء في حكم التأمين التجاري بجميع أنواعه, فمنهم من قال بحرمته, ومنهم من قال بمشروعيته, وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته المشار إليها قبلا, بناء علي آراء جمهرة المجتمعين, تحريم التأمين التجاري بأنواعه, سواء كان علي النفس أو البضائع التجارية أو غيرها, وذلك بعد اطلاعه علي كثير مما كتبه العلماء في ذلك, وبعد اطلاعه علي ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بقراره رقم (55) في 4/4/1397 هـ من تحريم التأمين التجاري بأنواعه المختلفة.
وقد استدل المحرمون والمبيحون لهذا النوع من التأمين بأدلة منها ما يلي:
أدلة المحرمين للتأمين التجاري:
1- عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة علي الغرر الفاحش, لأن المستأمن لا يستطيع أن يحدد وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ, فقد يدفع قسطا أو قسطين ثم تقع الكارثة التي من أجلها كان التأمين, فيستحق ما التزم به المؤمن, وقد لا تقع الكارثـة أصلا فيدفــع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئا, ولا يستطيع المؤمن كذلك أن يحدد ما يعطي وما يأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده, وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم نهي عن بيع الغرر ", والنهي هنا يفيد تحريم المنهي عنه, وهو كل ما اشتمل علي غرر من عقود المعاوضات, ومنها عقد التأمين التجاري المشتمل علي ذلك.
2- التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة, لما فيه من المخاطرة في المعاوضات المالية, ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها, ومن الغنم بلا مقابل أو بمقابل غير مكافئ, فإن المستأمن قد يدفع قسطا من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين, وقد لا يقع الخطر ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل, وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قمارا, ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالي: " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ", إذ الأمر باجتناب الميسر نهي عن قربانه.
3- هذا النوع من التأمين يشتمل علي ربا الفضل وربا النسيئة, فإن شركـة التأمين إذا دفعت للمستأمن أو لورثتـه أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهـو ربا الفضل, والمؤمن يدفـع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نسيئة كذلك, وإذا دفعت الشركة مثل ما دفعه لها فإنه يكون ربا نسيئه فقط, وكلا النوعين محرم بالنصوص التي منها: ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل, ولا تشفوا بعضها علي بعض.. ولا تبيعوا منها غائبا بناجز ", فقد نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن ربا الفضل بقوله في هذا الحديث: " لا تشفوا بعضها علي بعض ", ونهي عن ربا النسيئة بقوله فيه: " لا تبيعوا منها غائبا بناجز ".
4- عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم, لما فيه من الجهالة والغرر والمقامرة, ولم يبح الشارع من الرهان إلا
ما فيه نصرة للإسلام, وقد حصر النبي صلي الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة هي الخف والحافر والنصل, ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل ", وليس التأمين من ذلك ولا شبيها به فكان محرما.
5- هذا النوع من لتأمين فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذه بلا مقابل في عقود المعاوضات المالية محرم, لدخوله في عموم النهي في قوله تعالي: " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ".
6- يترتب علي هذا النوع من التأمين الإلزام بما لا يلزم شرعا, إذ المؤمن لم يحدث منه خطر ولم يتسبب في حدوثه, وإنما نشأ الالتزام بالتأمين من مجرد التعاقد مع المستأمن, علي ضمان الخطر علي تقدير وقوعه, مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له, والمؤمن لم يبذل عملا للمستأمن, فكان محرما.
أدلة المبيحين للتأمين التجاري:
1- إن هذا النوع من التأمين هو تعامل لم يرد بخصوصه نهي صريح من أي من مصادر الشريعة, ولم يوجد ما يمنع من جوازه في ذاته, والأصل في العقود الإباحة إلا إذا وجد مانع, وليس في عقد التأمين التجاري مخالفة لنظام التعاقد الشرعي وقواعده العامة.
أجاب المانعون عن هذا الدليل:
إن الإباحة الأصلية لا تصلح دليلا هنا, لأن عقود التأمين التجاري قد قامت الأدلة علي مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة, والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها إلي غيرها, وقد وجد هذا الناقل, فبطل الاستدلال بالإباحة الأصلية.
2- إن هذا التأمين قد جري عليه عرف الناس, ووقع في العلاقات والمعاهدات الدولية في الإسلام عقود صلح يتحقق بها الأمن لبعض الفئات لقاء مال معلوم يدفع حسب الاتفاق, ومن ذلك الصلح نظير الجزية, ومحل العقد هنا هو قيام الدولة بحماية الذمي نفسا ومالا, ومنع كل اعتداء عليه.
أجاب المانعون عن هذا الدليل:
إن الاستدلال بالعرف لا يفيد في هذه لمسألة, إذ العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام, وإنما يبني عليه في تطبيق الأحكام, وفهم المراد من ألفاظ النصوص, ومن عبارات الناس في أيمانهم وتداعيهم وإخبارهم, وسائر ما يحتاج إلي تجديد المقصود منه من الأفعال والأقوال, فلا تأثير للعرف فيما تبين أمره وتعين المقصود منه, وقد دلت الأدلة علي منع التأمين, فلا اعتبار به معها.
3- إن هذا النوع من التأمين فيه مصلحة, والمصلحة أصل فقهي قائم بذاته, بل إن عقد التأمين التجاري صار ضرورة اقتصادية, فالبيوت المالية لا ترسل بضائعها إلا علي سفن مؤمن عليها, وتشترط التأمين علي البضائع, وأصبح هذا العقد إجباريا في بعض الحالات, كرخص السيارات التي لا تمنح إلا إذا كانت السيارة مؤمنا عليها, فنظام التأمين نظام اقتصادي أدت إليه مصالح التجارة ودرء نتائج أخطار النقل قبل كل شيء, ثم
عم وصار نظاما اقتصاديا تعاونيا عاما.
أجاب المانعون عنه:
إن الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح, فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة, وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسله, وهذا محل اجتهاد المجتهدين, والقسم الثالث: ما شهد الشرع بإلغائه, وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا, فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه, لغلبة جانب المفسدة فيه علي جانب المصلحة.
4- إن نظام التقاعد والمعاشات المعمول به الآن في كثير من البلاد الإسلامية, هو نظام تأمين واضح كل الوضوح, فالدولة تأخذ جزءا من أجر العامل في مقابل وعد, أن تعطيه نظيره مبلغا من المال حسب المدة التي يقضيها في العمل, ويدفع هذا المبلغ إلي العامل إذا كان حيا أو إلي من يعينهم من ورثته إن مات, وينتقل هذا المال إلي ورثته إن مات صاحب المعاش بعد استحقاقه له, وهذا الأمر فيه من الغرر والجهالة ما يفوق تلك التي يشتمل عليها عقد التأمين علي الحياة, إذ العامل لا يدري كم يستمر في دفع أقساط المعاش, وكم يبلغ مجموعها عند التعاقد, ومع هذا فهذا النظام يقره فقهاء الشريعة في عصرنا.
أجاب المانعون عن هذا:
إن قياس عقود التأمين التجاري علي نظام التعاقد قياس مع الفارق, لأن ما يعطي عند التعاقد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسئولا عن رعيته, وراعي في صرفه ما قام به العامل من خدمة الأمة, ووضع له نظاما راعي فيه مصلحة أقرب الناس إلي الموظف, ونظر إلي مظنة الحاجة فيهم, فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها, ولهذا فلا شبه بينه وبين التأمين التجاري الذي هو من عقود المعاوضات المالية, التي يقصد بها استغلال الشركاء للمستأمنين, والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة, لأن ما يعطي في حالة التقاعد حق التزمت به حكومات مسئولة عن رعيتها, وتصرفه لمن قام بخدمة الأمة مكافأة له وتعاونا معه جزاء تعاونه ببدنه وفكره, وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة.
5- هذا النوع من التامين له شبه بنظام العاقلة في الإسلام, الذي قررته السنة الصحيحة, إذ تتحمل العاقلة عن الجاني دية جنايته في حالات خاصة, وهي عادة حسنة تعاونيه, أقر الإسلام نظامها, وجعله إلزاميا في جناية القتل غير العمد, وهذا هو ما يحدث في حال قيام شركة التأمين التجاري بتحمل الأضرار والمغارم عن المستأمن, فيكون هذا النوع من التأمين مشروعا قياسا علي نظام العاقلة.
أجيب عن هذا الوجه:
إن قياس هذا النوع من التأمين علي نظام العاقلة قياس غير صحيح, لأن ثمة فروق بينهما, ومن هذه الفروق, أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد, ما بينها وبين القاتل في الحالين من الرحم والقرابة, التي تدعو إلي النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ولو بدون مقابل, وعقود التأمين تجارية استغلالية, تقوم علي معاوضات مالية محضة لا تمت إلي عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصله.
6- إن التأمين التجاري شبيه بعقد الموالاة الذي أجازه كثير من فقهاء الصحابة: ومنهم عمر وابن عباس وابن مسعود وابن عمر, وأجازه كذلك الحنفية, وعقد الموالاة يكون بين اثنين يقول أحدهما فيه للآخر: واليتك علي أني إن مت فميراثي لك, وإن جنيت فعقلي عليك وعلي عاقلتك, فعقد الموالاة من هذه الناحية يعد صورة من صور عقد التأمين, فطرفي العقد فيه شخص يتحمل مسئولية ما يحدث من الطرف الآخر، الذي تعهد بأن يقابل هذا التحمل بإعطائه حق ميراثه, والتأمين التجاري شبيه بذلك.
أجيب عن هذا الوجه:
إن قياس عقد التأمين علي ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح, فإنه قياس مع الفارق, ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار والجهالة الفاحشة, بخلاف عقد الموالاة, فالقصد الأول فيه هو التآخي والتناصر، والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال, وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع.
7- إن عقد التأمين التجاري شبيه بالوعد الملزم عن من يقول به من المالكية, وذلك لأن من المالكية من يري أن الوعد ملزم للواعد, وأنه يقضي عليه بالعدة إذا ذكر لها سبب, فمن وعد غيره عدة بقرض, أو بتحمل وضيعة عنه أو إعارة, أو نحوها مما ليس بواجب عليه في الأصل, فإن الوعد يصبح ملزما له, ويقضي عليه بالتنفيذ جبرا إن امتنع, والقول بلزوم الوعد للواعد يعطي متسعا لتخريج عقد التأمين علي أساس أنه التزام من المؤمن للمؤمن عليهم ولو بلا مقابل, علي سبيل الوعد, بأن يتحمل الأضرار التي تحدث طبقا للاتفاق الذي يحدث بين المؤمن والمؤمن عليهم, فهو التزام بتحمل الخسارة.
أجاب المانعون عن هذا الوجه:
إن قياس عقد التأمين التجاري علي الوعد الملزم عند من يقول به قياس مع الفارق, ومن الفروق بينهما أن الوعد بقرض أو إعارة أو تحمل خسارة مثلا هو من باب المعروف المحض, فكان الوفاء به واجبا أو من مكارم الأخلاق, بخلاف عقود التأمين التجاري فإنها معاوضة, باعثها الربح المادي, فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر.
الرأي الراجح:
والذي يبدو لي رجحانه من هذين المذهبين - بعد الوقوف علي أدلتهما وما اعترض به علي بعضها - هو ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول من حرمة التأمين التجاري بجميع أنواعه, وذلك لقوة ما استدلوا به علي مذهبهم, وأما ما استدل به أصحاب المذهب الثاني علي مشروعية هذا النوع من التأمين, فلم تسلم من اعتراض وجه إليها, فأوهن من حجيتها علي مذهبهم.
ومن ثم فإن التأمين التعاوني بمعناه السابق هو الصورة التي أقرها العلماء من بين صور التأمين, وإذا كان من بين أهداف اشتراك الأعضاء في هذه الشركة, تحمل المصائب التي قد تحل ببعضهم, وتحمل المسئولية عند نزول الكوارث, فإن الجناية التي أوجبت الدية علي بعضهم مصيبة حلت به, فيكون تحمل سائر الأعضاء لها داخلا ضمن أغراض هذه الشركة, ولا تعارض بين هذا وبين النصوص الدالة علي أن العاقلة هم العصبة, لأن العقل - كما فهم عمر وغيره من الصحابة رضوان الله تعالي عليهم - معلول بالنصرة, فإذا قامت شركة بين جماعة من الناس, تتخذ من أغراضها التعاون علي تحمل المصائب التي قد تحل ببعض أعضائها, فإنه يصدق في حقهم أنهم يتناصرون باشتراكهم فيها, وارتضوا النصرة بذلك بدلا عن التناصر بالعصبات, لأمر يقتضي عدم النصرة بهم .

أ.د. عبد الفتاح محمود إدريس

أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن

بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر

وعضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !