كبسولات تأمينية (21)
التأصيل الفقهي لنموذج التأمين التعاوني
بحث جمعه د/صديق الحكيم
التأصيل هو الرد إلى الأصل وأصلته جعلت له أصلا ثابتاً يبنى عليه.
فما الأصل الذي بنى عليه نموذج التأمين التعاوني؟
كان الاعتراض الرئيس على نموذج التأمين التجاري هو الغرر، إذ أن العلاقة التعاقدية بين المؤمن له والمؤمن إنما هي عقد احتمالي. والغرر في اللغة هو الخطر والخديعة وفي الاصطلاح الفقهي ما يكون مستور العاقبة، وعرفه بعض الفقهاء بأنه "ما تردد بين أمرين أحدهما أظن".
وقد ورد في الحديث إن رسول الله (صلي الله عليه وسلم )نهى عن بيع الغرر. ومن أمثلة بيوع الغرر المنهي عنها بيع الملامسة مثل أن يقول له كل ثوب لمسته فهو عليك بكذا، وبيع الحصاة كأن يرى حصاة مغلي أي شئ جاءت كان له بكذا...الخ. وقليل الغرر لا يمكن التحرز منه مثل شراء المبنى دون الكشف عن أساساته أو السيارة دون معرفة أجزائها الداخلية....الخ. ولكن ما يفسد العقود هو كثير الغرر الذي يترتب عليه أن تكون الحقوق والالتزامات التي تتولد من العقد. (مثلاً : قبض الثمن من قبل البائع، وقبض المبيع من قبل المشتري) فإذا كان أحدهما يحصل على حقوقه كاملة بينما الآخر حصوله على حقوقه أمر احتمالي فذلك المنهي عنه.
لكن جمهور الفقهاء على إن الغرر الكثير مفسد لعقود المعاوضات مثل البيع والسلم والإجارة...الخ. إذ إن ذلك ما ورد النهي عنه.
أما عقود التبرعات كالهدية والأُعطية ونحو ذلك، فان كثير الغرر لا يفسدها لان مبناها الإرفاق والتعاون والتكافل ونحو ذلك وليس الاسترباح والتجارة التي هي على المشاعة بين الناس. ولذلك فان الأصل الذي بني عليه نموذج شركة التأمين التعاوني هو نقل التأمين من عقود المعاوضات إلى عقود الارفاق والتبرعات. فبدلاً عن بيع شركة التأمين التجاري لبوليصة التامين، جعلنا المؤمن لهم ينشئون بينهم محفظة يحمون فيها المخاطر وما يكفي لتعويض من وقع عليه المكروه (الخطر) منهم، وهي تقوم على أساس التبرع لا المعاوضة.
جلي إن الغرر ملازم للتأمين على أي صيغة اعتمد. ذلك إن التأمين يتعلق بأمور غيبية لا يعلمها إلا الله. ولكن الفرق الأساس بين التأمين التعاوني والتجاري هو معالجة الخطر من خلال عقد التبرع الذي لا يفسده الغرر حتى لو كثر وليس عقد المعاوضة الذي يحوله كثير الغرر إلى الميسر والقمار.
الحكيم ، د صديق : التأصيل الفقهي لنموذج التأمين التعاوني ، كبسولات تأمينية ، مخطوط لم ينشر بعد 11/11/2011
التعليقات (0)