مواضيع اليوم

البيروقراطية والأمن والمؤسسة الدينية.. ثلاثة أسباب لتأخرنا

مالك الحزين

2010-07-28 19:22:49

0

نبيل فاروق يبكي الأم في "يا عيني يا مصر": البيروقراطية والأمن والمؤسسة الدينية.. ثلاثة أسباب لتأخرنا

إن كتّاب الخيال العلمي لا ينزلون إلى أرض الواقع إلا إذا حلت بهم نازلة أو كارثة، فها هو الكاتب نبيل فاروق كاتب المغامرات الشهير "رجل المستحيل" والتي توقف عن كتابتها مؤخرًا جادت قريحته برؤية ساخرة وهي كتاب "يا عيني يا مصر.. رؤية ساخرة"، والكتاب على الرغم من كونه صغير الحجم إذ يقع في 21 صفحة من القطع الصغير، ويتكون من ثلاثة فصول بعناوين "تجربة بيروقراطستان، المأزق، يا عيني يا مصر"، إلا أنك تستشعر الروح الغاضبة من المؤلف منذ سطوره الأولى.
فالكاتب الدكتور نبيل فاروق الذي صدر كتابه الجديد "يا عيني يا مصر" عن دار "دوّن" أوضح أنه شرع في كتابه بعد مروره بأزمة صحية مكنته من اكتشاف الكثير من السلبيات داخل المجتمع المصري، فإنه لم يكن ليكتشف أن مصر بها حوالي 3 ملايين حالة فشل كلوي سنويا يتكبدون معاناة مادية وصحية كبيرة حتى يتمكنوا من تلقي العلاج إلا عندما أصيب بفشل كلوي وفكر في زراعة كلى جديدة لرفضه إجراء غسيل كلوي؛ نظرًا لما يسببه من مشاكل صحية في المستقبل, ولكنه فوجئ بأن هناك عددًا هائلا من المصريين على استعداد لبيع كليتهم مقابل حفنة أموال قليلة.
إن الكاتب يرصد لنا بأسى وحزن أماكن ومقاهي مخصصة لاستيعاب مئات المتبرعين العاطلين والراغبين في الحصول على المال بدون عمل, وقد رفض الكاتب هذه الطريقة وفضّل نشر إعلان بالصحف وبالفعل عثر على المتبرع المثالي إلا أنه دخل في أزمة بيروقراطية جديدة لطول الإجراءات الروتينية المطلوبة لإجراء العملية.
إن الكاتب نبيل فاروق أرجع تردي أحوال المصريين في كتابه إلى عدة عوامل ففي الفصل الأول يكتب عن تجربة شخصية مر بها توضح مدى البيروقراطية التي تمر بها البلاد، واصفًا الحزب الحاكم بأنه "حزب الأقوال الكبيرة والأفعال الأقل من الصغيرة". والذي نشر في البلاد فسادًا ما لم تر مثله في تاريخها كله؛ لأنه فساد من نوع خاص، لا يبالي بردود الأفعال ولا يلتفت للانتقادات أو حتى الصرخات، ويمضي في غيه بكل بلطجة، متسلحًا بقوات أمن يفوق عددها وتعدادها دولاً أخرى أكثر تطورًا وتأثيرًا في السياسة العالمية".
ومن هذا المنطلق يذهب الكاتب إلى نقد المؤسسة الأمنية فيقول: إنها في حالة استنفار دائم وسط مبالغة في الضوابط الأمنية رغم أن الأوضاع بالبلاد لا تستدعي كل تلك القبضة الأمينية الحديدية، وتلجأ الحكومة المصرية إلى من قمع الحريات ومحاصرة الفكر لعدم نشر السلبيات على العالم الخارجي بدلاً من معالجتها من جذورها.
ولم يقف الكاتب عند المؤسسة الأمنية فقط ليلقي عليها باللائمة بل إن المؤسسة الدينية أخذت قسطًا وافرا هي الأخرى من النقد، فقد حملها مسئولية فقدان ثقة الشعب فيها نظرًا لسوء إدارتها وقمعها للحريات الفكرية والدينية فتحولت إلى مؤسسة قهرية مغرقة في السلفية، على حد تعبيره, وقال: "في العالم كله تعتبر زراعة الأعضاء أمرًا علميًّا بحتًا، ولكن في عالمنا العربي وفي مصرنا البائسة، تحول العلم بقدرة قادر إلى مسألة فقهية وشرعية، وراح الشيوخ والعلماء الأفاضل الذين هم حجة في مجالهم ولا يفقهون شيئًا في العلم والطب، يفتون في الطب مع أن القرآن أمرنا أن نسأل أهل الذكر، وأهل التخصص الطبي هم المقصودون بذلك هنا".
أما الفصل الثالث والذي حمل عنوان الكتاب "يا عيني يا مصر" فيعدد الكاتب منذ السطر الأول مساوئ وسلبيات تحدث في مصر على ملأ منا دون أن نحرك ساكنًا، فيلقي الضوء على الخصخصة وصفقات "بيع مصر" قطعة قطعة، والتي تمثل من وجهة نظر المؤلف أكبر عملية فساد علني حكومي وسط لامبالاة بالشعب وأموال الشعب ومستقبل الشعب، فالمصانع والشركات تم تقييمها بأقل من سعر الأرض المقامة عليها، وبيعت رسميًا ونحن نتفرج وعيني عينك، ولسنا ندري حتى أين يذهب ثمنها، مع أن المسئولين يشتكون ليل نهار من الفقر ونقص الموارد.
ويرصد لنا الكاتب أحوال الناس في شوارع مصر فيقول: لو أنك سرت في مصر، فسترى الغضب على كل الوجوه وفي كل التصرفات وكل ردود الأفعال، وذلك الغضب يجعل روح الكل في مناخيره.. ولا أحد يبتسم في وجه أخيه، ولا أحد يتجاوز عن أخطاء الآخرين. والكاتب في هذا السياق لا ينسى أن يؤكد أن الغضب البادي على الوجوه هو اليأس من أن تنصلح الأحوال أو يسود العدل أو يأخذ كل ذي حق حقه، على أي مستوى من القمة إلى القاع.. ففي بوتقة من الفساد لا يمكن أن يولد الخير أو يكون هناك أمل في الإصلاح الذي يتحدث عنه النظام ليل نهار، ثم لا يعمل به لحظة واحدة".
ولعل التساؤل الأكثر إلحاحًا لدى الكاتب هي ظاهرة خلو مصر من الكفاءات القادرة على إحداث تغيير حقيقي وإبعاد الكفاءات عن الظهور الإعلامي وكأن مصر خالية من الكفاءات المناسبة التي تستطيع إحداث نقلة نوعية للمجتمع في مقابل تعظيم الفاسدين في شتى نواحي المجتمع بهدف قتل روح التغيير فينا.
إن كتاب " يا عيني يا مصر.. رؤية ساخرة" قدمت بشكل جميل وجديد وذلك لرصد مآسٍ اجتماعية وسياسية واقتصادية تحدث في مصر, وإذا كان هذا اتجاهاً جديداً ومتميزاً من الدكتور نبيل فاروق إلا أنه ليس أول من كتب في ذلك، فقد سبقه كثير من الكتاب إلى هذا الاتجاه ولكنه يبقى له أثره شارك به.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !