مواضيع اليوم

البو عزيزي في الجنة

حسن الحارثي

2011-04-17 01:38:35

0

 
"في يوم الجمعة السابع عشر من ديسمبر للعام 2010 أحرق الشاب التونسي محمد البوعزيزي نفسه". هذا ما جاء في ويكيبيديا. يقول التعريف أن "أمرأة شرطية قالت له degage أي "إرحل" بالفرنسية وأصبحت بعد ذلك شعارا للثورات العربية"، لكنه لم يقل أنه لم يرحل، وأنهم هم الذين رحلوا، وكان يجب عليه أن يقول كذلك أنه "حيا عند ربه وهم ماتوا أحياء بيننا".

كيف لا تحب من قلب هذه المعادلة؟. كيف لا تعشق من دق أول وتد للكرامة في ذاكرة الشعوب العربية؟. كيف لا تخلد من صنع كل هذه الحالة الغرائبية والأحداث الساخنة والصخب والعزيمة والموت من أجل الحرية في هذا الجزء من العالم؟. كيف لا تتغزل فيمن إعاد غربلة الخرائط السياسية في كل جزء في هذا العالم، بتضحية في لحظة؟.

كلنا نحب البوعزيزي، حتى الذين أربكهم، وحتى الأحياء الموتى. عذاب في الدنيا سيكون أرحم من عذاب آخرة. وحين يجمع المسلمون في شتى البلدان على حب هذا الرجل، فلا بد أن يكون من أهل الجنة حتى لو آنتحر. ويتوجب على وزارات الشؤون الإسلامية تعميد الخطباء الدعاء للبوعزيزي مع قائمة الأدعية التي تقال في صلوات الجمعة، فحتى يوم الجمعة أصبح يحمل معناه الإصطلاحي بعد البو عزيزي.

وحفاظا على عمق تأثير المرحلة وبعدها التاريخي العربي، فأني أدعوا دارات التاريخ ووزارات التعليم بإعتماد تاريخ ما قبل وما بعد البوعزيزي، فالفجوة متسعة والصور مهشمة، إن لم يكن تاريخ جديد لا يرتبط بما قبله بأي صلة. وأدعوا وزارات البلدية لتسمية أكبر شارع في كل مدينة بأسم البوعزيزي، وتمثال في ميدان.

الحاكم العربي يحاكم. قد يكون الإستثناء موجود في كتب التاريخ، ولنعتبر صدام حسين توطئة لغير المتوقع، غير أن الإرادة الشعبية هنا طردت الحاكم وتحاكمه. لا تتوقف عند هذه الصورة. الشوارع الحرة تتكاثر، الأصوات تعلو، الهوية تتنفس، الحقيقة، التغيير، المواجهة، الفوضى، دماء الأحرار.

كل هذا صنعه البو عزيزي، وأزعم أن رسالته كانت واضحة، "لا يحكم الشعب إلا الشعب نفسه".

وحين نلتصق أكثر بمرحلة البو عزيزي، بكل ما فيها من إنفتاح تقني معلوماتي وإتساع معرفي وتواصل إجتماعي الكتروني، مصحوبة بحالة إحتقان مزمنة، فإن ما يحدث اليوم في العالم العربي يكاد يكون منطقي – مع التحفظ الكثير على وتيرة الحدث- لكن البوعزيزي فجر الوعي العربي الجمعي بعود ثقاب، أشعله في جسده النحيل، فغير وجه التاريخ، ألا يستحق منا الدعاء؟.

اللهم أغفر لعبدك محمد البوعزيزي فإنه خير عند خلقك – في ذمتي وذمة الجمعة- من شيخ يصيح على المنابر: حي على التفسيق والتخوين والتلفيق، حي على النعيق، حي على النعيق.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !