مواضيع اليوم

البوليساريو تتعبأ لإيقاع المغرب في شرك توسيع اختصاصات المينورسو

شريف هزاع

2011-05-18 14:33:06

0

البوليساريو تتعبأ لإيقاع المغرب في شرك توسيع اختصاصات المينورسو

عبـد الفتـاح الفاتحـي

يتجدد النازل اليوم بين المغرب من جهة وجبهة البوليساريو والجزائر من جهة ثانية حول الصحراء بالرهان على الورقة الحقوقية لتقوية مواقفها التفاوضية، فإذا كان المغرب في موقف المدافع فلأنه يريد إعطاء صورة للمنتظم الدولي باحترام ما جاء في بيان كريستوفر روس خلال اختتام مفاوضات مالطا، والذي دعا فيه الأطراف إلى ضرورة التهدئة وتلافي أي استفزاز قد يؤثر سلبا على مسلسل المفاوضات.

وإذا استوعب المغرب هجوم الجزائر في مجلس حقوق الإنسان في جنيف مؤخرا فلأنه ينظر إلى المستقبل، والذي يحتاج إلى تضحية بما لا يعني أن يغفل قوة ضغط الورقة الحقوقية على موقفه التفاوضي.

وأحس المغرب بشدة تركيز الخصوم على هذه الورقة قد ذهب ببريقه الحقوقي بعد أحداث مخيم اكديم إيزيك في مدينة العيون، جعله يسعى جاهدا لإعادة كهذا البريق بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة تجاوزت اختصاص الاستشارة إلى مؤسسة تقريرية ترصد انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة المغربية.

والحق أن هذا الضجيج الحقوقي الذي يشكل محط نزال بين المغرب والجزائر في مجلس حقوق الإنسان بجنيف يترجم اليوم بحرب إعلامية تسبق عملية صياغة الأمين العام بان كيمون لتقرير 2011 حول النزاع في الصحراء، والذي سيعرضه على مجلس الأمن نهاية أبريل الجاري.

والحق أن مهمة الدبلوماسية المغربية حد صعبة لقوة الورقة الحقوقية المثقل بالعديد من الخروقات، ومن جهة ثانية فلأن جبهة البوليساريو تتقن لعب دور الضحية الأبدية لاستجداء عطف المنظمات الإنسانية الدولية، حيث تسعى البوليساريو إقناع مجلس الأمن بتوسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة للصحراء لتشمل متابعة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء.

وأعتقد أن مناسبة الإعلان عن فشل المفاوضات لازال مبكرا بعد ست جولات من المفاوضات غير الرسمية، في وقت تعرف فيه المنطقة احتقان كبيرا، يبقي الأمم المتحدة مراقبا فاعلا في المنطقة خاصة بعد أن أوجد المغرب مقترحا أكدت العديد من الدول الكبرى مصداقيته وواقعيته، ولذلك فإن فرضية خروج الأمم المتحدة من الأزمة الصحراوية أمرا جد مستبعد في الوقت الراهن، وعليه فإن الممكن هو تمديد مدة عمل بعثة المينورسو في الصحراء لمدة سنة أخرى في انتظار ما تسفر عنه المفاوضات المقبلة، والتي تم الاتفاق عليها مع الأطراف في نهاية مايو المقبل.

إن قرار مجلس الأمن رقم 1495 صادر في 30 يوليوز 2003، والذي قضى بالإضافة إلى تمديد صلاحية بعثة المينورسو، دعا مواصلة الجهود مع الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق عام، مشكلا منعطفا حاسما في تعاطي مجلس الأمن الدولي مع قضية النزاع في الصحراء، وفيه تأكد بأن الأمم المتحدة باتت مقتنعة باستحالة تطبيق الاستفتاء، حيث دعا إلى حكم ذاتي لسكان إقليم الصحراء لفترة تتراوح ما بين 4 إلى 5 سنوات، يعقبها تطبيق استفتاء لتحديد مصير سكان الإقليم.

وإن لم يكن هذا في القرار في صالح المغرب إلا أنه سجل فيه انتصار لمبدأ الحكم الذاتي ولو بصورة محدودة في الزمن، بعدما لم تكن قرارات المجلس الأمن لا تتحدث إلا عن مبدأ تقرير المصير الذي يعني الانفصال.

والحق أن جبهة البوليساريو بعدما فقدت قوة السلاح تعول على الورقة الحقوقية لتقوية موقفها الداعي إلى فصل الصحراء عن المغرب، ورقة لها تأثيرها الكبير على الموقف المغربي، خاصة لما تكبدته صورته الحقوقية بعد مخيم اكديم ايزيك، على الرغم من إن السلطة المغربية قدمت 11 شخصا نظاميا قربانا مقابل تفكيك المخيم، إلا أن تعويل البوليساريو على هذه الورقة رهان خاسرة لحسم النزاع في الصحراء، وذلك لأن الورقة الحقوقية ليست بالموضوعية.

إن فشل رهان جبهة البوليساريو على الورقة الحقوقية لتقوية موقفها التفاوضي في المطالبة باستقلال الصحراء يتأكد في أن الوضع الحقوقي في مخيمات تندوف أكثر سوء بعد اعتقال مصطفى ولد سلمى الذي انتصر لمقترح الحكم الذاتي، وبعد تدخلات دولية وحقوقية نفته جبهة البوليساريو نحو موريتانيا، ولم تسمح له بزيارة عائلته بالمخيمات، ومن جهة ثانية فإن جبهة البوليساريو ورغم كالدعوات المتكررة من منظمة غوت اللاجئين لا تزال ترفض معملية إحصاء سكان المخيمات، وفتح المخيمات أمام وسال الإعلام، وهو ما يجعل البوليساريو في موقف حرج حين تتحدث عن مبادئ حقوق الإنسان.

إضافة إلى تدهور صورة جبهة البوليساريو كثيرا بعد تورط مرتزقتها في تقتيل المدنيين الثوار مكن الشعب الليبي، اتهامات تأكدت بعد إعلان الثوار بذلك، وبعد تأكيدات إعلامية ودبلوماسية تحدث عن تورط الطيران الجزائري في نقل المرتزقة إلى ليبيا، وهو ما تأكد فعليا من خلال اعتراض الجزائر في الجامعة العربية على تأييد الدعوة إلى فرض حضر جوي على طائرات معمر القدافي.

وعليه فإن للمغرب اليوم أكثر من دليل حتى لا ينجر مجلس الأمن الدولي نحو رغبة البوليساريو في توسيع صلاحيات المينورسو، خاصة وأنه يعتبر ذلك مسّـاً بسيادته وتدخُّـلا في شؤونه الداخلية، وأكثر من ذلك فإن قرارات مجلس الأمن تؤكِّـد دوما على سيادة القانون المغربي في المناطق المُـتنازَع عليها، وهو ما يجعل تحقيق جبهة البوليساريو لأي اختراق في هذا الصدد بالأمر المستحيل.

كما أن المغرب اكتسب اعترافا من الاتحاد الأوربي بتقدمه في المجال الحقوقي، وأنه لولا ذلك ما كان للأخير قد منحه بطاقة الوضع المتقدم مع الإتحاد. ومن جهة ثانية فإنه من الصعوبة بمكان إجراء تعديل على صلاحيات المنورسو لأنها تأسست سنة 1991 على أساس مُـراقبة وقْـف إطلاق النار والإعداد للاستفتاء فقط.

وحتى وإن أبدت جبهة البوليساريو قَـبولها بوُجود آلية دولية لمُـراقبة حقوق الإنسان في مخيّـمات تندوف، فإن ذلك لا يحظى باهتمام دولي، مادامت الأخيرة ليست بعـضو في المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة المتخصِّـصة في مجال حقوق الإنسان.

وشكل هجوم المغرب على البوليساريو عقب سحبها لنقطة حقوق الإنسان من جدول التفاوض بالرغم من أنها هي التي دعت إلى إدراجها، وأكيد أن استعداد الوفد المغربي لهذه النقطة دعا بالجبهة إلى سحب هذه النقطة، وهو ما شكل نقطة قوة سجلها المغرب بأيام قليلة على إعداد تقرير الأمين العام للأم المتحدة والذي سيتم عرضه على أنظار مجلس الأمن الدولي خلال دورة أبريل القادم. وأثر هذا الهجوم خلف أثرا عميقا في الوفد البوليساريو، استدعت من البوليساريو الرد على ذلك على لسان ممثل جبهة البوليساريو بأوروبا، محمد يسلم بيسط، في رد على تصريحات لوزير الخارجية المغربي من أن "الطرف الصحراوي رفض إدراج حقوق الإنسان ضمن الاجتماع الأخير بمالطا"، أوضح فيه أن حقوق الإنسان "ليست مسألة للتفاوض و لا للمساومات السياسية"، معتبرا أن مثل هذه التصريحات تنم عن "سوء نية وانعدام للإرادة السياسية.

وإذا كانت الضغوط الحقوقية الدولية على المغرب قوية فإن جبهة البوليساريو ليست بأحسن حال، حيث تتهمها التقارير الدولية بتمتيع عدد من المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في المعسكرات ليظلوا في منأى عن العقاب والمساءلة.

وبالنظر إلى تشخيص تقارير المنظمات الحقوقية الدولية للوضع الحقوقي في الصحراء، يضع الموقف التفاوضي للمغرب حول النزاع في الصحراء على المحك، ذلك أن تحليل مضامين هذه التقارير تفيد بأن المغرب قد يفقد رمزية سيادته على الأقاليم الجنوبية، حيث تدعو مختلف التقارير الدولية إلى توسيع اختصاصات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة الوضع الحقوقي في الأقاليم الجنوبية، وقناعة تتعزز يوما بعد يوم بسبب الزلات الكبير التي ارتكبتها السلطات المغربية في تدبير عدد من الملفات، وجرت عليها تشويها لصورة المملكة الحقوقية، ففقدت البريق الذي اكتسبته بعد نتائج هيئة الإنصاف والمصالحة.

إن تحليلا لمضامين هذه التقرير يرى كم نقط قوة سجلتها جبهة البوليساريو على المغرب بفضل المناصرين لها في الداخل، في وقت لم تستطع الدولة تطوير تكتيكاتها لإدارة الصراع مع الجبهة على المستوى.

ولم يعد خافيا على أحد الدور الجزائري في تعقيد حل ملف النزاع في الصحراء، فقد أكد موقع ويكليكس في وثيقة سرية إشراف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يعد عقد الحل في الصحراء، وأن سبب خصوماته مع الفرنسيين ترجع بالأساس إلى انتصار فرنسا للأطروحة المغربية.

وحيث إن المغرب قد حقق تقدما ملحوظا في فرض سيادته على الصحراء فإنه بالمقابل يتعرض لحملة تشويه قوية يقوم بها الخصم الجزائر وكجبهة البوليساريو، ذلك أن المغرب الذي حصل على صفة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي وهو ما يمثل له اعترافا بتقدمه في مجال الحريات العامة والفردية، يزيد من حنق خصومه، مما يجعل هجوماتهم لا تراعي ما دعا إليه المبعوث الشخصي للأمين العام كريستوفر روس الذي دعا الأطراف إلى تفادي التشنجات التي تهدم عامل الثقة بين الأطراف.

وليست الجزائر ومخيمات تندوف بأحسن حال في مجال حقوق الإنسان، فإذا كانت المنظمات الدولية تجد طريقها إلى كل مناطق المغرب لإجراء تقييم للوضعية الحقوقية في المغرب، فإنها لا تصل إلى ذلك سبيلا في تندوف والجزائر بفعل التعتيم الإعلامي الذي تمارسه جبهة البوليساريو والجزائر على المنظمات الحقوقية والصحافة.

وعلى ضوء تبادل الاتهامات في غياب أي إرادة حقيقية لمتجاوز الوضع المتعثر، وبالنظر إلى الحراك السياسي الذي تعيشه المنطقة المغاربة، وخاصة تزايد الضغط الشعبي على الجزائر والمغرب للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية قد تتوج بتصورات جديدة غير التي تناقش اليوم بإشراف الأمم المتحدة، والأكيد أنه وبالنظر إلى ما يجري اليوم مكن أحداث متسارعة في المنطقة ستؤخر إيجاد حل في الصحراء، لانعدام الثقة والضمانات السياسية، خاصة بالنسبة للمغرب، ولذلك فإن الأمر يقتضي مزيدا من الوقت حتى تستقر الأمور وتتوضح الصورة أكثر، وعلى ضوء هذه المتغيرات فإن المفاوضات الجارية قد تتوقف في جولتها السادس، وإذا تواصلت فإنها لن تتجاوز الاجتماع السابع لشهر مايو المقبل.

محلل سياسي مهتم بالنزاع في الصحراء
elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات