ملاحظة : المقال التالي تم نشره بداية العام بعد انطلاق انتفاضة الياسمين في تونس وقبل انطلاق انتفاضة 25 يناير في مصر ولم يتم نشره في المدونة التي تم انشائها في وقت لاحق.
نص المقال
لمن لا يعرف محمد البوعزيزي فهو المواطن التونسي الذي كان إشعاله النار في جسده شرارة الثورة التونسية التي أطاحت بالنظام الفاسد في تلك البلاد.
البوعزيزي شاب يحمل الشهادة الجامعية ولكنه بعد عدم تمكنه من إيجاد وظيفة لجأ إلى العمل كبائع متجول للخضار والفواكه في الشارع ولكن السلطات طاردته وصادرت بضاعته وتعرض للضرب على أيدي رجال الشرطة مما دفعه إلى إشعال النار بجسده في صرخة احتجاج يائسة.
ما كان لاشتعال جسد البوعزيزي أن يشعل ثورة شعب لو لم تكن النار تشتعل في صدور التونسيين نتيجة للظلم الذي أوقعه نظام ابن علي بذلك الشعب.
في مطلع العام الجديد, تناقلت وسائل الإعلام المحلية خبرا يتعلق بالاعتداء والشتم اللذين تم تبادلهما بين احد نواب برلمان الدوائر الوهمية و رئيس بلدية اربد.تم التركيز على الاعتداء والشتم المتبادل بما يعزى إلى اهتمام وسائل الإعلام المحلية بظاهرة العنف البرلماني ,ولكن لم يتم التركيز على المناسبة التي حدث فيها ذلك الاعتداء وهي كما جاء في هامش الخبر قيام " تجار" البسطات والعربات المتجولة(المصطلحات المستخدمة هي الواردة في القرار الوزاري المشار إليه أدناه) في اربد بتنظيم اعتصام (لاحظوا تحضر الأردنيين هنا وثقافة الاحتجاج السلمي لديهم).
سبب الاعتصام كان قيام بلدية اربد ببدء تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم (81) لسنة 2009 والذي يقضي باستيفاء رسم مقداره مئة دينار عن منح رخصة البائع المتجول واستيفاء رسم سنوي مقداره 150 دينار عن ترخيص العربة و200 دينار عن ترخيص البسطة والمظلة و 300 دينار عن ترخيص الأكشاك.
نحن نقدر عمل الحكومة على مواجهة الأزمات وعدم ترحيلها وسعيها إلى استيفاء وتحصيل حقوقها على الموطنين التي بلغت طبقا إلى المصادر مبلغ 900 مليون دينار.واعتقد أن المبلغ المشار إليه يتضمن بضعة ملايين تسعى الحكومة إلى تحصيلها من الباعة المتجولين و"مالكي" البسطات والعربات.
كما وأعتقد أن قرار مجلس الوزراء قائم على معلومات دقيقة حول عدد النقلات التي يقوم مالك العربة بنقلها وعدد اكواز الذرة التي يبيعها هؤلاء التجار والأرباح الفاحشة التي يحققونها ورغم أنني اعترف هنا بأنني كنت ومازلت انظر إلى هؤلاء "التجار" على أنهم من المساكين والغلابة ومازلت أحاول التخلص من هذا التصور الساذج بصعوبة وأعرف أنني لن أتمكن من ذلك.
ولكن ....رغم إيماني بحكمة الحكومة التي حصلت على ثقة غير مسبوقة من المجلس النيابي الذي قدم نموذجا رائعا على الاعتراف بالجميل في تصويته على الثقة.فأنني ارغب بتقديم صورة لما رأيته في وجوه المشاركين في اعتصام تجار العربات والبسطات واراه حاليا في وجوه العديد من الأردنيين واقرأه في أحاديثهم وغضبهم .
لقد رأيت في وجوههم وأحاديثهم ما يشير إلى اشتعال النار في الصدور بما يشبه النار التي اشتعلت بجسد البوعزيزي التونسي.وقد قرأنا في الماضي عن قيام جزار أردني بضرب جسده بالساطور احتجاجا على إصدار أمر بإغلاق ملحمته وقيام مواطن أردني آخر يعمل سائقا بخلع ملابسه تظلما واحتجاجا بعد أن حرر مراقب سير مخالفة بحقه ليظهر انه لا يملك مالا يخفيه تحت ملابسه وهذه الردود تشبه رد فعل البوعزيزي التونسي ولكن بحمد الله لم تتجاوز الأمور حدود ذلك .
أقول للحكومة بأننا نقدر حرصها على تحصيل حقوقها من المواطنين وعدم ترحيل الأزمات ولكن يتوجب الحذر فهناك الآلاف من أمثال محمد البوعزيزي في اربد وبقية محافظات المملكة أوجدتهم السياسيات الحكيمة لهذه الحكومة التي أقترح عليها الرحيل لأنها غدت تشكل أزمة لا يرغب المواطن الأردني بترحيلها.
www.sarayanews.com/object-article/view/id/47047
التعليقات (0)