الخلط ما بين تجارة العملات وأدوات السوق العالمية وشركات توظيف الأموال أدى لهروب رؤوس أموال واستثمارات كبيرة بالرغم من رواج هذه التجارة محليا إلى يومنا الحاضر، فنجد إعلانات لشركات في دول الجوار ودول أخرى على صفحات الصحف اليومية الذي اصطلح على تسميتها شعبيا بالرسمية ،هذا المفهوم الشعبي يؤدي إلى خلق ثقة وهميه بتلك الشركات الأجنبية.
فقد قامت سياسة الخلط ما بين شركات توظيف الأموال وشركات الوساطة المالية في الأسواق العالمية إلى سحب الثقة من السوق المحلي مقابل إعطائها لأسواق الدول المجاورة فعند إصدار قانون التعامل في البورصات الأجنبية لسنة2008 وقرار إغلاق الشركات التي تتعامل بأدوات السوق القابلة للتداول تم تهريب الشركات الأردنية والمستثمرين الأجانب إلى الأسواق المجاورة وما زالت تعمل إلى الآن بأموال الأردنيين خارج الوطن.
ثورة الاتصالات الحديثة والشبكة العنكبوتية جعلت من المستحيل على أدوات الرقابة الاقتصادية المحلية منع المواطن أن يقوم بالتجارة بتلك الأدوات أينما كان وكانت ولكنها بذات الوقت خلقت للأردن بئرا من البترول ما زال المسؤول يغض البصر عن وجوده بالرغم من حقيقة وجوده على ارض الواقع وحرمت البلد من ايجابياته.
ذلك أن السوق الأردني اكتسب ثقة دولية مميزة بفضل الأمن والآمان الاقتصادي، واستقرار التشريعات، وعدم وجود تدخلات سلبية تذكر في سياسات السوق؛ أدى بالتالي لجعل خيار السوق الأردني الملاذ الآمن لهذه التجارة، وازدهارها، بل أن شركات مهمة وكبيرة دولية جعلت من عمان مركزا ماليا إقليميا رئيسيا لفروعها بالمنطقة، وفشلت دولا نفطية بخبرات عالمية من الحصول على هذا المركز وهذه الثقة التي أضعناها بأيدينا بسبب احتراق ملياري دينار في البورصة العالمية، بالرغم من أن سوق عمان المالي أحرق ما يقارب ال 25 مليار دينار خلال ذات الفترة بناءا على الفروقات الاسمية والدفترية في قيم موجوداته.
الثقة الدولية والمركز المالي الإقليمي الذي كان ، بدأ يتبخر بفضل الخوف وعدم الفهم لما تدره هذه التجارة من دخل قومي للوطن أدى لهروب رأس المال المحلي والأجنبي ،فأصبح المتاجر في الأسواق الدولية ينزف أموالا أردنية إلى الخارج، بعد أن كان في الوقت الماضي يستقطب أموال تلك الدول إلى الداخل.
من جانب آخر انقلبت الأوضاع جراء ما حدث في الشارع ليصل إلى صانع القرار الاقتصادي الذي لم يصمد أمام الضغط الشعبي غير المتخصص، لنخرج بما يسمى بفضيحة البورصات والتي ما هي إلا فضيحة شركات تشغيل الأموال سيئة الذكر والنتيجة.
دوما كنا من المحذرين من تلك الشركات ونشكر تدخل السلطات المتأخر في تلك القضية ولكننا أيضاً حذرنا من نتائج الخلط بينها وبين أخرى تعمل بطريقة مختلفة تماماً.
أدى ذلك الخلط لإغلاق السوق الأردني أمام كل أنواع شركات الخدمات المالية مما سهل هروب رؤوس أموال محلية واستثمارات أجنبية عملت في السوق الأردني لسنوات عدة وشغَلت أردنيين وحركت أسواقنا المحلية وساهمت في التخفيف من البطالة وعمليات تهريب الأموال الأردنية إلى الخارج.
أصبحت سياسة تنظيم هذا القطاع سلبية في نتائجها ففي حين لا يسمح للشركات بالعمل محليا يقوم المواطن بالاستثمار والمضاربة لحسابه الشخصي وإخراج أمواله إلى الفضاء ، فشركات الخدمات المالية الأجنبية توفر لعملائها خدمة الاتصال الهاتفي الدولي الخاص أو خدمة الإنترنت المختصة وتحويلات لمبالغ صغيرة تجمَع أرقاما مهولة مستنزفة من السوق المحلية.
إلا أن الأمر مختلف بالنسبة للبنوك المرخصة لممارسة المتاجرة في أدوات الأسواق المالية العالمية وحتى تلك المتعلقة بالأسهم أو السندات الأجنبية لحسابها أو لحساب عملائها وذلك بإجازتها وفق قانون البنوك رقم 28 لسنة 2000 والتي مازالت تعمل بعيدا عن قانون التعامل في البورصات الأجنبية لسنة2008 الاخير والية عملها أدت بالضرورة لتواضع في حجم الاستثمارات المستقطبة،بل أنها أصبحت واجهه لشركات إقليمية لم يكن لها حصة في السوق الأردنية قبل إغلاق الشركات المتخصصة محليا.
وفي النهاية على الجهات المختصة واجب التعامل بطريقة مختلفة وبأسرع وقت فيما يتعلق بالمضاربة والاستثمار في الأسواق المالية العالمية حيث يشكل الزمن والكفاءة العلمية وأدوات التكنولوجيا الحديثة عناصر أساسية في هذا النوع من التجارة ، فلابد من تفعيل الأداة المختصة بدراسة وتنظيم المسائل المتعلقة بالمتاجرة في الأسواق المالية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد الوطني ، وإعادة إدخال هذا النوع من التجارة تحت رقابة وتنظيم هيئة الأوراق المالية ، الأقدر على فهم الجوانب الفنية المرتبطة بهذا النوع من التجارة وتنظيمها ،والجهة المختصة بتحقيق الدور الرقابي والدور المهني التنظيمي لهذا النوع من التجارة بعد نجاحها بخبرتها وتميزها في الإشراف والتنظيم لسوق رأس المال المحلي .
والاستفادة مما تدره هذه التجارة على الاقتصاد الوطني كضرائب تدفع للخزينة ورواتب تدفع للعاملين واستثمارات مالية تدخل من الدول المجاورة للسوق الأردني الموثوق فيه بدرجة عالية جدا .
التعليقات (0)