البنوك: "ماكينات" لربح المال في السراء والضراء
البنك كالمنشار "طالع واكل هابط واكل"
على يخفى على العام والخاص أن بلادنا تعيش في الظرفية الحالية ضائقة مالية حادة جدا بلغت درجات دعت للقلق، وكانت خزينة المملكة على شفى أن "توكح"، كما تراجعت عمليات توزيع القروض بشكل ملحوظ، وتناقص ادخار المغاربة بشكل لم يسبق له مثيل. بالرغم من كل هذا ظلت البنوك بالمغرب تحقق وتراكم أرباحا والكثير من الأرباح فاقت نسبها نظيراتها الغربية.
فكيف تتمكن بنوكنا من ذلك؟ وهل البنوك عندنا لا تعرف الأزمة مهما كان الأمر؟ فهل هي آلات مبرمجة على الربح وعلى الربح فقط سواء في السراء أو الضراء؟
لنترك الأرقام تتكلم
يكفي الإطلاع على حسابات البنكين الأوليين في توزيع القروض ببلادنا، واللتان تحتكران 60 في المائة من سوق القروض بالمملكة، وذلك للتأكد أن بنوكنا كالمنشار "طالعة واكلا هابطة واكلا" مهما كانت الأوضاع ومهما تأزم واقع حال المغاربة، سواء في ظرف الأزمة أو ظرف الرخاء. إنهما "التجاري وافا بنك" و "البنك الشعبي المركزي".
إن "التجاري وافا بنك"، التابع للهولدينغ المالي "سني" (الشركة الوطنية للاستثمار) سجلت ارتفاعا في أرباحها بنسبة 4 بالمائة، حيث تمكّن من مراكمة مليارين (2) و 300 مليون درهم خلال النصف الأول من هذه السنة (2012),
أما البنك الشعبي المركزي ( الذي تشارك الدولة في رأسماله) فاز بأرباح تتجاوز قيمتها المليار درهم فيما بين يناير ويونيو 2012.
إنها كعكة سيوزعها المساهمون في الرأسمال فيما بينهم. ففي بلادنا ظل أصحاب أسهم البنوك سائرين دائما على درب الاغتناء. فمع مرور الوقت يزدادون غنى وثراء سواء كانت الظرفية، ظرفية أزمة خانقة أو ظرفية رخاء وبحبوحة.
في ظل أزمة خانقة، يتكبد انعكاساتها وتداعياتها الاقتصاد الوطني، حققت البنوك المغربية أرباحا مهمة تسيل اللعاب. علما أنه من المتعارف عليه أن يكون من المفروض أن تكون أوّل مهمة للبنوك تمويل المنظومة الاقتصادية الوطنية ودعمها ومصاحبتها. فكيف لهذه البنوك – التي هذه مهمتها الأولى – أن تربح ولا تتوقف عن تحقيق الأرباح والاقتصاد الوطني يعيش أزمة حادة، فهل أبناك المغرب لا تطالها تأثيرات الأزمة الاقتصادية حتى وإن ألقت ظلالها على كافة الفاعلين الاقتصاديين بالبلاد؟ وإن كان الأمر كذلك، فإنه غريب جدا ويستوجب أكثر من توضيح للأسباب الكامنة وراء هذا الوضع الشاذ في عيون الاقتصاديين والمحللين الماليين؟
من المعلوم أن 54 بالمائة من المغاربة يودعون أموالهم بالبنوك المغربية، فهذا ما تأكد منذ نهاية سنة 2011، أي أن أكثر من النصف بقليل، علما أنه منذ عشر سنوات كان مغربي من أصل أربعة (4) يتوفر على حساب بنكي. وفي هذا المضمار تحتل بلادنا المرتبة الثانية بعد جنوب إفريقيا على صعيد القارة السمراء. ويسعى بنك المغرب الوصول إلى نسبة 66 بالمائة مع حلول نهاية سنة 2013، كما تعمل كافة البنوك المغربية كل ما في وسعها لبلوغ هذا المرمى، لاسيما عبر البحث عن زبائن أكثر لاستقطاب أموال أكثر. لهذا اهتمت بنوكنا منذ مدة بالعالم القروي قاطني الأحياء الشعبية بشكل لم يسبق للمغرب أن عرف مثيله. لقد تم ذلك في خطة ما سُمي بإستراتيجية " بنك الفقراء"، وهناك من المصارف المغربية من خلقت " البنك – القافية" التي تحل بالأسواق القروية الأسبوعية لاستقطاب الزبائن.
ومهما يكن من أمر، ستظل شريحة واسعة من المغاربة بعيدة عن البنوك رغما عنهم، وهناك شريحة أخرى يقاطعونها لأنهم يعتبرونها ربوية وبالتالي مناهضة للشريعة الإسلامية الربانية. وفي هذا السياق تم التفكير في إحداث البنك الإسلامي، وهو مطلب ظل ينادي به حزب العدالة والتنمية. وقد وعدت حكومة ابن كيران بفتح أول بنك إسلامي بالمغرب في غضون سنة 2013 ، وذلك لتمكين بنك المغرب من الوقت الكافي لإصلاح وتغيير القانون البنكي مع متم السنة الجارية (2012).
أزمة خانقة وأرباح تتصاعد
الربح ولا شيء إلا الربح مهما كان الأمر، هذا هو همّ بنوكنا وشعارها على الدوام في السراء والضراء.
سواء في حالة الأزمة أو حالة الرخاء تبقى أبناك المغرب رابحة، وبذلك ينطبق عليها المثل القائل: " مثل المنشار طالع واكل هابط واكل".
لا يخفى على أحد اليوم، أن الاقتصاد الوطني يعيش أزمة حادة ومقلقة جدا. فكل المؤشرات استقرت في المنطقة الحمراء، فنسبة النمو في تقلص، والاستهلاك ظل يتضرر، والبطالة تستفحل وتتسع دوائرها وتنتشر، وثقة المستثمرين أخذت منذ مدة تتأثر وأموالهم بالمغرب تتناقص بشكل مهول، والاختلالات البنيوية والمالية ما فتئت تتعمق لتصل إلى درجات مقلقة جدا لم يسبق لها مثيل، ومخزون العملة الصعبة كادت أن تكون على وشك الاندثار باعتبار أن مصادرها الثلاثة ( الاستثمار الأجنبي وتحويلات مغاربة الخارج ومداخيل السياحة) ظلت تتراجع بشكل غير مسبوق بفعل تأثيرات وتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية. وقد وصل المغرب إلى حد أن رصيد الدولة من العملة الصعبة بالكاد قد يكفي لتغطية المشتريات الخارجية 4 أشهر على أكبر تقدير، مما دفع القائمين على مالية المملكة إلى اللجوء إلى المزيد من الاقتراض. حيث، مباشرة بعد أن فاوض البنك المركزي (بنك المغرب) صندوق النقد الدولي بخصوص قرض بلغت قيمته 6 مليار و400 مليون دولار ( ما يناهز 64 مليار درهم) لوضعه كاحتياط جانبي، يُسدّد على امتداد سنتين، أعلن نزار بركة – وزير الاقتصاد والمالية – عن اقتراض الدولة من السوق العالمية ما يتراوح بين 700 ومليار دولار ( ما بين 7و10 مليار درهم) لضخها في الدورة المالية بالمغرب في غضون شهر نونبر من السنة الجارية (2021)، وفي واقع الأمر إنها عملية إصدار سندات سيادية مقررة في نهاية الشهر المذكور. وأملت الدولة أن تجمع جزءا كبيرا من قيمة هذا الإصدار السيادي من دول خليجية، وهذا ما كان. وكان إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المكلف بالميزانية، قد سبق وأكد أنه تم تفويض مرتبي ذلك الإصدار السيادي لكن دون الإفصاح عن الأسماء. في حين كشفت وكالة "روتيرز" الإخبارية، استنادا على مصادر جيدة الاطلاع، أن المغرب قد يخصص نحو نصف السندات السيادية لمؤسسات استثمارية خليجية وهذا ما تحقق فعلا.
أرباح البنوك لا تُمسّ رغم أزمة السيولة الخانقة
من المعروف أن بلادنا تعيش أزمة سيولة خانقة منذ سنوات، فبدءا من سنة 2007 شرع بنك المغرب في ضخ الأموال في الدورة المالية بشكل تلفت للنظر. وعندما كانت قيمة ما يُضخّ لا يتجاوز 20 مليار درهم، أجمع كل المهنيين على القول إن البلاد تعيش أزمة سيولة حادة جدا، والآن لما وصلت قيمة الأموال الني يضخها البنك المركزي في الدورة المالية إلى 70 مليار درهم، مازالت الأزمة حاضرة بقوة. وقد سجلت فروع البنوك المغربية أزمة سيولة لدرجة أن الكثير منها اضطرت أكثر من مرة لإفراغ شبابيكها الإلكترونية لتمكين زبائنها من سحب الأموال المطلوبة. كما دأبت بعض فروع البنوك على توسل زبنائها المهمين للقيام بإيداع المزيد من الأموال بالوكالة. وهناك شبه قاعدة تأكد سيران مفعولها، وهي التماس الزبون بإخبار البنك مسبقا بخصوص سحب الأموال للتمكن من تدبير أمر توفيرها قبل قدومه إلى الوكالة، وهذا أمر لم يسبق أن حدث من قبل. إلا أن "المشيكلات" لم تؤثر، بأي شكل من الأشكال، على الأرباح المحققة من طرف البنوك. فرغم كل الصعوبات تمكنت البنوك المغربية من الحفاظ على السيولة اللازمة اعتمادا على بنك المغرب، سيما عندما ارتفعت الأموال التي يضخها في الدورة المالية، وهكذا تمّ إشباع رغبة مصارف المملكة بخصوص السيولة دون أن تتأثر نسبة أرباحها قيد أنملة. وهذا ما يبيّنه بجلاء مؤشر طلب عروض البنوك خلال 7 أيام الذي اعتمده البنك المركزي (بنك المغرب) منذ سنة 2010 والذي تمّ تلبيته في حدود 53 بالمائة، وفي سنة 2011 تجاوزت نسبة التلبية 71 بالمائة، ومنذ بداية سنة 2012 بلغت هذه النسبة 95 بالمائة.
إن البنوك المغربية أضحت تطلب المزيد من الأموال، وبنك المغرب يوفرها لها بأبخس الأسعار. لقد وصل سعر شراء المال من البنك المركزي 3 بالمائة، وهي نسبة منخفضة لم يسبق للمغرب أن عاينها من قبل, وبفضل هذا السعر المنخفض سعى بنك المغرب إلى توفير الأموال الكافية للبنوك لتقديم القروض للعائلات وللمقاولات دون أدنى ارتفاع للسعر قيد أنملة. إلا أن أبناك المملكة لم تعكس كل هذه التسهيلات التي ظلت تستفيد منها على "ظهر" الزبناء، وهذا ما ساهم بشكل كبير في رفع الأرباح التي اغترفتها.
لقد وصلت نسبة تلبية طلبات المال من البنك المركزي 53 بالمائة سنة 2010 ، إذ أن البنوك طلبت فيما بين يناير وغشت 31،3 مليار درهم لكن لم تلبى إلا بمقدار 16،5 مليار درهم. وفي سنة 2011 وصل الطلب إلى 30،8 مليار درهم تم تلبية منها 22 مليار درهم (نسبة التلبية 71 بالمائة). أما في السنة الحالية (2012)، طلبت البنوك أكثر من 44،6 مليار درهم لكنها حصلت على 42،3 مليار درهم (نسبة التلبية 95 بالمائة).
إن المصارف المغربية تفضل توظف أرصدتها المالية في المجالات المضمونة ودون أدنى مخاطرة، كما تفضل إقراض الدولة أكثر من إقراض الخواص. وفي هذا السياق تصاعدت قروضها للقطاع العمومي بنسبة 19 بالمائة منذ بداية هذه السنة (2012)، في حين أن القروض المسلمة لمقاولات القطاع الخاص وللأسر لم ترتفع إلا بنسبة 4 بالمائة فقط.
ومن علامات البحث الحثيث على التوظيفات المضمونة من طرف بنوكنا لجوءها إلى سندات الخزينة، حيث عرفت هذه الأخيرة ارتفاعا بنسبة 24 بالمائة خلال سنة 2011 لتصل إلى ما قيمته 86 مليار درهم، وهو ما يمثل أكثر من 33 بالمائة من الدين الداخلي.
سجلت ودائع الزبناء خلال النصف الأول من سنة 2012 انخفاضا بلغ 6 مليار درهم، ويبدو أنهم أضحوا يفضلون كراء خزائن حديدية لإيداع أموالهم عوض الفصح عنها بإيداعها بالحساب البنكي. وبالموازاة سُجل تراجع في توزيع القروض وتزايد الزبناء الذين لم يفوا بأداء المستحقات، إذ تجاوز مؤشر النزاعات نسبة 5 بالمائة. وإذا كانت البنوك الكبرى لن تصادف أي انكماش، إن الصغرى منها قد تلاقي بعض الصعوبات لاحقا في الحفاظ على نفس الأرباح المحققة بفعل هذا الانكماش حسب المحللين، سيما وأنه سيصبح من الصعب شراء الأموال بأقل كلفة كما ظل سائدا. وهذا لأنه سيكون على المصارف إيداع المقابل للأموال التي تضخها في الدورة المالية، إما على شكل سندات الخزينة أو شهادات الإيداع لكي تتمكن من الاستفادة من تسبيقات 7 أيام.
وحسب أكثر من محلل، إن في الأزمة الأفق، تتقدم ببطء لكن بخطى ثابتة.
الأرباح: أرقام بتسعة أصفار
إذا كان المساهمون قد حصدوا نصيبا مهما من كعكة الأرباح، فإن الدولة نالت نصيبها أيضا لأنها حاضرة عمليا في كل المؤسسات البنكية، إما مباشرة أو عبر جملة من المؤسسات (صندوق الإيداع والتدبير، التعاضديات...)، إلا أن القطاع العام لا يساهم بقوة (أكبر المساهمين) إلا في خمسة (5) أبناك، لكنها ليست هي التي حققت أكبر الأرباح. في حين هناك سبعة (7) أبناك يحوز أغلب أسهمها أجانب، نالت حصة مهمة من كعكة الأرباح. وتبقى أبناك القطاع الخاص الوطني هي المتألقة، ثلاث منها احتلت الصدارة، وهي "التجاري وفابنك" و"البنك الشعبي المركزي" و"البنك المغربي للتجارة الخارجية"، وهي التي تسيطر على ثلثي السوق. كما أنها تظل الأكثر مردودية دون منازع، إذ احتكرت 7 مليار درهم من أصل 10 مليار درهم كأرباح محققة.
ومن المعلوم، قليلة هي المجموعات التي تساهم بقوة في البنوك، إن عددها لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. فهناك الشركة الوطنية للاستثمار التي تراقب "التجاري وفابنك" ومجموعة بنجلون التي تراقب البنك المغربي للتجارة الخارجية وعائلة بنصالح (صاحبة "هولماركوم") وعائلة مزالي (صاحبة "ديفكو سوس")، وهاتان الأخيرتان تساهمان في أبناك مغربية تراقبها أبناك فرنسية.
رغم أن سنة 2011 وُصفت بسنة أزمة اقتصادية واتساع الاحتجاجات الاجتماعية، تمكنت البنوك من تحقيق أرباح صافية فاقت 10 مليار درهم ( 1000 مليار سنتيم)، مُسجلة تصاعدا قدره 300 مليون درهم مقارنة بسنة 2010، وبرق مليار درهم مقارنة بأرباح سنة 2009 . ونتجت هذه الأرباح "الطيطانيكية" عن ناتج بنكي صافي يقدر بــ 38 مليار درهم (3800 مليار سنتيم)، علما أن الناتج البنكي الصافي هو بمثابة رقم المعاملات بالنسبة للمقاولات التجارية. إنه يتضمن الهامش على نسبة الفائدة ومختلف العمولات وأرباح عمليات السوق.
تعتبر البنوك حاليا القطاع الأكثر ربحية في المنظومة الاقتصادية الوطنية، حيث أن وديعة 100 درهم تحقق ربحا بمقدار 13، 5 درهم في السنة. إلا أن هذا المنحى سائر نحو الانخفاض بفعل الانكماش وإلزامية رفع الرأسمال الذاتي.
يوجد بالمغرب 19 مؤسسة بنكية معترف بها، تقدر قيمة أصولها بــ 970 مليار درهم (علما أن الناتج الداخلي الخام لا يتعدى 800 مليار درهم). إلا أن أكبر حصة من هذه الأصول تحتكرها مجموعة صغيرة من البنوك، و3 منها تحوز ثلثي الإيداعات والقروض. فالبنوك لا زالت تشكل قاطرة السوق المالية، كما أنها تُعد أكبر دافعي الضرائب، إذ أدت 4،8 مليار درهم كضريبة على الشركات. وخلافا لما يحصل في الكثير من الدول، تستفيد بنوكنا من الأموال المودعة لديها مجانا ودون مقابل. إن الأموال المحولة إلى حسابك البنكي لا يطبق عليها أي مسبة للفائدة تحصلها كصاحب الحساب كما هو الحال مثلا في فرنسا أو الأردن، حيث أن عائد الأموال المودعة في الحسابات الجارية تنتج مردودا قد تصل نسبته إلى 6 بالمائة. أما عندنا تُطبق على الحساب الجاري جملة من الاقتطاعات دون أن يقوى صاحبه على فهمها واستيعابها.
وإذا كان الخواص هم الذين يوفرون السيولة للبنوك (75 بالمائة)، فإنهم لا يستفيدون من هذا "الخير" الذي يسدونه للمصارف. إذ أن مجموع القروض التي توزعها البنوك بالمغرب (677 مليار درهم سنة 2011) لم تخصص منها للأسر إلا 189 مليار درهم أي ما نسبته 27،6 بالمائة. وأغلب هذه القروض تستعمل في شراء سيارة أو تمويل العطلة أوالتصدي لضائقة مالية، وأكثر المستفيدين حظا هم من يستعملون القرض لاقتناء مسكن.
إن أغلب القروض الموزعة تذهب إلى المنعشين العقاريين والمضاربين و منعشي السياحة.
لا يفقه المواطن شيئا
إن عالم البنوك وطرق عملها ولغتها ومصطلحاتها لازالت تعتبر طلاسم في عيون المواطن، إنه لا يفقه شيئا بخصوصها، سيما وأن ترسانة من الكلمات الأنكلوساكسونية أضحت تؤثث لغتها ( قبيل "سواب" "وارانت" "سبريد"...)، والنتيجة أنه لا يفهم ماذا تقوم به بخصوصه وكيف تحقق الأرباح "على ظهره" كما يقال.
يمكن اختزال مهنة المصرفي في أنه يشتري مال الخواص لبيعه بسعر أعلى لمن هم في أمس الحاجة إليه. إنه وسيط له أجره أو ما يُسمى بطلاسم البنوك "هامش الفائدة". ومصارفنا تألقت في استغلال هذه الوساطة وامتهانها، إذ تمكنت من سنة 2011 من اغتراف 27 مليار درهم (2700 مليار سنتيم) كهامش فائدة، إذ تشتري مال المواطن بنسبة 1،95 بالمائة في المعدل لكن تبيعه بتحقيق "هامش فائدة" نسبتها 5،22 بالمائة. وقد مكنها هذا الفارق من تحقيق أرقام بتسعة أصفار كأرباح صافية. وعلاوة على هذا تُطبق على حساب الزبون جملة من الاقتطاعات تطال مجموعة من العمليات، منها ما قرر بنك المغرب منذ سنة 2010 أنها عمليات مجانية، مثل عمليات الشباك. يقوم البنك بالعديد من الاقتطاعات لا يفقه عنها الزبون شيئا، فمثلا يتم اقتطاع 27 درهم على الشيك المصادق عليه، و6 دراهم على السحب من الشباك و89 درهم على تدبير الحساب وغيرها من الاقتطاعات الأخرى. وهذه الاقتطاعات تمكن البنوك من مراكمة ما يناهز 2،6 مليار درهم (260 مليار سنتيم) كعمولة على عمليات السحب والأداء وتدبير الحساب البنكي. وتُضاف إليها مصاريف ملف القرض والاقتطاعات الخاصة بالخدمات التأمينية عمليات السوق المالي وغيرها، وكلها تذر على البنوك ما قدره 5 مليار درهم ( 500 مليار سنتيم)، وهذا وحده يُمكنها من تغطية حصة كبيرة من مصاريف التسيير قد تفوق ثلثها.
التعليقات (0)