يبدو أن القائمين على البنك العربي فى قطاع غزة لم يكفهم ما يعانيه العباد من حصار ودمار وقهر وظلم , فقرروا أن يزيدوا الطين بلة , ويتلذذوا برؤية مشاهد الإذلال والاهانة لشريحة من أبناء شعبنا .. فى أسوا صورة معبرة عن الاستهتار والاستهانة بخلق الله ، فهل ترى سلطة النقد مستوى الذل الذي يحدث لهؤلاء الناس .. الذين كل ذنبهم أنهم أصيبوا بغشاوة على أعينهم وبصائرهم وفتحوا حسابات فى هذا البنك العتيد !!!
إن ما يحدث لموظفي السلطة الوطنية بغزة الذين يتلقون رواتبهم من البنك العربي عار يندى له الجبين وذل وإذلال لشريحة محترمة - غالبيتها متعلمة ومثقفة - من أبناء شعبنا حيث لا مراعاة لآدميتهم ولا ادني اهتمام بحقوقهم فى هذه السنوات العجاف .. بعد أن كانوا منجم ذهب وبقرة حلوب لهذا البنك فى الأعوام الخوالي السمان.
إن سياسة البنك الهادفة الى إلغاء عمله أو تقليصه فى قطاع غزة شان خاص بها ولا يهمنا فى شيء من قريب أو بعيد , بل قد لا أكون متطرفا إن قلت أن إدارة البنك العربي قد تعمل معروفا كبيرا إن هي أراحتنا من هذه المؤسسة السادية والفوقية , ولكن هذا لا ينفى بالضرورة وجوب التزام إدارة البنك حتى ذلك الحين , باستمرار العمل الطبيعي , وضمان حصول الموظفين على رواتبهم باحترام فى فروع عديدة وصرافات غير خاوية فى كل محافظات ومناطق القطاع.
وحتى لا يظن البعض اننى متحامل أو قاس عليهم اسرد لكم غيضا من فيض طابور الإذلال الشهري حيث يتجلى الواقع المر كالاتى ; من رفح جنوبا الى بيت حانون شمالا , ومن البحر غربا الى خط الهدنة شرقا .. صرافات قليلة , وعلى قلتها إما خاوية أو عطلانة , وفرع واحد وحيد تبقى فى كل محافظات غزة , مما يضطر الموظفون للاصطفاف فى الشارع خارج فرع البنك فى الرمال زرافات ووحدانا.
رفح محافظة بأكملها , يضطر أبناؤها من الموظفين الى الزحف لخانيونس المحافظة الجارة الأكبر , ولأن الصراف لا يعمل .. تنطلق جيوش الموظفين من أبناء الجنوب الى الوسطى , فيصطف المغلوبون على أمرهم من أبناء ثلاث محافظات أمام صراف النصيرات المريض فيجدوه عطلانا أو خاويا , فتندفع الجموع شيبا وشبابا الى ميدان فلسطين بغزة ليلتقوا مع زملائهم فى الشقاء من أبناء محافظة غزة والقادمين من محافظة الشمال .. حيث هناك صرافان احدهما يعمل بطلوع الروح والآخر يغط فى سبات عميق - لحكمة لا يعلمها بعد الله إلا إدارة البنك الرشيدة- والأمر ذاته ينطبق على صراف الرمال البائس.
ووسط هذه الصورة المؤلمة يمكن تخيل حال آلاف الموظفات اللاتي ينزوين فى ركن بعيد حيث لا يستطعن مجاراة الموظفين الرجال فى التدافع والمزاحمة على الصراف اليتيم بغزة أو صنوه المسكين فى الرمال , ولا فى السباق الماراثونى الشهري من المحافظات الى غزة.
إن الموظف صاحب حق على البنك وعلى سلطة النقد ,على السلطة الوطنية صاحبة الولاية والأب الشرعي لهؤلاء الموظفين , ولا يطلب منة ولا مكرمة , ولا عذر أبدا للإدارة البنكية .. خاصة أن هناك بنوكا فى القطاع تضم أضعاف عدد موظفي السلطة فى البنك العربي , ومع ذلك لها فروع فى كل المحافظات , ولها عدة صرافات آلية فى المحافظة الواحدة.
إن جموع الموظفين الذين يتلقون رواتبهم من البنك العربي بغزة وصلوا الى حالة كبيرة من الغضب مما يجرى لهم وهذا ما لمسته منهم – كأحدهم – فى الأشهر الماضية , وخاصة مطلع الشهر الحالي الذي تعاظمت فيه درجة الاستهتار بهم وإذلالهم , مما يستدعى استدراكا للأمر من الإدارة العليا للبنك سريعا وبخطوات عملية.
وان كنا قسونا بعض الشيء فى كلماتنا السابقة , فذلك لان الواقع أقسى , وعذرنا لإدارة البنك .. معلش إحنا بنتبهدل .
التعليقات (0)