الاتضح للمراقب العربي, ومن خلال تسلسل الأحداث, أن الأجهزة الأمنية في الأقطار العربية, تفوقت على كل كتاب السيناريو في نسج القصص الخيالية, التي يصدقها العامة أو الذين وضعوا غشاوة على عيونهم طوعا أو كرها. ويبدو أن الأجهزة الأمنية لديها سيناريوهات عدة تصلح لكل الأحداث المتوقعة في المستقبل القريب أو البعيد.
صحيح أن لفظ البلطجة خرج من مصر , ولكنه موجود في البلدان العربية بأسماء مشابهة مثل ,( السرسرة , الزعرنة ) , والمعنى واحد في كل الأحوال , واستخدام المصطلح في ارض الواقع هو احد السيناريوهات الموجودة لدى أجهزة الأمن العربية .
في الأحداث التي شهدتها معظم البلدان العربية , كان أسلوب البلطجة حاضرا :
1 . في مصر شاهد الرأي العام العالمي منظر الجمال والخيول التي هاجمت الثوار في ساحة التحرير , ومن ثم تبعها هجوم بلطجية وزير الداخلية حبيب العدلي بالعصي والحجارة على الثوار في ساحة التحرير
وترافق مع ذلك مشهد سيارات الإسعاف التي سارت بسرعة كبيرة بين المعتصمين وأودت بحياة عدد من الأبرياء . وقد تبين بعد سقوط نظام حسني مبارك أن حبيب العدلي هو الذي اعد سيناريو تفجير الكنيستين في الإسكندرية واتهم جماعات فلسطينية من قطاع غزة بذلك .بهدف تأليب الرأي العام ضد الفلسطينيين .
2 .في اليمن شهد يوم الأربعاء الدامي مجزرة بشعة , عندما تمترس عدد من قناصة النظام فوق أسطح المنازل المجاورة لساحة التغيير وأطلقوا النار على المعتصمين وقتلوا أكثر من 55 شخصا وجرح المئات منهم .
3 . في سوريا فاقت فبركات الأجهزة الأمنية كل السيناريوهات التي شاهدناها من قبل ,ولتبرير المذبحة التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية السورية
ضد المتظاهرين في درعا , تم الإعلان عن سيناريو الأسلحة والأموال التي تم ضبطها في الجامع العمري , التي قيل أنها جاءت من الأردن , وهو ما نفاه الأردن بشدة . ولم تكتفي هذه الأجهزة بهذا السيناريو بل اتبعوه برواية أخرى, تقول أن عصابة مجرمة تعرضت للمتظاهرين فقتلت عددا منهم.
أكملت الأجهزة الأمنية السورية كل ذلك برواية ثالثة عندما ادعت أن عناصر فلسطينية من مخيم الرمل المجاور لمدينة اللاذقية هي التي خلقت ما سمي بالفتنة الطائفية في المدينة , وهو ما نفته الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق بشدة
4 .أما في ليبيا فلم نشهد بلطجة بل شهدنا إرهابا بشعا أشبه بما فعله نيرون في روما . حيث دفع الأمور إلى تدخل غربي قد يفضي إلى حرب أهلية, أو تقسيم ليبيا.
5 . .وشهدنا في بلدنا الآمن يوم جمعة اقل ما يقال فيها أنها جمعة حزينة عندما خرجت مظاهرة قيل أنها مظاهرة نداء وطن لتحاصر المعتصمين في دوار الداخلية ,بالحجارة والعصي , لتنتهي المعركة إلى ما انتهت إليه , حيث شوهت سمعة الأردن أمام الرأي العام العالمي , وأججت الرأي العام في الأردن , وأثارت نزعات جهوية كادت أن تصل حد الفتنة .
قائمة البلطجة تطول لتشمل الأقطار العربية الجمهورية والملكية والأميرية والسلطانية .
6 . المسئولون في الأقطار العربية يقولون بان بلادهم تتعرض لمؤامرة خارجية, وللأسف أن هذه الأنظمة كانت إلى وقت قريب تحتمي بالقوى الأجنبية ضد شعبها, واليوم صارت المعارضة تستنجد بالدول الأجنبية ضد الحكام لإزاحتهم عن السلطة.ويتم تبادل الأدوار على حساب الشعب .
ويتضح أن مدرسة الأجهزة الأمنية تدرس من كتاب واحد, هو كتاب التخلف والعصبية والجاهلية, وهو كتاب رفضه الإسلام الحنيف, ونادي بالعقلانية والسماحة والرفق بالإنسان قبل الحيوان.
إن عقلية الأجهزة الأمنية ترضي الحكام المستبدين , لأنها تحيطهم بسياج امني واهي مثل بيت العنكبوت ,في حين أن العدل والحوار واحترام الأخر هو الذي يمنح الحاكم الأمان , ومثلنا في ذلك سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) وكل الصحابة الأخيار الذين اقتدوا برسولهم العربي الأمين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) .
التعليقات (0)