بما أننا مجتمع ذو خصوصية شائكة وأحسن من غيرنا كما يٌقال فإن خصوصيتنا تجاوزت الملفات والقضايا المجتمعية المتشعبة والمتعددة ووصلت لمرحلة التعمق والتغلغل بالتخطيط الموجود كأسم فقط , فإدارات التخطيط بالمصالح والجهات الحكومية تحصيل حاصل إداري فوجودها تنظيمي إداري يكمل منظومة التراتيب الإدارية فقط , والإ كيف نفسر الإتجاه نحو الثانويات بقوة مالية وإدارية كبيرة وترك الالولويات تعيش على هبات وأرقام بسيطة ! لو تأمل المسؤول عن ملف البلديات ومن يقوم مقامه لوجد ثانويات تستنزف أموال كان الأولى توجيهها لمصلحة الأولويات فمداخل المدن تتزين بالمجسمات واللوحات الترحيبية وعبارات التهانيء مناظر جمالية تسلب العقل وتطلق عنان التفكير بأشياء خالية من بينها حال تلك المدن داخلياً فمن شاهد تلك المجسمات فإن لسانه سينطق قائلاً المدينة مكتملة الخدمات وذات تخطيط ممتاز فالمكتوب من عنوانه , لسان المشاهد لا يطلق الكلمات الإ بعدما ترى العين فالبداية جمالية لكن النهاية ضبابية سيئة جداً فالشوارع تتعرض لجرثومة الحفريات بشكل ممنهج ومستمر , وخدمات الصرف الصحي وشبكات المياه غائبة والبنية التحتية بمجملها أشبه ما تكون برسومات طفل لم يكتمل نموه الجسدي والعقلي ! أموال تصرف على التزيين والتجميل وكأن المسؤول لم يعد يدرك أن المجتمع تجاوز مرحلة الإهتمام بالمظاهر المحسوبة على الأساسيات فالكماليات قد تكون في أشاء لكن في الخدمات الأساسية التنموية لا مجال للكماليات على حساب الاولويات . أموال التزيين والتجميل كان بالإمكان تحويلها لمشاريع أساسية كإعادة تخطيط المدن , وإنشاء بنية تحتية تصمد بوجه المطر , وإنشاء شبكات صرف صحي وشبكات ري وسقيا , وإعادة سفلتت الشوارع وإبعاد جرثومة الحفريات المستمرة , أموال وأرقام فلكية تحتل بند التزيين جاعلة منه البند المتصدر بقوة , أما البنود الأخرى فلا تكفي لتحقيق تطلعات المواطن في وجود مدينة راقية في كل شيء فالخلل في التخطيط واليات صرف المال الوطني العام ... بيئة المشاريع بيئة تتكاثر فيها فيروسات التحايل والفساد والمجالس البلدية لم تقم بما يجب لمواجهة تلك الفيروسات وتحقيق الأولويات على أرض الواقع بل كانت بعض المجالس طرفاً في التحايل عبر صمت الأعضاء عن تجاوزات تٌصنف على أنها فسائديه , فالمجالس البلدية بحاجة لإعادة نظر خاصة مع إقتراب بدء الإنتخابات البلدية في دورتها الثالثة بداءً من الصلاحيات المحيرة للعضو وللناخب , وإعادة تدوير الكرسي عبر عدم تعيين أو إعادة إنتخاب من أمضى دورتين بالمجلس تجدداً للأفكار والدماء , فبعض الأعضاء أمضى أكثر من دورة إما بالتعيين أو بالإنتخاب متبعاً النظرية العربية من المهد إلى اللحد , وهنا تساؤل ما هي شروط العضو المعين بالتزكية أم بالواسطة أم بماذا , العضو المنتخب يجلس على المقعد بفزعه إجتماعية في الغالب فزعة إنتخابية لها وعائها الثقافي الإجتماعي الخاص وتلك ثقافة بحاجة لتطوير وتوعيه , أما العضو المعين فالمجتمع لا يعلم كيفية وصوله سوى أن قرار صدر بتعيينه عضواً من صاحب السلطة العليا بهرم البلديات بناءً على تزكيات بحاجة لتوضيحات , وجود توضيحات وتعديلات ووجود بند يعطي لمن صوت في الإنتخابات حق محاسبة العضو على نشاطه بالمجلس كفيل بإيقاظ الأعضاء من سباتهم العميق فكما أن العضو بحاجة لصوت يوصله للمقعد فإنه بحاجة لصوت يوقظه من المنام ؟ مشكلتنا الحقيقة ليست في المال المعرض للنضوب لعدة عوامل وأسباب , مشكلتنا الحقيقة في التخطيط وقوائم الاولويات التي يحتاجها المواطن تلك المشكلة يقابلها معضلة الرقابة المشتتة والأنظمة المترهلة والعقول التي لا تفكر بالمستقبل فتفكيرها لم يتجاوز المقولة الشعبية "من برا الله الله ومن جوه يعلم الله " ...
التعليقات (0)