البعد القبلي لقضية الصحراء المغربية

تعتبر قضية الصحراء الغربية من أبرز القضايا العالقة التي مازالت تؤرق الزعماء المغاربيين وتجعلهم بعيدين عن كل تقارب يخدم مصالح شعوبهم التواقة ليس فقط للحرية، وإنما لوحدة مغربية تصنع مصيرا واحدا وتوجها واحدا، لكن الأمنيات شيء والواقع اكبر واخطر من أماني يكتبها أو تلوكها السنة قادة المغرب العربي الدين لا يجيدون إلا لغة التمنيات في خطبهم .
الصحراء الغربية قضية متشعبة مكمن الصعوبة فيها الاختلاف الواضح بين أراء الصحراويين أنفسهم،بين مؤيد وداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية، ورافض داع للانفصال .
سأحاول في هذه المقالة الوقوف عند النظرة المدافعة عن الوحدة أو الاتجاهات الوحدوية في الصحراء الغربية ومن أبرزها الفاعل القبلي الذي يستمد قوته من رعاية الدولة، بل إن الدولة لا تترك مناسبة دون التذكير بالقيم القبلية المساندة والمدافعة عن الوحدة الترابية، بل إن الصحراء ذات خصوصية قبلية تجعل الفاعل القبلي يملك القدرة على صناعة الموقف السياسي، وهذا ما جعل الرباط تنتبه إلى ضرورة الإبقاء على الجسم القبلي بل الإسهام في تطويره وتنميته، فالقبيلة تمارس سلطة سياسية ودينية وقرارها لا يحتاج للمراجعة، ومواقفها مبنية على احترام البعد’العلائقي والتواصلي بين الدولة كجهاز متحكم والقبيلة كمنفذة ومستوعبة لمواقف وتصورات الدولة .
القبيلة بهذا المعنى سلطة، لكنها ليست بالقهرية، تلعب دورا في ابرازشخصية الإنسان الصحراوي الذي يتفاعل مع قضاياه القبلية حاضرا ومستقبلا، ولا شك عندنا أن الانتماء القبلي المتجذر في المناطق الصحراوية جنوب المغرب، يكرس تخلفا اجتماعيا واقتصاديا، والقبيلة تضع الأفراد في موقع المتخلف عن الركب الحداثي والتقدمي مادامت القبيلة لا تعكس بالضرورة رغبة جيل كامل في التحرر والانعتاق
كثيرة هي القبائل الصحراوية ، تتنوع حسب الانتماءات والأعراق بين منتسب للدوحة النبوية ومفتخر بجذوره العربية وبين هذا وذاك مجموعات قبلية تبحث عن وجود لها في خضم التنافس الحاد بين القبائل الكبرى .
إن الاستعمالات الكبرى للقبيلة تتجلى في النموذج الأكثر بروزا وأهمية العملية السياسية، إذ تشارك القبيلة في الانتخابات بلائحة تحت لافتة حزب معترف به تقوم بما يشبه التمويه إذ يتم اختيار أشخاص يشترط فيهم خدمة القبيلة والسهر على تمثيلها والدفاع عن أبنائها.
نسوق أمثلة على ذلك لتتضح الصورة أكثر، فتجربة حزب الاستقلال ـالحزب الحاكم ـفي مدينة العيون حصد الأغلبية بدعم قوي من تحالف قبلي ضم شخصيات قبلية معروفة كخليهن وحمدي ولد الرشيد المنتميان لأهل التهالات أحد فروع الرقيبات والمتحالفين مع مجموعات منتسبة لقبائل أخرى ويحتد التنافس عندما تعقد تحالفات لمجموعات قبلية تراهن على كسر سيطرة الحزب المنافس/القبيلة المنافسة والغلبة إذن للائحة الحزبية الأكثر قوة وتنوعا والأكثر حضورا ، فعلى سبيل المثال لا الحصر تمكنت لائحة تضم وجوها قبلية تنتسب لأولاد الدليم من الفوز ببلدية الداخلة أقصى الجنوب .
الفاعل القبلي يصير حتى لمواجهة جبهة البوليزاريو ،فالاهتمام ينصب على دور للدبلوماسية القبلية الموازية لعمل الدوائر الرسمية ،فقد استقطب الفاعل القبلي خصوم المغرب والكثير من النشطاء الصحراويين عادوا تحت عباءة القبيلة .ولاشك إن المقاربة السياسية وحتى الأمنية لا تغفل تماما البعد القبلي كاستراتيجية حاسمة في الترويج ودعم الموقف المغربي، لأن الدولة لا ترى مانعا من الاستخدامات الكبرى للقبيلة والزج بها في أتون الصراع السياسي .
بوية محمد الاغظف
العيون - المغرب