تعريف البطالة :من خلال تعريف من هو العاطل عن العمل. تعرف منظمة العمل الدولية العاطل كما يلي: " كل من هو قادر على العمل و راغب فيه، و يبحث عنه، و يقبله عند مسنوى الأجر السائد، ولكن دونى جدوى " . من خلال هذا التعريف يتضح أن ليس كل من لا يعمل عاطل، فالتلامذ، الطلبة، المعاقين، المسنين، المتقاعدين، من فقد الأمل في العثور على عملن، أصحاب العمل المؤقت، من يعاي من نقص الاستخدام، من هم في غنى عن العمل لا يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل. هذا التعريف يروم تقليص الرقم الحقيقي للعاطلين.
و يحتسب معدل البطالة كما يلي:
معدل البطالة = عدد الأفراد العاطلين / عدد الأفراد القادرين على العمل
و هو معدل لا يمكن تحديده بدقة (حساب معدل البطالة على أساس الساعات التي تم اشتغالها، فترة الركود يتخلى العديد من العمال عن البحث عن العمل). تختلف نسبة العاطلين حسب الوسط، حضري أو قروي، حسب الجنس، السن، نوع التعليم و المستوى الدراسي.
. أنواع البطالة
يمكن أن نشير إلى ثلاث أنواع رئيسة للبطالة و هي :
البطالة الدورية ( البنيوية ) و الناتجة عن دورية النظام الرأسمالي المنتقلة دوما بين الانتعاش و التوسع الاقتصادي و بين الانكماش و الأزمة الاقتصادية التي ينتج عنها وقف التوظيف و التنفيس عن الأزمة بتسريح العمال.
البطالة الاحتكاكية و هي ناتجة عن تنقل العمال ما بين الوظائف و القطاعات و المناطق أو نقص المعلومات فيما يخص فرص الشغل المتوفرة.
البطالة المرتبطة بهيكلة الاقتصاد و هي ناتجة عن تغير في هيكل الطلب على المنتجات أو التقدم التيكنولوجي، أو انتقال الصناعات إلى بلدان اخرى بحثا عن شروط استغلال أفضل و من اجل رح أعلى. تجدر الاشارة إلى أن البطالة أضحت جماهرية، أي أن العاطلين عن العمل إصبح من الضخامة بحيث لا يمكن الحديث عنه بنفس منطق عهد الرأسمالية الصاعدة.
. أسباب البطالة
اعتبر علماء الإقتصاد البورجوازي و لمدة طويلة، أن البطالة لا علاقة لها بنمط الانتاج الرأسمالي و الملكية الخاصة و أنها ناتجة عن تدخل الدولة في السير العادي لعمل السوق الحرة، (استعادته اليوم عبر إزالة الضبط و إدخال المرونة و الهشاشة ) و خاصة فيما يخص تدخلها لضمان حد أدنى للأجور، إذ يعتبرون تخفيض الأجور و الضرائب هما الكفيلان بتشجيع الاستثمار و بالتالي خلق الثروات و مناصب الشغل.
كما ذهب بعضهم إلى تعليق مسؤولية تفشي البطالة على أشكال التعويض عن البطالة و قوانين الشغل... . غير أن الأزمة الاقتصادية الكبرى التي ضربت النظام الرأسمالي في مطلع الثلاثينات (أزمة 1929) و ارتفاع عدد العاطلين بشكل مهول، و الذي لا يمكن إخفاءه،( 12 مليون عاطل في الولايات المتحدة – 6 ملايين في ألمانيا) دفع البورجوازية إلى الاعتراف بالأمر، لكن على طريقتها على لسان عالم الاقتصاد كينز، الذي أرجع أسباب البطالة إلى أخطاء بعض الرأسماليين الذين لا ينفقون بشكل كافي على الاستثمار و هو مشكل يمكن حله بسهولة. في حين اعترف بها آخرون و ردوها إلى قوانين طبيعية لا دخل للنظام فيها ( التزايد السكاني و التقدم التيكنلوجي). لكن هذه الأسباب ليست إلا وسيلة للتملص من حقيقة أن البطالة إبن شرعي للنظام الاقتصادي الرأسمالي.
فالسبب الأسسي (الأم) يعود إلى:
ارتفاع التركيب العضوي لرأس المال(C/V+C) :
التركيب العضوي لرأس المال ( C/V) = الرأس المال الثابت (C) ÷ [الرأسمال المتحول (V)+ الرأس المال الثابت (C)]. هذا يعني التزايد المستمر في استعمال الآلات و ارتفاع الانتاجية (مما يستدعي خفض مدة العمل و الاحتفاض بالعمال أو تسريحهم من العمل أي ظهور البطالة).
ميل معدل الربح إلى الانخفاض على المدى الطويل(TP) : TP=PL/C+V
معدل الربح (TP)= معدل الاستغلال ÷ التركيب العضوي لرأس المال(C/V) +1 .
علما أن معدل الاستغلال (PL/V)= فائض القيمة (PL) ÷ الرأسمال الحي ( V). ( معدل فائض القيمة).
و هذا يفسر عزوف الرأسماليين عن الاستثمار لأنهم يفضلون عدم الانتاج على الإنتاج دون ربح كافي يلبي جشعهم. غير ان ميل معدل الربح ألى الانخفاض يتم كبحه عن طريق عوامل خارجية
. نتائج البطالة
للبطالة نتائج متناقضة على النظام الإقتصادي الرأسمالي و على المجتمع البورجوازي و المضطهدين الذين يعشون في ضله. فهي من جهة تمكن الرأسمالي من شراء قوة العمل، بماهي سلعة، بأقل ثمن ممكن و الوصول متى شاء إلى يد عاملة رخيصة. كما تمكن البورجوازية كطبقة سائدة من الاحتفاض بالطبقة العاملة خاظعة لاستغلالها و سلطتها من خلال إغراق المشتغلين في رعب من مغبة فقدان مورد عيشهم إن هم طالبوا بأجور أعلى لأنه يوجد من هو مستعد للعمل بأجر أقل. و من جهة أخرى تشكل البطالة، إن هي تجاوزت حدود معينة (حسب كل مرحلة تاريخية)، تهديدا لاستقرار النظام بكليته (الثورة أو الفاشية).
كما تعد البطالة تدميرا ممنهجا لقوى الانتاج (إلى جانب الحروب) مما يضيع على الانسانية موارد جد هامة.
و لا تقل نتائج البطالة كارثية على المستوى الاجتماعي، حيث أصبح من المؤكد اليوم أن الجريمة و الأمراض العضوية و النفسية و استهلاك المخدرات و الدعارة ... تلعب البطالة بما يرافقاها من بؤس دورا محوريا و مشجعا فيها.
حلول للبطالة
لا يرى اقتصاديوا البورجوازية حلا لمشكلة البطالة إلا في اتجاهين أساسيين:
اتجاه أول يرى للخروج من البطالة ضرورة:
رفع وتيرة النمو الاقتصادي بشكل يمكن من خلق مناصب الشغل ( في ظل الرأسمالية المعولمة يمكن تحقيق النمو دون خلق فرص الشغل)، و في الدول الصناعية لا يمكن الارتفاع عن نسبة 2.5 في المئة بسبب قيود العرض ( يتم تدمير النسيج الاقتصادي للعالم الثالث لحل أزمة المركز من خلال سياسات التقويم الهيكلي و المديونية التي من نتائجها تفكيك صناعات العالم الثالث و تحويله لمستهلك لمنتجات الدول الصناعية).
خفض تكلفة العمل أي تخفيض الأجور بشكل يخفض تكلفة الانتاج و يرفع القدرة على المنافسة و تحقيق الأرباح .
تغيير شروط سوق العمل يعني المطالبة بحذف الحد الأدنى للأجور، خفض تحملات التغطية الاجتماعية و الضرائب، وتقليص أو حذف التعويض عن البطالة تخفيض الأجور و سعات العمل ( المرونة في الأجور و سعات العمل ).
اتجاه ثاني يرى للخروج من أزمة البطالة ضروة:
ضرورة تدخل الدولة لظبط الفوضى الاقتصادية و التوازن الاجتماعي (عبرت عنه دولة الرعية الاجتماعية في الغرب) . هذا الاتجاه أخذ يتوارى بفعل ضغط الاتجاه الأول (العولمة).
أما الحل الجذري لقضية البطالة فيتطلب إعادة هيكلة الإقتصاد على قاعدة التملك الجماعي لوسائل الانتاج و تلبية الحاجيات الأساسية لكل البشر خارج نطاق الربح الرأسمالي، أي بناء مجتمع آخر لا يكون فيه نجاح الأقلية في العيش المترف على حساب عجز الأغلبية في الوصول إلى الحد الأدنى من العيش الكريم.
و هذا لن يتسنى دون تنظيم و نظال عبيد النظام الرأسمالي من العمال سواء كانوا مشتغلون أو معطلين. لقد أبانت التجربة التاريخية أن النضال وحده يمكن من شروط عيش إنسانية و أن لا بديل عن بربرية النظام الرأسمالي و التملك الخاص للخيرات سوى إنهاء هذا النظام الطبقي.
البطالة بالمغرب
. البطالة بشكل عام:
البطالة بشكلها المعاصر، المرتبط بالمجتمع الصناعي، لم يعرفها المغرب إلا مع بداية التغلغل الاستعماري،الذي قام ببناء نواة صناعية و منجمية و بنية تحتية تطلبت يد عاملة مهمة استقدمها المعمر من البوادي بعد مصادرة أجود الأراضي الفلاحية من أصحابها من جهة و تحديث الفلاحة الأمر الذي قلص اليد العاملة المشتغلة بالقطاع من جهة أخرى. الأمر الذي دفع آلاف الفلاحين إلى التوجه إلى المدن قصد البحث عن فرصة عمل هربا من الجوع و الأمراض.
و بحكم السياسة التي اتبعها المعمر و طبيعة رهانه على مستعمراته لم يحدث أي تطور كبير في البنى الانتاجية مما حافض على مستوى من البؤس و الحرمان كانت أحياء الصفيح و آلاف العاطلين و الأميين شهادة بينة عليه.
لم تشفع التضحيات الجسام التي قدمها الشعب المغربي من أجل دحر الاحتلال في التخلص من هذا الوضع المزري، حيث تمخضت تحولات 1956 عن بروز نظام اقتصادي و سياسي تحتسيطرة الاستعمار الجديد بقيادة الاقطاع و كبار الرأسماليين المندمجين و الخاضعين للتقسيم الدولي للعمل و هو ما سيحكم و إلى الآن على عدد هام من أبناء الشعب بالعيش تحت طائلة الفقر و الحرمان و نسبة مرتفعة من البطالة و يكفي الرجوع إلى النسب الرسمية،رغم نفاقها و عدم دقتها لتبيان حجم الكارثة. (سنة 1991 2.5 في المئة من التوظيفات تمت عن طرق مكاتب التشغيل في حن 64.5 في المئة تمت بشكل مباشر بين العامل و المشغل 16.5 في المئة عن طرق الأصدقاء و المعارف) مديرية الاحصاء المدة ما بين 1985 و 1999 .
جدول يبين تطور نسبة البطالة بالمغرب ما بين 1970 و 2003 .
1971 1982 1994 2002
المجموع المجموع 8,8 10,7 16 11.6
في المناطق الحضرية
15
12,3
20,3
18.3 في المناطق القروية
5,2
9,5
10,8
3.9 الذكــــــــور
المجموع
8,2
10,7
14,1 في المناطق الحضرية
14,4
11,7
17,1
33.4 في المناطق القروية
5,2
10
10,9
6.7 الإناث
المجموع
12,1
10,7
23,1 في المناطق الحضرية
19,1
14,2
29,8
37.7 في المناطق القروية
5,3
6,5
10,5
2.2
المصدر: مديرية الإحصاء، المعطيات الإحصائيات الوطنية
تمس البطالة الشباب بشكل واسع ، انتقلت النسبة من 18.8 في المئة سنة 1982 إلى 37 في المئة سنة 2000 .
و صلت نسبة البطالة سنة 2002 في الوسط الحضري 18.3 في المئة ( 24.2 في المئة نساء و 16.6 في المئة رجال ). النساء إذن أكثر عرضة لأهوال البطالة.
فما موقع بطالة الخرجين الجامعيين من إعصار البطالة الذي يجتاح البلاد؟
. بطالة حاميلي الشهادات العليا:
تعتبر بطالة حاملي الشواهد (ذوي التكوين العلمي العالي) ظاهرة متأخرة بالمقارنة مع البطالة الكلاسيكية، حيث اعتبر التعليم العالي، ولمدة طويلة، بمثابة الضامن للحصول على عمل قار و لائق و هو مايفسر الاقبال على التعليم العالي في الدول الصناعية وكذلك بالنسبة للدول النامية، في مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية و موجة الاستقلالات التي اجتاحت المستعمرات. رغم أن عدد الذين تمكنوا من الحصول على التعليم العالي بقي محدودا و خاصة في العالم الثالث.
و المغرب لم يشد عن هذه القاعدة، فقد عرف التعليم توسعا كبيرا بالمقارنة مع المرحلة الاستعمارية، و تمكن العديد من أبناء الشعب من تجاوز مستوى الباكالوريا و الولوج إلى الجامعات و الحصول على عمل قار و بأجرمناسب(الأجور و المكاسب الاجتماعية بالوظيفة العمومية أفضل من القطاع الخاص).
لكن وضعية الخريجن الجامعيين عرفت تبدلات نوعية و كمية عل مدى العقود الماضية، و يمكن تبين ثلاث مراحل متمايزة و لكنها غير منفصلة.
مرحلة 1956 / 1983 : لم تنطرح فيها مشكلة البطالة تقريبا، حيث امتصت الادارة و التعليم و الصحة و المؤسسات العمومية جميع الخريجين رغم ظهور البطالة في بعض الشعب لكنها كانت محدودة العدد و المدة.
مرحلة 1983 / 1991 : انطلاقا من سنة 1982 و مع انفجار أزمة المديونية و وصول أزمة النظام الاقتصادي ألى مستوى غير مسبوق (انتفاضة 20 يونيو 1981) و انكشاف مأزق الطريق الذي سلكته الطبقات السائدة و حجم النهب الذي تعرض له البلد مصحوبا بقمع وحشي للقوى المعارضة. في هذه المرحلة ستبدأ أزمة بطالة الخرجين الجامعيين في التفاقم، خاصة مع بداية تطبيق برنامج التقويم الهيكلي (المملى من طرف البنك العالمي و صندوق النقد الدولي) بشقيه: التقشف في المزانية المخصصة للقطاعات الاجتماعية المنتجة للوظيفة العمومية و خوصصة الممتلكات العمومية و هو ما عنى تقليص التوظيف بشكل حاد (45000 منصب مالي سنة 1982 و ابتداءا من سنة 1986 حوالي 10000 منصب مالي).
ستعرف هذه المرحلة ظهور حركة المعظلين المنظمة في جمعية سنة 1991 (ج.و.ح.ش.م.م)، مما يعكس درجة تطور المشكل و احتداده. فامت الدولة بمبادرة لتأسيس المجلس الوطني للشباب و المستقبل في محاولة لكبح دينامية تجذر حركة المعطلين و الإهام بأن مشكل البطالة يمكن حله بتدابير بسيطة و عاجلة و أن المسألة تهم الجميع (مشكل وطني).
مرحلة 1991 / 2005 : هذه المرحلة ستعرف تفاقم الأزمة الاقتصادية و توسع عدد المعطلين بشكل مهول و تميزت باحتداد الهجوم البورجوازي على مجمل مكاسب المرحلة السابقة خاصة مع انهيار الكتلة السوفياتية، و انعطاف المعارضة البرلمانية في اتجاه تدبير أزمة النظام (السكة القلبية) على حساب معانات الجماهير الشعبية.
جربت الدولة العديد من الوصفات من CNJA- CIOPE مناظرة مراكش 1998 إلى مناظرة الصخيرات و هي في كل مرة تعيد تسخين نفس الوجبة الفاسدة، محملة المعطلين المزيد من المعانات و مقدمة المزيد من المزايا لأرباب العمل.
فما فحوى هذه البرامج المقترحة من طرف الدولة و ما مدى إمكانيتها لتقديم الحل لمعضلة المعطلين؟
السياسة المتبعة من طرف البورجوازية و دولتها.
المجلس الوطني للشباب والمستقبل: ( حسب ظهير20 براير 1991 المحدث للمجلس) توخت الدولة من خلال تأسيس(CNJA) مساهمة المجلس في:
تكييف نظام التربية و التكوين مع متطلبات الاقتصاد (إخفاء السبب الحقيقي للبطالة)
جمع المعطيات الكمية و النوعية المتعلقة بعملية التشغيل
البحث و اقتراح الإجراءات الكفيلة بإنعاش الشغل
تجميع المعطيات المتعلقة بالاقتصاد الوطني
دراسة مدى مطابقة التكوين في المؤسسات التعليمية مع حاجيات المقاولة. لم يتمكن المجلس من تقديم أي إجابة تمكن من حل معضلة بطالة الجامعيين و لم ينجح إلا في مراكمة العديد من الدراسات و الندوات و كأنه تحول إلى دار نشر. حصيلة هذا المجلس لم تشفع له في الاستمرار في ممارسة سياسته الديماغوجية ، فكان (CIOPE) وريثه في خيبته و اكتفى بدور الوساطة و تجميع ملفات العاطلين و شكل مرتعا للمحسوبية و الزبونية، كما كان أداة في خدمة المقاولات من خلا تمكينها من يد عاملة بأبخس الأجور ( التكوين من أجل الادماج و التكون التأهيلي ...).
عشر سنوات كانت كافية ( 1991 – 2001 ) لتثبت أن مشكل البطالة لا يمكن حله بمجلس و مراكز بل بالتراجع عن السياسة التخريبة المتبعة لفائدة سياسة مبنية على تلبية الحاجيات الاجتماعية الملحة ( تعليم – صحة – سكن ..).
المناظرة الأولى الخلفية و النتائج: مناظرة مراكش أبريل 1998
جاءت على خلفية تنصيب حكومة اليوسفي، وهي التي كانت تحمل وعودا وردية للمعطلين، هذه الحكومة / الدمية سيعرف معها مسلسل الاجهاز على المكتسبات منعطفا نوعيا (خوصصة التعليم /الميثاق ، الاجهاز على ماتبقى من مجانية الصحة و خوصصة أهم الممتلكات العمومية و تحويل مداخلها لدعم البورجوازية). يضاف إلى ذلك استمرار اقتصاد الريع و نهب المؤسسات العامة ( الصناديق و المؤسسات العمومية...).
و قد حددت المناظرة أشكال البطال في:
بطالة عدم التوازن تحل عن طريق تنمية الاستثمار و التصدير.
بطالة عدم الملاءمة تعالج عن طريق إعادة التكوين و إصلاح التعليم (مصير أصحاب التكوين التأهيلي).
بطالة الاختلال الوظيفي لسوق الشغل و تعالج عبر إعادة هيكلة سوق الشغل. و ذلك عبر حفظ التوازنات المالية، تشجيع الاستثمار و خلق المقاولات و المرونة و التكوين و إعادة التكوين لتواكب سوق الشغل و دعم المقاولات بالبنية التحتية و تخفيض أعباءها الضريبية (أعفت حكومة اليوسفي أرباب العمل من الفوائد المترتبة عن أداء الضرائب) و تطوير العمل بالتداريب و خلق شركات للمناولة و خلق مناصب الشغل بالقطاع الجمعوي.الخلاصة لا مكان للوظيفة العمومية.
لقد أثبت القطاع الخاص فشله، حيث لم تتمكن (NAPEC A) من الاستجابة في وساطتها لأكثر من حوالي 52 في المئة من الطلبات التي و صلت سنة 2003 حوالي 50000 طلب عمل. إذا أخذنا بعين الاعتبار توقيع اتفاقيات التبادل الحر التي ستحكم على جزء مهم من النسيج الاقتصادي بالفناء، ندرك محدودية نتائج هذا القطاع، إضافة إلى فرط الاستغلال و تدني الأجور.
تعول الدولة كذلك على جعل العمل الجمعوي امتصاص نسبة من البطالة بجعله مؤدى عنه كذلك إشراكه في تنظيم الصدقات و تإبيد حرمان الفقراء. (وكالة التنمية الاجتماعية)
كانت (NAPEC A) من نتائج توصية مناظرة مراكش لكي تلعب دور الوسيط في سوق الشغل و إدارة برنامج التكوين من أجل الادماج و توجه الراغبين في إنشاء مقولاتهم.الوكالة تقدم يد عاملة دون حماية لأرباب العمل زائد الدعم المالي. كانت ذروة نجاح الوكالة هي النصب على أكثر من 40000 شاب فيما عرف بقضية النجاة.
مرونة الشغل و العمل بالعقدة و التقاعد المسبق و فتح وكالات خاصة للوساطة و الحرية في تحديد الأجر بين العمل و المشغل و تحديد سن العمل في 15 سنة و حذف التعويض عن التسريحات... .هذه هي أشكال علاقات الشغل المبشر بها.
و تختتم المناظرة اجراءاتها بترديد الأسطوانة المشروخة ملاءمة التكوين لحاجيات المقاولة و أن ذلك من أسباب البطالة.كما تهدف الكولة من خلاله إلى إعداد يد عاملة رخيصة لتجلب بها الاستثمارات الأجنبية.
المناظرة الثانية الخلفية و النتائج:
المناظرة الثانية أو كم سماها أصحابها " مبادرات التشغيل أيام عمل حول دعم التشغيل " المنعقدة بالصخرات تحت شعار " التشغيل .. كلنا معنيون " لم تخرج عن ما جاء في الأولى حيث الرهان على نفس السياسات المفلسة. كيف ذلك ؟
تمحورت أشغال الأيام حول أربع ورشات:
ورشة إنعاش الشغل: تطوير عقد التكوين من أجل الادماج (مدته 18 شهر) الفاشل إلى عقد أول عمل لمدة سنتين و الرفع من سقف الأجر المعفى من الضريبة على الدخل و اشتراكات الضمان الاجتماعي إلى 6000 درهم عوض 4500 درهم. دمقرطة الولوج إلى الوظيفة العمومية (دمقرطتها بعد تخريبها)
ورشة ملاءمة التكوين مع التشغيل: نوعان من التكوين : أولا التكوين التعاقدي من أجل التشغيل لفائدة حاملي الشهادات الباحثين عن أول عمل المسجلين بالوكالة يتم إدماجهم مباشرة بعد التكوين، بناء على طلب المقاولة المعنية. ثانيا التكوين التأهيلي أو التحويلي و يستهدف هذا التكون تيسير إدماج حاملي الشهادات بإكسابهم المؤهلات المهنية في التخصصات التي توفر نسب إدماج عالية.
ورشة حكامة سوق الشغل: المناولة و خوصصة الوساطة و المرونة.
ورشة دعم خلق المقاولات:تقديم دعم مالي بالنسبة للمقاولات التي لا يتجاوز رأسمالها 250000 درهم و تتحمل الوكالة مصاريف المواكبة في حدود 10000 درهم. هذه الخلاصة هي محاولة تركيبية لما نشر في الصحف توخينا فيها التركيز على الجوهر والأساسي في التوصيات و الذي سيعرف طريقه إلى التنفيذ السريع لأنه في مصلحة أرباب العمل.
يمكن تسجيل العديد من الملاحظات على هذه "المناظرة"
تحاول استباق أفواج الخرجين الجدد الناتجين عن الميثاق و المفروض أن الاصلاح التعليمي سيدمجهم في سوق الشغل (كما تم التبشير من خلال الميثاق الوطني للتربية و التكوين و الحملة المرافقة و المشرعنة له).
تهميش النقابات العمالية و اتخاذ إجراءات ضد مصالح الأجراء باستغلال المعطلين .
الاسهام في تقديم دعم للبطرونا عن طريق تخفيض تكلفة أجورالعمال و تيسير شروط استغلالهم. و الملاحظ أن هذه "المناظرة" واكبتها حملة إعلامية عاصفة الهدف منها هو إلهاء المعطلين و جعلهم يلهثون و راء السراب و تسويغ سيادة مصالح البطرونة و استفادتها من الأموال العامة. عبر إغراق الجرائد بفيض من الأرقام و الإجراءات و التي لا تعدو أن تكون استنساخ لماسبق بل أسوأ.
خاتمة
تجدر الاشارة إلى أن "عقد أول عمل" الذي طرحته الحكومة المغربية يعد استنساخا لما طرح في فرنسا شهر غشت 2005 أي ما اشتهر ب (CPE )، و هذا العقد يندرج في إطار الهجوم على عقد العمل غير المحدد المدة أي الشغل القار تنفيذا للهجوم الرأسمالي المعم على مكتسبات الأجراء التي قدمات تضحيات جسام من أجل انتزاعها.
لقد قاطعت الجمعية الوطنية "المناظرة" الثانية، بعدما شاركت في الأولى، لاقتناعها بأن ما تقترحه الدولة ما هو إلا توصيات أرباب العمل. و أن الاجراءات لا تعدوا أن تكون مادة موجهة للإستهلاك الاعلامي.
لقد كان النقاش المفتوح حول معضلة البطالة و الحملة الاعلامية التي أقامتها الدولة و صحافة البرجوازية، مناسبة للمعنيين بالأمر، أي المعطلين و الأجراء عبر منضماتهم و جمعياتهم، للتقدم برد شامل إعلامي و ميداني يرقى لمستوى خطورة الاجراءات التي تطرحها الباطرونا و دولتها- أعلن عنها في الصحافة حتى قبل انغقاد مبادرات الصخيرات – غير أن النقابات لم يرقى ردها سوى للتحفظ اللفظي (1) على النتائج و التي أعفت الباطرونا من التحملات الاجتماعية( ضمان اجتماعي، تغطية صحية)، رغم ما سيجره ذلك من كوارث أقلها تسريح جزء من الأجراء المتوفرين على عقد عمل غير محدد لأن تشغيل عمال جدد هو أقل كلفة و أكثر مرونة و إدخال العقدة للقطاع العام و المكاتب الوطنية و التي كانت تعتبر متقدمة في مكاسبها بالمقارنة مع القطاع الخاص.
لقد أبان الرد الطلابي و الشبابي و العمالي على مهاجمة العمل القار في فرنسا و التعبئة الضخمة التي أجبرت الحكومة الفرنسية على التراجع و سحب "عقد أول عمل" عن مدى الوعي بخطورة هذا الهجوم حتى قبل تنفيذه عمليا. في حين رغم التداعيات الخطيرة لتطبيقه في المغرب لازال هذا الهجوم لا يلقى حتى فهم مدى خطورته فما بالك بمقاومته.
إن الدولة و أرباب العمل يبرهنون من خلال نتائج هذه الأيام أنهم معنيون فقط بأرباحهم و مصالحهم أما تشغيل العاطلين و حفظ كرامتهم فأخير ما يفكرون فيه.
التعليقات (0)