البطالة قنبلة مؤقتة على اعتاب الانفجار!
خريجون على ابواب الوزارات وعاطلون يلعبون الدومينو!
شيركو شاهين
sher_argh@yahoo.com
اذا كان الملف الامني يعتبر من اكثر الملفات الشائكة التي استعصت على الحكومة البت بامراها والحد من لهيب نيرانها، تكون البطالة حين ذاك وسبل مكافحة عواقبها على واقع المجتمع هو من اهم الملفات المطروحة بعد الملف الامني، وللانصاف فاننا لايمكن ان نعلق كل اخطاء الماضي وسلبياته على عاتق الحكومة الوليدة من خضم هذه الظروف الصعبة، فجذور هذه الازمة تمدد الى ماقبل التسعينيات وفي اوائل الثمانينيات تحديدا وهناك نسب تم قياسها وتحديدها من قبل النظام السابق تشير بوضوح الى عمق هذه الازمة، ولكن تفاقم ظاهرة البطالة لم تصل الى ماوصلت اليه سالف الايام كما وصلت اليه اليوم، فالعديد من خريجي الكليات اليوم والذي يحلوا للعديدين تسميتهم بجيش العاطلين مع قرب فصل العطلة الصيفية، حيث ما ان تقرع اجراس موسم الامتحانات نهايتها حتى يدخلون في بحر متلاطم لهم كبير اسمه (البحث عن فرصة عمل)، فاذا كان الخيال ممكن ان ياخذ العقل بعيدا ليسبح في احلام المستقبل الا ان الواقع له علينا اكثر من حق، واول حقوقه واهمها السؤال، ومن مبدأ قول الحكماء (انا افكر اذن انا موجود) يصح في هذا الشأن ان نقول (انا اسأل اذن انا موجود)، حين ذاك تتوارد الاسئلة في الاذهان وتظهر على الشكل الاتي:
-هل تعتقد أن هناك أملا في حل مشكلة البطالة؟ يسأل احدهم فنحار في الجواب.
-من المسؤول عن ذلك؟ هل هي الدولة.. أم الشعب؟ أم الاثنان معا؟ هذا ما قد يسأله اخر وتبقى نفس علامة الاستفهام التي لم نجد لها جواب في السؤال الاول.
وفي حيرتنا بين هذين السؤالين نفاجئ بسؤال اخر اتعس من ما هو قبله:
-هل تؤثر أزمة البطالة على العلاقة بين الحكومة والشعب؟
بمعنى اصح: هل مازالت العلاقة بين المواطن والحكومة تعتمد في الاساس على الثقة والمودة ؟ أم أن البطالة علمتنا كيف يموت الود.. وتنتحر في امواجها الأشواق؟!
فلنبحث اذا لنعرف جوابا شافيا لكل تلك الاسئلة.. ولكن قبل أن نبحث معا عن إجابة, احب ان اذكر حكاية رئيسة شجعتني للبحث في هذا الموضوع:
ففي احدى الجولات السابقة تعرفت على احد الشباب الذي اقل مايمكن ان يوصف به انه محبط يائس كارها للدنيا ومافيها.. جاء في محور حديثه معي بالاتي:
قبل اي حوار, كنت أتمنى ألا أكون عراقيا!!.. هل تعرف لماذا؟
لأنني تعلمت لمدة 20 عاما.. وفي النهاية أجلس على الارصفة وفي المقاهي بلا عمل؟
ووزراؤنا الكرام يقولون: لا توجد وظائف(وطبعا هي موجودة لاصحاب الوساطات والتزكيات الحزبية), فلماذا اذن لايتركون الوزارة , أو يلغوها, أو يلغوا التعليم, ويضيف (صاحبنا) قائلا: بالمناسبة حب العراق يسير في دمي, وأؤيد بشدة الواقع الديمقراطي وهو ماتبلورت عنه بالانتخابات المتتالية لكني حقيقة لاحب السياسيين, وأرى أن العيب فيهم وفيمن ولاوهم, لأنهم بكل شعاراتهم وحجم امكانياتهم ليسوا قادرين على الايفاء بوعودهم التي قطعوها لابناء هذا البلد المظلوم!
ففي الوقت الذي نتكلم عن البطالة.. ونقرأ ونسمع ونصدق كل ماتكتبه
الصحف عن جهود الحكومة للقضاء عليها..! ولكن كم منا يصدق؟
وباغتني بعدها بسؤال: هل أنت.. تصدق؟
اقول هنا اننا نصدق امرا اساسيا واحدا وهو الواقع، الواقع الذي بتنا نعيشه بكل تفاصيله السلبية ونصطدم به: بدءا من اليأس والفشل, وانتهاء بالانحراف أو التطرف.. وأتصور أنه قد آن الأوان لتعيير المقولة التي كانت تتردد في الثمانينيات بأنه.. في كل بيت عراقي جندي أو شهيد..
لتصبح.. في كل بيت عراقي (عطال بطال)..
إنها كارثة ـ بحق ـ فنحن لانعرف حجمها، ولانعرف أيضا ماذا تفعل الحكومة للتعامل معها خاصة بعد أن توقفت اغلب المشاريع الاقتصادية للقطاع والذي كان يعول عليه في دعم وتشغيل هذه الطبقة الحية من مجتمعنا..
لهذه الاسباب الانفة الذكر وغيرها الكثير , نفتح اليوم هذا الملف عسى ولعلنقع على مشاعر جمهور الشباب العاطل عن العمل.
قصص (البطالين):
الشاب (خليل محمد-26عاما) يعرب عن مشكلته بالقول:
تخرجت في احد المعاهد وقدمت اوراقي بعدها لغرض التعيين حالي كحال العديدين من زملائي، وعشمونا وقتها خيرا بالكثيرولكننا لم نجن لحد اليوم سوى الكلام، ولما طال انتظاري وانقطعت بالعهود امالي اضطررت للعمل في احدى المهن التي تستند اساسا على الجهد العضلي والجهد الدائم، ولانني من اصول قروية فرض اهلي علي الزواج من ابنة عمي، ورزقت بعدها بثلاثة اولاد وازدادت بذلك مسؤولياتي والحمل الملقى على عاتقي، وفي احد الايام وبينما كنت في حالة يائسة ومنقطع بي السبل للحصول على فرصة عمل، عرفني احد اصدقائي على احد الاشخاص الذي اخبرني انه يعرف بضيق الحال من قبل الشخص الوسيط وهو صديقي الذي عرفني عليه، وعرض علي العمل معه وبعد ان سألته لايضاح طبيعة العمل كشف عن مقاصده وقال ان عمله يعتمد على خطف الاثرياء وابنائهم من الذي (وحسب قوله) يعيشون على دم الفقراء، ورغم حاجتي الى العمل الا ان اخلاقي وقيمي التي نشأت عليها منعتني من التقدم في هذا الاتجاه، ولتخوفي من التعرض للقتل على يديه تعللت وقتها باني مصاب باصابة بالغة في قدمي تمنعني من العمل بمثل هذه الاعمال والتي تحتاج الى مجهود كبير، المهم اني حاولت ابعاده دون ان اخالفه الرأي بخصوص رأيه في الاثرياء، والا فان عصابته كانت ستطاردني، ولكنه فهم الموضوع وقال لي قبل ان يتركني: ليست هناك مشكلة ابدا طالما البطالين يملأون الشارع والمقاهي وسوف اجد مئة شخص غيرك.
الشاب (محمود فؤاد-23عاما) خريج معهد المعلمين يقول: ما فتئت اراجع الدوائر والوزارات سيادية كانت ام خدمية (كما يحلو للبعض تقسيم وزاراتنا العاطلة) وكان رد الدوائر المختصة في هذا الشأن انهم سوف يعمدون الى دراسة الموضوع وان الاولويات الان منصبة في اعادة المفصولين السياسيين، والغايات في هذا الشأن معروفة وذلك لان الوزارات اليوم هي اقطاعيات لاحزاب وزارئها واعداد المعادين الى وزاراتهم سوف يعطيهم دافع اعلامي اذا ما كانت هناك انتخابات قريبة.
اما الشاب (ثامر فاضل-30عاما) فهو خريج اعدادية وتارك الدراسة منذ سنوات فيقول: لا املك شهادة تؤهلني للتعين في احدى الوزارات لذلك تقدمت للجيش لاننا كل يوم نشاهد ونسمع العديد من الاعلانات الداعية للتطوع الا ان الواقع عكس ذلك تماما، فعند ابواب مركز التجنيد يواجهك جواب واحد وهو: لسنا بحاجة الان لمزيد من المتطوعين وسوف نطلب بالمزيد في المستقبل ولكن الان (روحوا لبيوتكم).
ولكن علمت بعد حين ان باب التطوع مفتوح لكن من الباب الخلفي ولمن يدفع بالعملة الصعبة فقط، لذلك سعيت للاستدانة من احد اقربائي مبلغ قدره(400دولار) واعطيتها لاحد الضباط (الشرفاء) ولحد اليوم مازلت انتظر دوري.
سألته حين ذاك، رغم انك دفعت (400دولار) منذ ثلاةث اشهر الا انك مازلت لم تحصل على فرصتك؟
نعم.. لان الذي يدفعون كثر فهي مهنة مربحة.
تركنا الشاب (ثامر) ونحن نتساءل ماجدوى خطوط الاتصال الساخنة (والباردة) لوزارتي الدفاع والداخلية اذا كانت الامور تسير على هذا المنوال.
اما خريجو كلية الاداب فلهم مشكلة لطالما عرضوها تداولتها العديد من وسائل الاعلام حيث تحدثت عنها الانسة(ايمان جميل-29عاما) وهي خريجة كلية الاداب قسم اللغة العربية وقالت: والله ان حالنا مع التعيين حالة، فانا خريجة منذ عام (2000) وبما ان راتب الموظف كان لايعادل ثمن (طبقة البيض) فلم اتعين في اختصاصي حينها، لان راتب (3000) الاف دينار فقط في حينه كان عبارة عن دعوة للأرتشاء، واليوم وحين تقديم طلبي للتعيين في وزارة التربية تفاجأت حقا حين اعلموني ان الوزارة اتخذت قرارا في تفضيل ومنح الاولوية لخريجي كلية التربية، اما خريجي كلية الاداب فتعد كلية ثانوية بعد التربية، ولازلت رغم مرور فترة على هذه الحالة مندهشة من هذا التقسيم الذي لا اساس له من الواقع، فكيف تتعامل الدولة معنا بهذه الطريقة المجحفة واذا استمر الحال على ماهو عليه فلماذا لايتم انشاء وزارة باسم (وزارة الاداب) لنتمكن من التعيين فيها بشكل اساسي وليس على اننا ثانويون، والا فاننا سنبقى ضائعين بين فوضى الاسماء.
اما الشاب (اكرم ماجد-29عاما) فقد امتهن مهنة حين كان اثناء فترة دراسته كفته حاجة السؤال والبحث عن عمل، فهو خريج كلية العلوم جامعة بغداد، وهو عن عمله وحالة بطالته يقول: مللت من السؤال والطلب بعد تحول الشباب الباحث عن فرصة العمل الى اشبه (بالشحاذين) وهو يمسك استمارة التقديم على ابواب الوزارات والدوائر فمن حكومة (بريمر) مرورا بحكومة الدكتور (اياد علاوي) ومن بعده (الجعفري) ونهاية بوزارات اليوم، فالواسطات والتزكيات والمحاببة تلعب دورا اساسيا في لعبة العرض والطلب على الوظيفة.
-اذان فالمهنة التي امتهنتها قبل التخرج ودعمتك للارتزاق في عيشك اليوم؟
عندما كنت في الاعدادية كنت اشتري طيور الزينة او ماتعرف بالعامية(بطيور الحب) حيث تكون سريعة التكاثر، والحمد لله احقق منها ارباحا جيدة فضلا عن ذلك توسعت وقمت بانشاء حوض كبير لتربية اسماك الزينة، حقيقة الرزق من هذه الاعمال وان كانت بسيطة المردود بالنسبة للاعمال الاخرى الا انها افضل بكثير من السؤال وطلب الحاجة.
وسألته متألما عن اختصاصه الذي اجتهد في نيل شهادته اين هو اليوم من خطط المستقبل؟
شهادتي نسيت اي وضعتها وعقليتي العلمية في تراجع مستمر لعدم التواصل والممارسة الدائمة الى جانب ضغوط المعيشة وهذا حال الكثيرين من اصدقائي مابعد سني التخرج فوداعا للعلم ووداعا للمستقبل الزاهر(المزعوم).
اما الشاب (اصلان صابر-27عاما) وصديقه (زياد طارق-26عاما) فحالتهم مع البطالة قد تكون اصعب من غيرهم، وعن ذلك يتحدث (زياد) قائلا: درسنا وتخرجنا معا في الجامعة التكنولوجية قسم التعليم التكنولوجي، ورغم اننا بحثنا كثيرا عن فرص تناسب مؤهلاتنا الا ان اليأس كان حليفنا في رحلة البحث تلك، لذا قررنا الاعتماد على انفسنا فمنذ عام تشاركنا في ايجار محل لغرض تحويله الى مكتبة في منطقة (حي الجامعة) ودفعنا له (سرقفلية باهظة) وقمنا بتجهيزه باجهزة استنساخ وطباعة وغيرها ولكن تراجع المردود المادي للمكتب بشكل كبير بسبب تراجع الحالة الامنية للمنطقة وسقوطها نهائيا في يد الارهاب بخاصة مع استمرار حالة التهديد لاصحاب المحال فضلا عن تراجع تجهيز الدولة بما كان يسمى في سالف العصر (بالكهرباء الوطنية) واخذت تكاليف الايجار ومصاريف المحل لاتتناسب مع موارده لذا قررنا تركه بعد ان خسرنا رأس مالنا الوحيد الى جانب ديوننا التي لم نسدد اكثرها، ولا اقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل، اذا كان حالنا نحن الخريجين هذا فما هو حال الشباب الذين لايملكون شهادات.
استغلال الظروف!
أزمة البطالة أفرزت العديد من الظواهر السلبية.. هذه حقيقة مؤكدة.. كلنا نعاني منها, أما أكثرمن يعانون فهم الشباب الذين اضطرتهم الظروف للالتحاق بالعمل في بعض شركات ومحال القطاع الخاص..
فللأسف يستغل أصحاب الأعمال ظروف الشباب الصعبة، ويعاملونهم معاملة سيئة, ماديا ومعنويا..
هذا ما بدأ به الشاب فاروق مصطفى ـ بكالوريوس علوم اجتماع (خريج عام 2003) بالقول، واضاف بعدها: تقدمت للعمل في إحدى المؤسسات للتعيين بصفة رجل امن(حراسة المنشأت) بعد ان يئست من التعيين باختصاصي بسبب كثرة ترددي على الوزارات المعنية في هذا الخصوص وبدون فائدة، وكانت اهم شروط التقديم ليست الشهادة او مقدار تحصيلي الدراسي ولكن الاساس هنا هو (الورق)!! نعم فاول شروط التقديم ان تضم استمارة المعلومات الخاصة بك مبدئيا (ورقة-100 دولار) وكذلك عين المبلغ بعد الموافقة على تعيني، فهل يصح مثل هذا الحال وهل هذا ماوعدتنا بها الحكومة من خير بعد كل انتخابات كانت تهدد بها ارواحنا، واين من هذه المشاكل ممثلينا في الجمعية الوطنية الا يحق لنا ان يكون لنا ممثل حقيقي لايصال صوتنا الى الحكومة بدل الشعارات والاقاويل التي مللنا من متابعتها في شاشات الفضائيات.
أما منال المفتي خريجة(24عاما) معهد التصالات والبريد ـ عام 97 فتقول : مستحيل ان تحصل اي خريجة على فرصة تناسب مؤهلاتها الدراسية والعلمية لذا فانا عموما ونظرا للحاجة المادية الماسة اضطرننا الى اللجوء الى العمل الخاص رغم انه مليء بالمتاعب والصعاب وخاصة بالنسبة لنا كفتيات, فقد تقدمت بعد تخرجي للعمل كمدرسة في إحدى دورالحضانة (الاهلية) نظرا لقربها من منزلنا وكانت الأمور تسير على مايرام, إلى أن قام صاحب الحضانة بضرب إحدى زميلاتي وإهانتها لارتكابها خطأ صغيرا, فتركت العمللخوفي من أن يتكرر ما حدث لها معي وليس هناك بعد ذلك جهة نتشكى لها او تنصفنا.
ويقول حسين مصطفى (ـ 26 عاما) ـ كلية حقوق 2003: بعد تخرجي توجهت للعمل بمصنع للخيوط بعد ان عمل احد اصدقائي للتوسط في تشغيلي، وقلت حينها ليس هناك فرق كبير بين دراسة الحقوق ولف الخيوط!!, وكانت ساعات العمل تتعدي 15ساعة في كثير من الأحيان وذلك نظير راتب لايتعدى 100 دولار(150-الف دينار عراقي) في الشهر, ومن المفارقات أن هذا الراتب كان يشمل اجور النقل , ومع ارتفاع مثل هذه الاجور تظلمت لدي صاحب العمل, فأصبح 150 دولار, وهو مبلغ غير مجد كما يعرف الجميع ولكن ما بيد حيلة, خاصة أنني أعول شقيقتي بعد وفاة والدينا.
شباب يكلم نفسه في الطرقات!!
هذه ملاحظة استوقفتنا مليا في شوارع العاصمة.. وقررنا بدورنا أن نلفت نظرك إليها.. فإذا كان احدكم من هواة الجلوس في المقاهي.. اوالتنقل في باصات مصلحة الركاب، ولو ركزتم قليلا.. فقد تقع عيونكم على شاب جامعي أو حاصل على مؤهل متوسطة يكلم نفسه.. يفضفض بهمومه ليرتاح.. نحن شاهدناهم، واستمعنا إليهم, وننقل لك الآن مايقوله كل منهم ..
محمود امين(25عاما) حاصل على مؤهل فوق المتوسط من -معهد التكنولوجيا-يقول: حصلت على مؤهلي منذ أكثر من عشرة أعوام ولكن لم أجد وظيفة وأحيانا كان يعرض على في بعض الأماكن الحكومية أن أدفع ثمن الحصول على الوظيفة وكانوا يطلبون مبالغ ضخمة تتراوح بين (300-500 دولار) وطبعا حسب المكان.
يوميات شاب عاطل!
اسمي سمير عبدالله(29عاما) ـ خريج كلية تجارة لعام 98/97.. أستيقظ في الساعة 12ظهرا أو الواحدة ظهرا وأجلس في المنزل مع أسرتي حتى موعد الغداء وبعد ذلك أنزل لأجلس في المقهى مع أصدقائي لنلعب الشطرنج أو الدومينو أو نخرج الى أي مكان ثم أرجع إلى البيت في وقت متأخر من الليل لأنام فقط.
يقول بعد ذلك: كنت أفكر في الزواج طبعا كأي شاب لكني لا أملك أي إمكانات لا شقة ولا أثاث ومن كثرة تفكيري أنام حتى لا أمرض.
اجريت محاولات كثيرة للالتحاق بوظيفة في وزارة او دائرة ولكن لاجدوى من كل ذلك. عملت في عددة اشغال ولكني تركتها بعد وجدت أنني أصرف من جيبي أكثر من المرتب الذي كان يدفع لي.
عملت فترة من الزمن عمالة بناء ولكن تردي الحالة الامنية وتراجع عمل البناء في عموم بغداد ساء من وضعي سوء لذا قررت ان افكر في السفر واعتقد انه المشروع الوحيد الناجح اليوم في العراق.
وفي رأيي أن بيانات الحكومة عن توظيف الشباب: كلام فارغ.! والتعيينات تحتاج للواسطة التي لا أمتلكها للأسف.
وإذا استمر الحال كما هو عليه فالانحراف سيكون ديدن الجميع.
راي الاقتصاديين:-
حول ازمة البطالة واسباب نشوئها في المجتمع العراقي وسبل القضاء عليها التقينا الدكتور(منير الوردي) المختص في علوم الاقتصاد والمتخصص في علم البحوث الاقتصادية، حيث قال:
تمتاز دول العالم المتقدم عما هو دونها من الدول الاخرى بحجم ماتوليه من اهتمام بدور العلم والتعليم كونه في المرتبة الاولى لاساس بناء حياة الانسان الى جانب ما ستوفره لمستقبلها من كوادر خريجها ليكون اساسا البنى التحتية لاي بلد، وانطلاقا من وعي المجمع بهذه الاساسيات فقد عمدت العديد منهم لاستحصال شهادات علمية تعد ضمنا اكيدا للحصول على وظيفة حكومية للنفاذ من فخ البطالة، ونستطيع القول ان عقد السبعينيات وماقبله يمثل العصر الذهبي في العراق لما كان من بيئة ملائمة لتوفر فرص سواء للخريجين او لغيرهم ولكن جاء عقد الثمانينات ومع بعده لنشهد تراجعا متسارعا في هذا الخصوص، بعد ان تضافرت عددة اسباب منها الداخلية مثل دخول الايدي العاملة الاجنية والعربية والخارجية كالحروب التي دخلها البلد على مر العقدين الاخيرين في القرن الماضي هذا كله ماقبل عام (2003) واحداث الانقلاب الشامل في هيكله الحكومة التي ادت الى مادت اليه الاحوال فيما بعد، ونستطيع ان نقول وبثقة ان السنوات الاربع الاخيرة التي شهدها العراق تحت نير الاحتلال لم يشهده تاريخه لاسباب عديد لامجال هنا للخوض في غمار اظهار مجمل سلبياته.
وعن اسباب البطالة بشكل عام والخريجين على وجه الخصوص، اجاب عن هذاالتساؤل بالقول؟
بالتأكيد ان هناك اسبابا رئيسة منها على وجه الخصوص ماكان منها في عقد التسعينيات وما كان من تأثير فترة الحصار الاقتصادي على البلد من انعكاسات في تراجع اعداد المتعينين ضمن شروط التعيين المركزي رغم ان هذا السبب تناقص فيما بعد عام(2000) بنسب بسيطة، الى جانب وجود تقصير عام من قبل الحكومة في اعداد خطط القبول المركزي والذي تتبعه وزارة التعليم العالي مما ادى الى عدم تناسب نوعية الفئة المتخرجة مع حاجة السوق الفعلية، فضلا عن ذلك كله فلم يكن هناك تشجيع للشباب للتوجه صوب التعليم المهني والتقني على عكس التخصصات الانسانية كالاداب مثلا، مما ادى الى رجوح كفته على كفة العلوم التقنية وغيرها فضلا عن ذلك فليست هناك مواءمة بين قدرات القطاع الخاص مع الواقع الاستيعابي للخريجين، هذه النقاط الانفة الذكر تقع على عاتق استعداد الحكومة اما العاطلون فتقع على عاتقهم بعض الاسباب لتفشي هذه البطالة مثل شيوع الجهل في غالبية الحياة المهنية والميدانية، وترجع اسباب ذلك الى الاهمال والكسل المتفشي لدى العديدين من الشباب مع الاسف، الى جانب بعض العادات والتقاليد بين الناس والانصراف من التركيز على اهمية التعليم واكثر المتضررين من هذه القاعدة هم الاناث وهناك نقطة اساسية اخرى تخص الخريجين حيث يعمد الكثيرون منهم الى رفض بعض الفرص بحجة عدم ملاءمتها لتطلعاتهم ويأتي ذلك من جراء ضعف الرغبة في التعين عموما، بسبب حالة التضخم التي يشهدها الواقع الحالي والتي تأتي في الكثير من الاحيان غير ملبية لحاجة المواطن خاصة المبتدئين منهم.
اما بعد عام (2003) فقد ظهرت مشكلتين في هذا الخصوص الاول تخص تعطل مختلف مشاريع الاعمار والمصانع عن الانتاج لاسباب عديدة قد يكون اهمها تردي الحالة الامنية وعدم قدرة الحكومة على الايفاء بواجباتها امام هذه القطاعات وخاصة مسألة توفير الطاقة الكهربائية. ان النقطة الثانية فترجع اسبابها الى سياسة الحكومة نفسها حيث تم تجميد التعينات في غالبية الوزارات نظرا لعدم طرح ميزانية مالية واضحة لدعم مثل هذه التوجهات في الوزارات كافة.
ان حاجة معالجة هذه الظروف السلبية والدافعة الى تعاظم ظاهرة البطالة في مجتمعنا دفعنا لسؤال الدكتور عن سبل التخلص ومعاجلة من هذه المشكلة؟ فاجاب قائلا:
يجب في البداية دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنميتها من قبل الحكومة بشكل خاص ولا يخفى بالطبع دور هذه المشاريع في امتصاص اعداد هائلة من الشباب، الى جانب الاهتمام وتنمية القطاع الخاص من خلال سن التشريعات التي من شأنها الزام هذا القطاع بالضمانات الاجتماعية والمادية تجاه العاملين فيه من اجل خلق المنافسة المشروعة بينه وبين القطاع العام، ومن ثم العمل على تحسين اجواء الاستثمار وخلق مناخ صحي لاستقطاب رؤس الاموال الاجنبية وتشجيع الاستثمارات الداخلية لابناء البلد من خلال منحها فرص اكبر في مشاريع اعادة اعمال العراق، هذا كله من الجهة الاقتصادية اما من جانب اعداد الكفاءات التي يمكن الاعتماد عليها لريادة هذه التجربة فتكون من خلال العمل على تحديث المناهج التعليمية وجعلها اكثر مواكبة للتطورات العلمية المستجدة، وكذلك تعزيز الترابط بين الوزارات بخاصة منها التعليم العالي والتخطيط والعمل والشؤون الاجتماعية، الى جانب هذا كله اعادة النظر في سياسة التوجه صوب التعليم المهني والتقني بما يعزز مهارات الخريجين ويلبي احتياجات سوق العمل، والتركيز على تحسين الكفاءة الداخلية لنظام التعليم من خلال محاربة الفساد والممارسات الادارية البيروقراطية.
..وفي النهاية سألنا 100 شاب وفتاة:
هل نحب الحكومة؟
قد يبدو السؤال صعبا, وربما جريئا, لكننا نملك شجاعة أن نطرحه ـ ليس على سبيل الاثارة وإنما لكي نعرف مدى تأثير أزمة البطالة على مشاعر الشباب تجاه الحكومة.. ولتعرف الحكومة أيضا أن هذا جزء من دورنا..
أما السؤال فهو ببساطة.. هل تحب الحكومة؟..ولماذا؟
الشباب أجابوا, ونحن ننشر إجاباتهم بالأسماء, والأسباب.
أسامة رافع, يحمل مشاعر سلبية تجاه الحكومة تشاركه فيها شيماء محمد بسبب ان الحكومة اعتمدت على الشعارات اكثر من العمل, بينما يقول يس رمضان: إن فشل الحكومة في تحقيق الاحتياجات الأساسية سبب رئيس في ذلك, ويتفق كل من خالد محمود ورباب فريد وأحمد عبد الرحيم في أن البيروقراطية والروتين وشيوع الرشوة هما السبب, كما يتفق كل من عادل جلال ومحمد محمود وكريم عبد اللطيف وفوزي صبحي وأحمد سعد وعبد الباري رأفت وأحمد اياد وكريم جمال وعبد الرحمن محمد على أن مشكلة البطالة سبب كراهيتهم للحكومة.
ويعلل كل من عدي سمير ورامية محمد, ومنار محمد, ومحمود فؤاد, ومحمد رضوان وأحمد إبراهيم عدم رضائهم عن الحكومة لانعدام الشفافية وكانت قلة مساحة الديمقراطية سببا في ذلك لدى محمد إبراهيم, بينما كان تساهل الحكومة مع بعض الكبار ومحاسبتها للبسطاء سببا لدى علي حمدان ومحمد فوزي, ورأى محمد حمدي أن الاسباب انفة الذكر هي المسؤولة عن انتشار المخدرات بين الشباب, وجاء الحرص على المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة, سببا في رفض سهام عبدالرازق لأدائها, وكان عدم الرضا عن القوانين المعمول بها سببا لدى كل من رانيا وليد وحسين عبد الحميد وعلي حاجي, واحتج عصام ناجي قائلا :لابد من تجديد الدماء والعقول والأفكار, وأرجع مصطفى حسنين السبب في ذلك إلى انتشار التخلف في المجتمع العراقي. وكان فشل الحكومة في إلغاء نظام الوساطة والمحسوبية سببا لدى كل من أحمد أنور وهاجر أحمد وعمر العسكري.
هبه علي ونرمين كامل وسيد صلاح وعلاء أحمد واركان رمزي وأسامة رأفت ومصطفى الجبوري قالوا :إنهم لايشعرون بأي تطور بل والرجوع إلي الوراء, بينما رأى عادل مجدي أن تطبيق نظام التقرب من نظام الخصخصة كان سببا في طعن الطبقة الفقيرة والمتوسطة, أما إحساس كل من شيماء الغزالي و(عالية سعيد) بتدني مستوى التعليم فكان سببا في تكوين مشاعر سلبية عن الحكومة, وجاء ارتفاع الأسعار سببا لدى كل من محسن عبدالله وحسين عبدالباري ودعاء محمد وغالية سليم. وكان عدم المشاركة في انتخاب الحكومة سببا لدى محمد محمود, أما فريد مازن فلايحب الحكومة لانها حددت التعيين لمن هم ضمن العشرة الاوائل فقط من الخريجين اما الباقي (فلهم الله), ويرى صادق عز الدين أنه يكره الحكومة لأنها اصدرت قانون الطوارئ على الورق فقط بينما في الحقيقة العكس هو الصحيح. حسام نعيم يرى أن إرهاق أصحاب المشروعات الصغيرة بالضرائب والفوائد هو الذي كون لديه مشاعر سلبية, ويتفق معه كل من إيمان يوسف, وهند داود في أن الحكومة هي المسؤولة عن شغل الشباب عما يجري باللهث وراء فرص العمل والتفكير في الهجرة, وأخيرا يرى محمود حسين أن أبرز عيوب الحكومة هو وجود بعض الرموز الوزارية بوجهها التي رغم كل مايشاع عنها من فساد ومحسوبية الا انها لم تتغير ولن تتغير!
أما الذين يحملون مشاعر إيجابية تجاه الحكومة منهم: محمد كمال ومحمد فوزي وقصي شريف ومحمد جندي فيبررون ذلك بسعي الحكومة نحو تخفيض سعر الدولار, وكان سعيها لتوفير حياة كريمة وتعليم جيد سببا لدى كل من ستار السلطاني وهاني إبراهيم وسيف سرمد ورشا داود وحسين زيدان. وجاء سنها لقانون تخفيض الجمارك والاعفاءات الضريبية سببا لدي امير خليل وسيف نوري,ورأى ماهر عبد الرازق أن التحسن الملحوظ في الخدمات هو السبب ويوافقه في ذلك حقي سعيد وأسامة عبد نمير وخالد سلومي وغسان صاحب وهشام جعفر, وهناك من أيد الحكومة لأسباب أخرى: فجاءت زيادة الحرية في التعبير سببا لدى سيف عمر, وكرار رياض وتشجيع المستثمرين الغربيين ومحاولاتها إعادة الثقة إليهم فيها بعد فقدانها أيام الحكم البائد, لدى سفيان عبدالوهاب, وتبنيها لمشروع الحكومة الالكترونية لدى سلام إبراهيم وسامح عبد الباري ورأى كل من ياسر صلاح وسركون ساندي أن صغر سن مجموعة من الوزراء الحاليين سيحدث طفرة نوعية, كما أيد الحكومة كل من أسماء زين وحيد لتشجيعها للموهوبين وفتح باب الزملات والبعثات اوسع مما كان عليه الحال في العهد البائد, وكان السبب لدى خالد صالح ووسن عبد القادر هو محاولاتها تعزيز العلاقات الخارجية, أما كاظم العطار فيرى أن الدكتور جلال الطالباني شخصية عملية جديرة بالاحترام, وكان حرص الحكومة على تطبيق التصريحات سببا لدي انمار امير, وأحمد فؤاد وكريمة عباس وفي النهاية ترى إيمان محمد أنه على الرغم من عدم ملاحظة تطور ملموس إلا أنها مستبشرة بالحكومة الجديدة. ووجدنا أن ثلاثة من المائة شاب الذين سألناهم يرون أن الوقت لم يحن بعد لتقييم الحكومة,وهؤلاء هم هيثم الشوك وهند رأفت وتمار حسين.
وهناك آخرون يرون أن سلبيات الحكومة تساوت مع إيجابياتها فجاءت آراؤهم حيادية, وهم علاء السيد وعبد الجبار جمال الدين ونبيل غريب وهناء جمال وريم مجيد وشيرين .
وأطرف الآراء كانت (لاتعليق) ورفض اصحابها إيضاح هذا (اللا تعليق) بالسلب أو الايجاب, وكان من نصيب سناء عزيز.
خلاصة القول:
صحيح ان الوضع الامني في العراق في تدن مستمر مما زاد في تعميق حالة البطالة في مجتمعنا، ولايمكن وفق المعطيات ان نتخيل الوصول الى حلل ناجعة بالسرعة المطلوبة. ولكننا نأمل خيرا في ان تكون هناك خطط حقيقية للنهوض من هذا الواقع البائس عبر مشاركة اساسية لكل القوى المحلية والاقليمية والدولية في حل هذه المشكلة.
نشر بتاريخ (( 12/11/2006 ))
التعليقات (0)