تأخذ البطالة في جمهورية مصر العربية منحنى آخر خاصة بعد الأحداث السياسية الأخيرة والتي بالتأكيد أثرت على سوق العمل واقتصاديات البلد والاستثمارات الخارجية وبالتالي الأيدي العاملة فيها.حيث زادت مؤخراً نسبة البطالة في مصر مقارنةً بالسنوات السابقة نتيجة للأوضاع الراهنة التي أودت بإنهاء مسيرة الكثير من الأيدي العاملة في البلد وهجرتها إلى البلدان المجاورة.
ونسبة للكثافة السكانية في مصر ومحدودية مواردها وإنتاجاتها، آثارت نسبة البطالة فيها ضجيجاً على الصعيد المحلي والدولي. إذ أخذ الكثير من الدول التي تستقط العمالات الخارجية ببث المغريات لجذب العاملين وبأجور لا تُقارن بتلك التي يتقاضونها في بلدهم، فأصبحت الهجرة هاجساً يراود الكثير من الشباب والخريجين في مصر وهذا ما أدى إلى تفاقم الأزمة لبدء مسلسل إنهيار قوة وظائف سوق العمل المصري.
الكثير منا قد يندهش من الفجوة الحاصلة بين نسبة البطالة في دولة بحجم دولة مصر كوّنها البلد العربي الأول من حيث المساحة وعدد السكان، كما أنها الرابط العربي الأوثق بين آسيا وأفريقيا. إلا أن القوى العاملة لم تنجُ من آثار الثورة الشعبية إلى الآن، فالوضع الأمني الغير مستقر أطاح بآمال العديد في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية ورؤوس الأعمال الخارجية للنهوض بالوضع شبه فاقد الوعي للاقتصاد المصري وبالتالي تشغيل الأيدي المحلية والقضاء التدريجي على البطالة المدقعة.
إلا أن حجم الوعي والإدراك في دولة مصر بقطاعيها الحكومي والخاص تجاوز الوضع الراهن بذكاء وحنكة، فبرزت المشاريع الصغيرة من خلال ريادة الأعمال وتشجيعها على جميع الأصعيدة ولخدمة جميع المجالات، فنهضت أيدي شبابية تتمتّع بالابتكار والإبداع بمشاريع تخدم الدولة وتخدم الأفراد على حدّ سواء. وبتشجيع من الأجهزة المعنية والدعم المادي والمعنوي من أصحاب رؤوس الأموال والمفكرين قامت تلك المشاريع بهدف إصلاح الوضع المعيشي في المجتمع المصري والنهضة بالاقتصاد الدولي وبالتالي إصلاح أرضية الاستثمارات الأجنبية الداعمة والمقوّية لسوق العمل والعمّال.
لقد اصبح الجدال في موضوع البطالة في مصر أمراً يصعب التنبأ بمعطياته إذ أن الترواح في نسب الشراكات الداخلية والخارجية في الوجه الصحيحة لم تعد كما كانت، فالسوق الوظيفي يوماً نراه في أوّجه ويوماً آخر يعاني من الكساد. لذا تتكاتف الجهود حالياً في عمليات الإصلاح الداخلي وبث الوعي بين الشباب خاصةً بخدمة الوطن والصبر على موارده ودعمها بأفكارهم النيّرة لا اللجوء إلى الهجرة وخسارة كفاءات قد تكون مستقبلاً مشغلة للقوى العاملة المصرية من خلال مشاريعها.
وقد ساهمت البرامج التدريبية والتعليمية في الآونة الأخيرة والتي حرصت قطاعات الاقتصاد المصري على إطلاقها في تشغيل نسبة لا بأس بها من الأيدي العاملة وتحفيز الكثير على خلق وجهات جديدة للتوظيف. وهنا يأتي دور الحكومة بكافة أجهرزتها للحفاظ على أداء سوق العمل وعدم تحكّم الأوضاع الراهنة وأصحاب النفوذ المالي بذوي الخبرات والكفاءات، لتبقى مصر الدولة العربية الداعمة لا الهادمة للقدرات، بحيث توجّه أنظارها إلى كلا الحليّن الداخلي والخارجي من خلال خلص صداقات عمل مفيدة لجميع الجهات.
التعليقات (0)