مواضيع اليوم

البطالة في خطاب السوق

هـنــد بن كحيلة

2009-12-16 21:10:25

0

 الأمر الذي يزيد من وطأة حزني ويصب الزيت على نار أعصابي هو لوم إخوتي وزوجي لي على الحزن الذي أطبق فكيه علي بمساعدة مني فلم يعد يتركني لحال سبيلي منذ أن فقدت عملي .حيث لا يكفون عن تذكيري بقدرة الله على تسيير أمور عباده وأن أمره بين الكاف والنون وأنه على كل شئ قديروان كل من يقف في طريقه مآله إلى زوال واضمحلال وأنا التي تدرك تمام الادراك كل هذا وتعلم وتؤمن بل و تنصهر في هذه الهالة الايمانية أيما انصهار لما لها من تأثير على تهدأة أعصابي وركوني إلى الهدوء هذ إن لم أقل أنها النبراس الذي أستنير به في حياتي المترامية الثنايا فالاسلام دين صبر وهو ديني الذي لن أتخلى عنه.
ولكنهم لو علموا ما لاقيته وألاقيه من حروب وعواصف هوجاء في معترك الحياة هذه لكانو سيقدرون لا محالة تلك العبرات التي تتسرب من عيني وأنا أرى نفسي وحيدة وحافية القدمين في غابة من الجمر وبين أناس غابت الرحمة من قواميسهم وحلت مكانها اللامبالاة وحب الذات واحتقار كل من هو ضعيف لا يقوى على الحراك .
لو علمت أختي الكبرى أن الأشخاص الذين توسمت فيهم الخير بأن يصغوا لحديثي أولا ويمتحنوا قدراتي ثانيا ليأخذوا بيدي آخرا لم يكونوا كذلك أبداً أبداً ..فما أصعب أن تطرق أبواباً لأشخاص لم يعرفوا معنى الطرق لأن العناية الإلهية أنزلتهم على مقاعد وثيرة عبر فتحات من السقف يعلم الله من أين أتت .
أن تتوجه بوجهك العبوس الذي قست عليه الطبيعة والناس أجمعين إلى المرآة كل صباح لتصفقه بماء عذب لعل الحياة تدب فيه من جديد بعد أن قضى الليل كله في سهاد لا يُعرف له قرار ولا استقرار..هذا الوجه الذي سئم النظر إلى تقاسيمه في المرأة من كثر ما عانى الشحوب كيف له أن يستقيم لصاحبه الذي أنهكه الليل المتعاقب المتصل بنهاره الحزين وتأمره بأن يبتسم لأن هناك يوم جديد ينتظره والأدهى أن مقابلة مع شخص قد يكون بيده الخير – ولا خير إلا بيد الله- فتحاول صاحبته تطويعه بالمساحيق التي تأبى أن تستقر فيه من فرط التموجات السفلية الموحية بعبوس دام لقرون. هذه المساحيق التي لم تكن لتوضع فيه لولا ضرورة العصر الغبي الذي شهدناه لتعاستنا أو لحظنا –الله وحده يعلم- والذي فرض على وجوهنا الغضة أن تصبغ وتنفخ وتطبخ بالتقاسيم الكاذبة لتوهم محدثك بأنك بخير وعلى أحسن ما يرام.
جسمي لن يكون في أحسن حال عن وجهي الذي ضرب فيه العبوس جذوره ولكنه سيحاول الاستقامة مع سنتيمترات الكعب الغبي هو أيضاً الذي صار ضروري ضرورة السيليكون في صدر إليسا. هذا كله لأجل أن أتهادى أمام شخص يتبين في الأخير أنه شخص وفقط بمعنى أن لا ناقة له ولا جمل في كل ماقلته وأقوله حالياً حتى وإن صرخت لوحته التعريفية التي على سطح مكتبه بأنه الكل في الكل وصاحب نظرية اللانسبية الوظيفية.
لا يعرف كل هؤلاء كم أتمزق لأنني أعرض خبراتي وقدراتي على إقطاعيي مجال عملي ولا أجد مصغ والأدهى والأمر أن تحول إلى شخص يعيث في أعصابك فساداً ليمطرك في الأخير بالتطنيش.
والمحزن المبكي الماحي أن يدخلك بواب الشركة الذي استقر عليه الحال أخيراً بأن يمتحنك تمهيدا للتخلص منك نهائياً ومن وجهك الذي صار يقطع الخميرة عن "كرواسون" قهوتهم . بأن يطلب منك هذا الفاشل أن تقوم بشئ ما لاختبار قدراتك على أن يكون هذا الشئ من المستحيلات السبع ولا تنازل عن ذلك.
آخذ التحدي على محامل الجد التي جادت بها السماء وأنطلق ودموعي تسابق تقلصات قلبي لأبدأ الاختبار المستحيل الذي يجرني إلى بحر الظلمات أين يتربصني من لا يعرفون رب الرحمة وإله الملكوت الذي لا رب سواه . فأتجلد وأصطبر ولكنني أنجح مع ذلك وأفتك ما أريد بقوة القادر الذي يرافقني ويحرس مسيرتي هذه.
أتوجه كالغبية الحمقاء لتقديم المستحيل الثامن للبواب الذي يأخذه ليرميه في مزبلة الظلم التي ملئت حقدا وغيرة وطغت عليها عدم مخافة الله ليودعني بعيون تسلق الحجر وتحوله إلى رماد لا لذنب سوى لأنني صممت على البقاء بينهم.. ولكنني سأقاوم سأقاوم استعارة مني لكلمات الشاعر سميح القاسم الذي أطلب الصفح منه لأقول : يا عدو الشمس سأساوم وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم سأقاوم ولعلها كانت نبؤة صادقة منه بعد أن قال هذه الكلمات في قصيدة أسماها خطاب في سوق البطالة وهي البطالة التي أرزح تحت وطأتها بسبب أناس أعمتهم المحسوبية ومحاباة من لا خير فيه.


بقلم هند بن كحيلة
 16-12-2009




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !