البصمة الثانية ...ثلاثة مواقف . الموقف الاول . 2008
توفي قبل فترة احد الاخوة المسيحيين في احد احياء سامراء فاراد اهله بعد ان قاموا بدفنه في العاصمة ان يعملوا مجلس العزاء في احدى كنائس العاصمة لان سامراء تخلوا من الكنائس , لكن جيران المتوفي اصروا على ان يكون مجلس العزاء في الحي تكريما لهذا الانسان وان يقوموا هم بكل شيء من خدمة للمعزين وطبخ للطعام وتقديمه .. اشتركت اكثر بيوت الحي في مجلس العزاء هذا فبعضها طبخ الطعام وبعضها قدم اثاثه وو.... فخرج مجلس العزاء مكتمل الاركان ...حتى ان رجال الدين في الحي افتوا بجواز قراءة الفاتحة على روح المتوفي .... فكانت صورة مشرقة من صور وحدة المجتمع العراقي وصورة عظيمة من صور التسامح الاسلامي في بلد كان يراد له ان يكون مركز للتطرف ....
الموقف الثاني .2006
في ايام الفوضى الطائفية في عراق الوحدة الدينية والتاخي الانساني ..كانت هناك وحدات من الجيش العراقي منتشرة في مدينة سامراء .. تعرضت احداها الى هجوم مسلح ادى الى تدمير مقرها وتشتت افرادها ... ولان جزء من هؤلاء الافراد لم يكونوا يعرفوا جغرافية المنطقة فقد توجه ثلاثة منهم دون ان يعلموا الى احدى القرى في ضواحي سامراء في محاولة للخروج من المدينة اقترب الليل وهم غير قادرين على الوصول الى اية نقطة تدلهم على الطريق .... وبينما هم كذلك راهم احد اصحاب البيوت من هذه القرية فدعاهم الى الدخول الى بيته وقضاء اليلة فيه .. كانوا خائفين من الدخول لكن لم يكن امامهم خيار .. دخلوا البيت وهم غير امنين على ارواحهم لانهم كانوا قد سمعوا من المغرضين ان اهالي سامراء سيقتلونهم اذا امسكوا بهم .. قام صاحب المنزل بتقديم العشاء لهم واحضر لهم الفرش والاغطية لقضاء الليل .. ناموا وهم غير مصدقين لما يحدث او انهم لم يناموا لان من زرع في اذهانم الخوف من اخوانهم في سامراء كان متقنا عمله ... اصبح الصباح فقام صاحب المنزل باخذهم في سيارته الى الطرق العام بعد ان قدم لهم الافطار.... واوصلهم الى نقطة قريبة من احدى الوحدات العسكرية ... ترجلوا من السيارة وشكروه كثيرا ... ذهبوا وهم يلعنون من شوه صورة العراقي في عيون اخيه .....
الموقف الثالث . 1996
في احد ايام شهر تموز الحارة جدا كنت قد استلمت اجازتي الدورية من الوحدة العسكرية التي اخدم بها في مدينة الكوت او صلتني السيارة العسكرية الى "كراج " الكوت نزلت وانا مسرع لاهرب من الشمس اللاهبة بالدخول الى احد المقاهي المنتشرة في الكراج ... دخلت الى احد المقاهي جلست على الطاولة وطلبت من العامل ان يجلب لي قنينة بيبسي اطفيء بها عطشي .... جاء العامل بما اريد وبعد ان قدم لي قنينة البيبسي استدار الى جهة احد الجالسين في المقهى وكان يبدو عليه الفقر ووجه كلاما حادا اليه طالبا منه الخروج من المقهى مع انه لم يفعل شيئا بل كان جالسا بادب كبير .. قام الشاب متثاقلا وهم بالخروج من المقهى الى الشمس اللاهبة ... اخذني الفضول او ربما الشفقة الانسانية بعد ان رايت حال الشاب الجالس ... فسالت العامل لماذا تطرده .. قال .. انه جالس بدون ان يشتري شيئا .. واضاف نحن على باب الله .. تسائلت في سري هل ان باب الله ليس فيه مجال لمحروم . المهم قلت للعامل اذا اشتريت له شيئا هل ستتركه جالسا فاجاب بالموافقة مع نظرة توحي بقليل من الخجل .. قلت احضر له مايريد .. والحقيقة ان الشاب المسكين لم يكن طماعا فلم يطلب الا قنينة ببسي احضرها له العامل وتركه جالسا يشربها .... دفعت الحساب وتوجت الى مكان السيارات لاخذ السيارة التي ستوصلني الى بغداد سرت تحت الشمس اللاهبة وانا العن الفقر واتمنى ان يكون رجلا لاقتله ...... كان ذلك يوم كان الفقراء قلة فما الحال اليوم بعد ان اصبح الفقر سيد الموقف في عراق الديمقراطية الامريكية ....
البصمة الثالثة .............. ستكون ثلاث حكايات .....
التعليقات (0)