الدنمارك .. ورغم ما يُحسب عليها من حرية وديمقراطية تصل حدّ الإنفلات ـ بالسماح مثلا للجرائد الصفراء بالإستهزاء برموز المسلمين وبرسولهم الكريم صلى الله عليه وسلّم ـ إلا أنني شخصيا من المُعجبين بالتجربة الدّنماركية الرّائدة في تربية الأبقار؟!.. فهم يُدللون أبقارهم بتوفير إصطبلات (مُكيفة) وذات مُواصفات عالية ، ومراعي نظيفة وشاسعة ، لتكون دوما في مزاج جيد لدر كمّيات مُضاعفة من أنقى وأغنى أنواع الألبان والأجبان !..
وإذا كان الدنماركيون يُضاعفون إهتمامهم بأبقارهم أثناء فترة حلبها ، والتي يُمكن تشبيهها بالإمتحانات الدّورية التي تخضع لها تلك الأبقار ، لتقييم منتوجها بعد جهود المُربين المبذولة في العناية بها !.. فوزارة التربية والتعليم عندنا في الجزائر تمارس أقسى الضغوط على الطلبة والتلاميذ أثناء فترة الإمتحانات !.. إذ تُحوّل تلك الفترة الحساسة إلى جحيم لا يُطاق !.. حتى أصبح الطلبة والتلاميذ عندنا ، يُصابون بنوبة الهلع من الإمتحانات ـ سواء أكانت دراسية أم مهنية ـ في مراحل مُبكرة من حياتهم !.. وأتذكر شخصيا مقابلتي المهنية ، حيث إستفزني أحد المُمتحنين قائلا : ما سبب إختيارك أساسا لهذا المجال ؟.. فأجبته قائلا : إنها الرغبة ، ومعها بعض المواهب من بينها الخط الحسن .. فسخر مني بعدما شاهد وثائقي وعليها عينات من خطي قائلا : أهذا هو خطك ؟ .. فأجبت : نعم .. فقال : لا يبدو لي خطا حسنا !.. فأصابني (تثبيطه) لي ، وطريقة توجيهه وتوجهه في إمتحاني بالذهول وبالإمتعاض وبالخرس ؟!..
فالطلبة في الجزائر لايرسبون لأنهم لا يُحضرون جيدا للإمتحانات ، أو أنهم لا يخزنون القدر الكافي من المعلومات في عقولهم .. بل لأن الظروف التي يجتازون فيها إمتحاناتهم ، هي أقرب إلى (الإدانة) الصريحة بالنوايا (المُبيّتة) لديهم للغش والنقل .. منها إلى إختبار لتحصيلهم العلمي بعد جهود المُربين في تلقينهم ؟!.. فهل لتوكيل (خمسة) مراقبين على كل قاعة إمتحان ، تفسيرغير ذلك ؟!..
فأولئك الطلبة والتلاميذ يتعرّضون إلى حملات تشكيك مُمنهجة في (نزاهتهم ، وصدقهم) عبر نظام الحراسة المُشدّد ، وطريقة الملاحظين الإستفزازية !.. وحركاتهم الفجائية المُفزعة !.. وتحركاتهم الصامتة المزعجة !.. كما يتعرضون إلى حملات تشكيك أخطر في معلوماتهم ، عبر تصويبات بعض المُلاحظين (النصحاء الأمناء) ، من الذين لا يدركون أن مجرد الإشارة بالأصبع لجملة من إجابات الطالب تعني بالحرف الواحد : صحح إجابتك .. وهو غش أيضا !.. قلت يقوم بعض أولئك الملاحظين بتشكيك الطلبة أحيانا حتى في معلوماتهم ويزيدون من توترهم و إرتباكهم !.. وكأن (صناديق) قاعات الإمتحانات الضيقة ، والإكتظاظ بداخلها .. ودرجات الحرارة المرتفعة ، وأجواؤها الخانقة ، وانعدام التهوئة .. كلها لا تكفي الطلبة حتى يزيدون من مُعاناتهم ؟!..
خلاصة القول .. أن الفرق شاسع وواضح بين الأبقار الدنماركية ، والظروف التي تُحلب الألبان من ضروعها !.. وبين الظروف التي يُمتحن فيها الطالب الجزائري ، ويقوم بإخراج المعلومة من عقله وفكره ؟!..
فإلى متى ستبقى قيمة الإنسان (عندنا) ، أدنى وأرخص وأبخس من قيمة الحيوان (عندهم) .. وبكثير ؟!.
13 . 06 . 2011
التعليقات (0)