عبد الهادي فنجان الساعدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما يغتصب شخص مالا او عقارا ، فهل يجوز لإنسان اخر ان يشتري هذا المال او العقار وهو يعلم بانه مغصوب . “الحيلة الشرعية” تجوز له ذلك حيث تخرجه من الدين وتدخله في البداوة ، بادعاء انه لم يغصب هذا المال من صاحبه انما غصبه غيره .. فاين سنجد الدين ؟!! ان الانحياز واضح تماما للمصلحة اكثر مما هو انحياز للدين ان اكثر الشعوب الاسلامية تعيش الان حالة البداوة على حساب الدين وذلك بطغيان الاعراف العشائرية والقبلية على الاعراف الاسلامية ، وهذا اكثر عناصر الانحياز وضوحا في المجتمعات الاسلامية . هل ان الاسلام الافغاني هو الاسلام الحقيقي ام ان اسلام القاعدة والاسلام السلفي هو الاسلام ؟!! هل ان اسلام المذاهب التي تبيح قتل المسلم وسلب ماله وهتك عرضه واستتابة اطفاله ، فان تابوا تركوا وان لم يتوبوا يقتلوا كابائهم “الكفرة” . الم يقل الرسول “قولوا لا اله الا الله تفلحوا” ، ام ان اسلام محمد يختلف عن اسلام القرون اللاحقة . الم يقل الرسول (لا تغدروا ولا تمثلوا) فكيف نغدر ونمثل بالمسلم وغير المسلم في الحين الذي يقول الحديث النبوي (لا تجوز المثلة حتى بالكلب العقور) ، الم يقل الرسول “لا يجوز ترويع المسلم وروعة المسلم ظلم” !!! ما نعيشه الان هو الاسلام البدوي الذي يختلف تماما عن البداوة الاسلامية حيث التقاء والتقاط الفكرة والتفاعل معها روحيا وجسديا حتى يصل حد اذابة الجسد في التعبد والمعاملة الحسنة .
“ان مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته ، ولا يمكن لشعب ان يفهم او يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته الى الاحداث الانسانية ، وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها”(1). “العبادة خمس الدين واربعة اخماس الدين المعاملة” بسم الله الرحمن الرحيم 1. ”ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق او المغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين” . 2. ”واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب” . 3. ”واقام الصلاة واتى الزكاة” . 4. ”والموفون بعهدهم اذا عاهدوا” 5. ”والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون”(2).
اين العبادة هنا من الدين ؟ !!
“من اراد التجارة فليتفقه في الدين”(3) هذا هو الدين الاسلامي الذي يصل بالانسان حد الحياء .. ما اخذ حياء فكانما اخذ غصبا)(4). يقول الامام الصادق (اننا نبرأ الى الله ممن يسب ابا بكر وعمر) وهذا هو الاسلام الذي يترسمه هذا الامام متخذا خطى الامام علي بن ابي طالب الذين يقول عن الرسول (لا تكونوا سبابين) والتي اخذها الرسول عن القران الكريم “وهدوا الى الطيب من القول وهدوا الى صراط الحميد”(5) “واذا مروا باللغو مرو اكراما”(6).
اذا تتبعت النهر ستجد المنبع ، القران هو المنبع والفكر الاسلامي هو المنبع الاخلاقي الذي يحدد علاقة الانسان باخيه . زعيم احدى الكتل التي تدعي الانتساب الى الرسول قرر منح المتعففات منحة مالية وكان يقف في باب القاعة اشخاص يامرون المراة المتعففة بالصلاة (يمتحنونها) فان كانت صلاتها تختلف عن صلاة صاحب هذا المذهب تحرم من المنحة وان صلت بما يرضي اصحاب الصراط اعطيت المنحة . ذكرني في ذلك بجَد هذا المدعي ، وهو الامام علي عندما جاء الى المسجد في يوم ما وجد سائلا (شحاذا) فقال : في زمني وهناك سائل ؟! قالوا له يا امير المؤمنين انه ذمي قال : وان يكن ، “الناس لك اخوان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق” هذا هو الاسلام الواسع المتسامح وذاك هو الاسلام المذهبي البدوي والذي ينحاز الى البداوة تاركا روح الاسلام والانسانية .
الحواشي:
(1) شروط النهضة / مالك بن بني / ترجمة عمر كامل مسقاوي / عبد الصبور شاهين / دار الفكر ص9 .
(2) الاية 177 من سورة البقرة . (3) قول للامام الصادق . (4) القول للامام الصادق كذلك .
(5) الاية 24 من سورة الحج .
(6) الاية 72 من سورة الفرقان .
التعليقات (0)