كشف استطلاع للرأى بحسب الحكومة المصرية عن أن 71% من المصريين راضون عن أداء حكومة الدكتور / أحمد نظيف رئيس الحكومة ...وبحسب تصريح رسمى لمركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء المصرى فإن الأستطلاع شارك فيه 1052 شخص خلال الفترة من 26/3/2009 وحتى نهاية يوم 30/3/2009 عبر الهاتف الأرضى ...
وقد انتشر الخبر فى وسائل الأعلام المختلفه ، وتصدر حوارات المنتديات وتعليقات الكثيرين ، وفى التفاصيل أن 51% من المواطنين المشاركين وهم من سن الثامنة عشر حتى الستين ، يرون أن سياسة الحكومة فى الإسكان أتجهت نحو الأفضل ، وأن دعم السلع والخدمات والمرافق كالتأمينات الأجتماعية وخدمات الصرف الصحى ودعم السلع حظى برضاء المواطنين ، وأن 44% من المشاركين رأوا أن مستوى الأسعار تغيير نحو الأفضل !!!
وبداية ، لابد أن نعرف أن علم الأحصاء من العلوم التطبيقية المهمة وهو عبارة عن مجموعة الطرق والأساليب التى تستخدم لأجراء دراسة ما والحصول على البيانات ، ثم تنظيمها وتحليلها وأستخلاص النتائج وتفسيرها عن طريق المسح Survey أو التجارب Experiment أو المسح بالأختيار Self-selected survey كل ذلك للمساهمة فى التعرف على أتجاهات الرأى أو حركة المجتمع أو أى قضية من القضايا التى تستلزم مساعدة صانعى القرار.
والواقع أن هذا الرضاء المزعوم يخالف مشاهدات مرئية غير منكرة ، فقد شهدت مصر خلال السنة الماضية ظواهر تعكس عدم الرضاء المطلق عن سياسات الحكومة ، حيث سجل عام 2008 رقماً قياسياَ فى الأضرابات العمالية والمهنيه والوقفات الاحتجاجية ، عمال ومعلمين وأطباء ومهندسين وحتى القضاه.
وأضطرت الحكومة فى كثير من هذه الأحتجاجات والأعتصامات والأضرابات أن تعدل عن موقفها وترضخ لمطالب المحتجين ،وفى بعض الحالات تدخل الرئيس مبارك بنفسه لتعديل سياسات الحكومة وتوجية قراراتها ،أستجابة لمطالب عبرت عنها هذه الأحتجاجات.
فيما تعاملت الحكومة لاحقاَ مع من رأت أنهم المحرضين عليها بأبشع وسائل القمع بدءَ بالاعتقالات ومروراَ بالأهانة والتعذيب...
وقد تزامن الاعلان عن هذا الرضاء الوهمى مع ما نشرتة شبكة النبأ على صفحات الانترنت بتاريخ 23/4/2009 تحت عنوان " مصر أرهاصات أقتصادية تقوض خلافة الأبن لأبيه والذى رصد مشاهد مؤلمة عن واقع مصر منها ارتفاع الاسعار بنسبة 18.8% وزيادة سعر فائدة الخصم بالبنوك 2% عن مستوى العام السابق وقفز معدل التضخم ليصل إلى 16.4% فضلا عما شهده العام الحالى من زيادة اسعار مواد الوقود ...
إضافة إلى بيانات المنظمات الحقوقية الدولية المتضمنة مناشدات بوقف حملات أعتقال المدونين وآخرها ما طالبت به لجنة حماية الصحفيين ـ وهى منظمة دولية فى 13/3/2009 فى مناشدة لرئيس الجمهورية بوقف حملات الأمن ضد المدونين وما تضمنتة تلك المناشدة من وقائع مخجله...
حتى التعبير عبر التدوين أضحى مغامرة تضعك فى مواجهة مع السلطات وتعصف بحريتك عبر أتهامات جائرة ، ولا تصل إلى المحاكمه ، فقط تستضيفك وزارة الداخلية وسجونها أشهر طويلة لتطلق سراحك لاحقاَ بعد أن تنال النصيب الملائم من إهدار الكرمة والأعتداء.
ولا ينجو محبى ومستخدمى موقع Face Book من التتبع والملاحظة ، حيث خصصت وزارة الداخلية قسماَ فيما يبدو من مهندسى وفنى إدارة جرائم الحاسب الآلى والمعلومات لملاحقة المدونين ومتابعى مواقع الأنترنت...
وقد باشرت الوزارة عملها بإتقان بملاحقة شباب وفتيات فى عمر الزهور بالقبض والأعتقال القسرى لمجرد دعوتهم للأحتجاج ...
على مستوى العلاقات الأجتماعية للمواطنين ، وصل عدد القضايا بالمحاكم إلى 17 مليون قضيه بحسب أحصاء وزارة العدل لعام 2008 وتقارير أخرى لمنظمات شبة حكومية تقدر العدد بأكثر من 21 مليون قضيه منها 14 مليون قضية جنائية ومليون وسبعمائة الف قضية فى الأحوال الشخصيه !!!
وهناك الكثير من بيانات الإحصاء الحكومية الصحيحة تعكس بوضوح زيف الإدعاء بحالة الرضاء التى تحدث عنها هذا الأستبيان ...
وهذا كله يعكس صورية حالة الرضا المزعوم ويتناقض معها كليةَ البتة ، ويدفع المرء إلى التأمل فى هذا التزييف المتعمد الذى يهدف إلى رسم صورة تناقض الواقع وقد تؤدى إلى عواقب وخيمة...
لكن من السهل على المتأمل لنتائج هذا المسح ألا يتعجب ، تخيل مواطن يتصل به الباحث لأستطلاع رأيه عبر الهاتف الأرضى ، ويطلب من المتصل أن يقول رأيه ، وطبعاَ يستخلص المواطن بذكاء فطرى أن بياناته كلها لدى المتصل رقم التليفون ، والعنوان ، والأسم ، وربما ما هو أكثر من ذلك ، وأن عليه أن يكون صريحاَ صراحة عادل إمام فى مسرحية الزعيم ، وهو يسكن بسطح عقار متهالك فى منطقه عشوئيه ، ومع ذلك يهتف بحضرة المسئول "يعيش الحكومه " الاسعار رخيصة يا باشا والمواصلات فاضية وكل حاجه تمام بس أحنا اللى شعب إبن كلب مش عارفين نتحكم " ... !!!
علم الأحصاء هو علم المعلومات الصحيحة ، والأستبيان الصادق ، والتحليل الأمين ، وليس علم التزوير والتزييف...
وإذا اعتمدت الحكومة على أستبيان بهذه الصوره الفاضحة لكى تستخلص الرضاء الشعبى عن أدائها وتسعى لأكراه المواطن على أعلان الرضا بالغصب والحصول بالقهر على صك مشروعيتها فهذا فى تقديرى أعلان السخط الذى تتهرب من أن تراه أو تعلم عنه أى حقيقه...
ولا يجب أن نستغرب نتيجة هذا الأستبيان عندما نتوقف مع أعلان نشرتة صحيفة "المصرى اليوم " بعددها فى 26/4/2009 عن تقارير فحص صحة عضوية اعضاء مجلس الشعب وهو السلطة التشريعية بالبلاد والذى تضمن أن التقارير أوصت بإبطال عضوية 77 نائب بالمجلس لحصول تزوير فى النتائج أو أستعمال العنف والأرهاب اثناء العملية الأنتخابية...
وسط هذه الفوضى التى لايبدو منها بارقة أمل تمضى الحياة ، ينتظر الجميع علاوة أول مايو لتضيف المزيد من الفوضى ...
لا أدرى لماذا تذكرت حبيبى أبو شهدى المرحوم الشاعر الكبير نجيب سرور فى مسرحية "منين أجيب ناس" وقصيدتة " البحر بيضحك لية" ، التى بدأ بها المسرحية والتى تقول :
البحر بيضحك لية
وأنا نازله ادلع املا القلل
البحر غضبان مبيضحكش
اصل الحكايه متضحكش
البحر جرحه ما بيدبلش
و جرحنا و لا عمره دبل
والبحر بيضحك ليه
وانا نازله ادلع املا القلل
قوللنا فخرها قناوى
بتقول حكاوى وغناوى
يا قله الذل انا ناوى
ماشرب ولو فى الميه عسل
والبحر بيضحك ليه
وانا نازله ادلع املا القلل
مساكين بنضحك م البلوه
زى الديوك والروح حلوه
سرقانا م السكين حموه
فى القلب بدل العله علل
والبحر بيضحك ليه
و انا نازله ادلع املا القلل
بينى وبينك سور ورا سور
و انا لا مارد ولا عصفور
فى ايدى ناى والناى مكسور
وصبحت انا فى العشق مثل
البحر بيضحك ليه
و انا نازله ادلع املا القلل
فى بالى ياما وعلى بالى
واللى بيعشق ما يبالى
ميهمنيش من عزالى
ياحلوه لو مرسالى وصل
والبحر بيضحك ليه
و انا نازله ادلع املا القلل
التعليقات (0)