ومع دوران الزمن دورته, وتغير أحوال القرن الافريقي, وانهيار الدولة في الصومال, وعدم نجاح القوة البحرية الدولية المخصصة لمواجهة ما يعرف بالنشاط الارهابي في القرن الافريقي في الحد من عمليات القرصنة البحرية, أخذ أمن البحر الاحمر يستقطب مرة أخري الجهود العربية والدولية معا, وتتمثل أبرز مصادر التهديد الجديدة لأمن البحر الاحمر الآن في أمرين بارزين:
الاول: هو انتشار عمليات القرصنة التي يقوم بها القراصنة الصوماليون الذين يستفيدون من انهيار دولتهم وغياب سلطتها الحاكمة, ويوظفون سواحل بلادهم التي يصل طولها إلي3700 كم لصالح عمليات القرصنة والاستيلاء علي السفن أيا كانت جنسيتها وحمولتها, واحتجازها وطلب الفديات مقابل الافراج عنها.
ومن المفارقات اللافتة للنظر هنا أن عمليات القرصنة الصومالية زادت بقوة في العام2007, ثم ارتفعت في العام2008 وهما عامان يشهدان وجودا اثيوبيا عسكريا في الصومال بدأ نهاية العام2006 بعد دحر نظام المحاكم الاسلامية الذي كان قد سيطر علي الصومال منذ يونيو2006, وامتدت سيطرته علي سواحل الصومال حيث استطاع, رغم قلة الامكانات ان يوقف هذه الانشطة غير القانونية, والتي استعادت زخمها بعد هزيمة المحاكم امام الجيش الاثيوبي, والذي بدوره لم يستطع حتي الآن ان يحقق هدفه الرئيسي المعلن الذي كان قد برر به دخوله الاراضي الصومالية, وهو المساعدة في إعادة بناء الدولة ومؤسساتها الشرعية, بل اصبح هذا الوجود العسكري غير الشرعي عبئا علي الصومال وجهود المصالحة فيه, كما اصبح عبئا علي اثيوبيا نفسها التي ثبت ان سلوكها العسكري لم يكن له أية ضرورة حالة, وان نتائجه الكارثية أكبر مما كان متصورا.
الثاني: هو مساعي التدويل التي تسعي اليها بعض الدول, ومنها إسرائيل وإريتريا وأخري أوروبية لغرض معلن وهو ضبط حركة الملاحة الدولية في منطقة خليج عدن ومواجهة القرصنة الصومالية الجديدة, ولغرض غير معلن وهو وضع نوع من الوصاية الدولية الأولية علي البحر الاحمر وحركته الملاحية واستغلال موارده الطبيعية, وهو الامر الذي يخل مباشرة بالحقوق والمصالح المباشرة للدول العربية الست التي تطل علي البحر, وفي التطورات الاخيرة التي لاتخلو من مغزي ان ثماني دول أوروبية اتفقت علي تشكيل قوة بحرية مشتركة للعمل في منطقة خليج عدن لمواجهة القرصنة الصومالية, كما أرسلت عدة دول منها جنوب افريقيا والهند وروسيا سفنا حربية للعمل في المنطقة بغرض حماية السفن التجارية التابعة لهذه البلدان من القرصنة, كما تدعو بعض الدول ومنها الدانمارك إلي إنشاء وحدة جنائية خاصة في اطار المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة القراصنة الصوماليين, وغالب هذه التحركات يحدث بعيدا عن الامم المتحدة التي تبدو في حالة سبات عميق, مما ينذر بتضارب مصالح كبير بين هذه الدول الوافدة علي المنطقة وبين الدول الاصيلة المطلة علي البحر لاسيما جنوبه.
التعليقات (0)