مواضيع اليوم

البحرين..عندما يسحق الاصلاح تحت سرف المدرعات..

جمال الهنداوي

2011-02-18 19:21:56

0

خلاف بسيط في وجهات النظر وسوء تفاهم هو كل ما يحصل الان على ارض البحرين..ومبعث هذا الخلاف هو في تباين النظرة الى التعريف الملائم لمصطلح الاصلاحات السياسية التي يروج لها منذ عقد من السنين في البلاد الغافية على مرمى حجر من شواطئ الخليج الدافئة..

فبينما يرى جلالة الملك ان الاصلاح يعني ان يستمر تمتع العائلة الحاكمة بجميع الامتيازات المتوارثة ، بما في ذلك التحكم المطلق في الموارد الاقتصادية و المالية و أن تبقى مهيمنة على المؤسسات السـياسية و التشريعية و القضائية و أن تحافظ على سيطرتها التامة على القوات المسلحة وأجهزة الأمن..وان يقدم كل ذلك الى الرأي العام على انه اجراءات اصلاحية ثورية ونموذج يحتذى للديمقراطية والتعددية.. فان الشعب البحريني يجد صعوبة بالغة في ازدراد هذا الواقع ..وهو  يشعر بالقلق من معطيات يتعايش معها يوميا قد لا تكون مشجعة للاقتناع بجدية الحكم في الاستمرار بتوجهاته الإصلاحية..

وكأي خلاف يكون احد طرفيه حريص جدا على الخروج بانتصار باهر ومعلن على الطرف الآخر..اختار الحكم الاسلوب الاقصر والاسرع عبر انهاء المسألة باستخدام العنف المفرط المبارك والمهلل له والمغطى سياسيا واعلاميا من قبل الجوار الخليجي الهلع من وصول لعنة الاحتجاجات الى اراضيه الطيعة الوادعة ..دون ان يلتفت الى ان هذا الاسلوب وان كان يتمتع بقدرته السريعة على الحسم ..فان له من الآثار السلبية الكثير الكثير..وخصوصا على المدى البعيد بسبب ان طرفا واحدا فقط سيتمتع بمزايا الانتصار هذا..

من المثير للاسى ان ينتهي المطاف بكل هذا الحديث المتطاول عن الاصلاح الى كومة مهملة من الامال تداس تحت ضجيج القعقعة العالية لسرف مدرعات النظام..وان يؤول كل هذا التأييد الشعبي الاقرب الى الاجماع الذي تحصلت عليه رؤى وطروحات الملك والمعبر عنها في ميثاق العمل الوطني الى مسيرة من الاخفاقات والنكوص والجفاء مابين الشعب والحاكم مما يثير علامات الاستفهام عن مصداقية الارقام التي تظهر دائما في الزاوية اليمنى العليا من شاشة التلفزيون البحريني..

والاكثر مدعاة للاسف هوتحول المسيرة المفترض ان تصل بالبلاد الى ان تكون مملكة حديثة دستورية ديمقراطية الى مزيد من القيود على العمل السياسي والى سعي محموم لاجراء تغييرات ديموغرافية تطال البلاد باسرها وتستهدف الاغلبية الشعبية غير المتلائمة مذهبيا مع سكنة الرفاع الغربي والذين ينظر اليهم بتطير بالغ اقرب الى الهوس ..

فيبدو ان الملك لا يكتفي بالصلاحيات الالهية التي يمنحها له الدستور من حيث اعتباره رأس الدولة..والحامي الامين للدين والوطن ورمز الوحدة الوطنية..وبكونه مصون الذات ولا يمس..وهو الوحيد المختص بتعيين الحكومة او اعفائها..وكذلك تعيين كبار الموظفين واعضاء مجلس الشورى وقادة القوات المسلحة وقوى الامن..وكونه صاحب الحق في اقتراح القوانين وابرام الاتفاقيات..بل يسعى الى استبدال الشعب بآخر عن طريق سياسة التجنيس الاقرب الى التجنيد من خلال زج العناصر المجنسة -والتي ستكون مطالبة دائمة باثبات الولاء عن طريق الامعان بالتقاطع مع المواطنين البحرانيين- في القوى الامنية والجيش..

ان النظام في البحرين مطالب الان واكثر من اي وقت مضى الى الالتفات الحقيقي الى المطالب الشعبية وايجاد الحلول الناجعة لها ..وعدم الاكتفاء بتوزيع الاموال على الشعب فان المشكلة في البحرين ليست اقتصادية بقدر ما هي تتعلق بالتغييب المتعمد للاصلاحات الديمقراطية التي طال الوعد بها..وتقييد الحريات وفقدان الحقوق السياسية واعتماد سياسة الاستئثار والتهميش والاقصاء والتمييز المقيت الذي يمارس ضد المواطنين بسبب انتمائاتهم الثقافية والايديولوجية..

وقد يكون الحكم في البحرين الاقدر على تفهم خطل الاعتماد على الحل الامني في مواجهة الاحتجاجات الشعبية..فرغم تحصل النظام على دعم الجيش..وامكانية الاتكاء على اسناد خليجي اكيد..فهو لن يكون قادرا على المدى البعيد ابقاء البلاد في حالة تصادم دائم او مسرحا لتصفية حسابات اقليمية قد لا توفر النظام من أذاها..

ما زالت هناك فرصة للحكم في البحرين للملمة الاوضاع واتخاذ الخيار الصائب بالعودة الى المسار الطبيعي للاصلاح وتحقيق المصالحة مع الشعب البحريني الطيب والنبيل قبل ان يتجاوز الزمن مرحلة الاصلاح وتتحول المطالبات الى وجهتها الحتمية نحو التغيير واسقاط النظام برمته..وان كان الاسلوب المتبع حتى الان من استعراض القوة وتجييش المظاهرات المضادة الانيقة المحملة بالشعارات النظيفة والصور الجديدة اللامعة واحتمالات الاستعانة بالقبائل الموالية والمجنسين ودفعهم للصدام المباشر مع المظاهرات الشعبية هو مما يثير المخاوف من انزلاق البلاد الى حالة من عدم الاستقرار والتشظي الجاذب للتدخلات الخارجية وهو مما لا نتمناه للبحرين ولا لشعبها الكريم..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !