مواضيع اليوم

البحرين..العزف النشاز على هدير المحركات

جمال الهنداوي

2012-04-26 20:30:47

0

للشاعر وصوت الربابة حضور كبير في ليالي القبيلة العربية,ومساحة كبيرة له في ذاكرة التيه الممتد ما بين افق وافق وسماء مقببة بمصابيح بلا اسماء..وهذا الحضور وتلك التجربة المتحصلة من الوقوف الطويل على باب الشيوخ وسراة القوم منحته القدرة على انتقاء الكلمات وتوظيفها فيما يستدر البذل والعطاء وعبارات الاستحسان من الوجوه المترعة بنشوة الرضا ويوفر له الخام والطعام الدسم السهل وامتيازات التظلل بفئ الحكم واولي الحظوة والنفوذ..ولكن للاسف فان هذه الموهبة في ترديد العبارات المطلقة الاتجاه قد لا تكون كافية في المناطق الاكثر اضاءة من زوايا ودوائر السلطة المعتمة او ليالي الصحراء المأزومة بالتقاليد القبلية المغلقة والمفتقدة لبدر الحقيقة الساطع..وفي هذا العصر المعاش..عصر التعددية والانفتاح والافق الاعلامي الواسع.. تكون اقرب الى العاب الخفة الادبية وليس اكثر من وسيلة ارتزاق مغمسة بذل الارتهان  اوضرب من التملق المداهن المهين الذي تستبدل فيه انين الربابة الجريح بالجباه الناشفة فاقدة المرؤة والحياء..

كثير من الصلف يحتاج المرء لكي يظهر على الهواء ويتهم بالكذب من يدين الاستئثار العائلي بالحكم في بلد تتمتع فيه الاسرة الاولى بالتحكم المطلق في الموارد الاقتصادية و المالية و الهيمنة على المؤسسات السـياسية و التشريعية و القضائية والسيطرة التامة على القوات المسلحة وأجهزة الأمن..وان كانت السيدة سميرة رجب قد استعانت بعلو وسلاطة "ربابتها"واتكاءها على الامن التام من العقاب في نثرها تهم العمالة والخيانة لكل من يخالف توجهات الحكم في البحرين,فان المرء يحتاج الى اكثر من الصلف-بل وحتى الوقاحة- لكي يختزل الاحتجاجات الشعبية التي تعارض اقامة سباقات الفورمولا واحد في البحرين على انها شغب من "أناسا اغبياء"قد نجدهم اينما كان,مما لا يكون لائقا معه "أن نجلس في منازلنا من دون أن نفعل أي شيء"

فحسب السيد زايد الزياني"لن يحدث اي امر خطير"لأن البحرين ليست سوريا أو افغانستان-لماذا نسي العراق-وان حصل اي شئ فان جون ييتس، المساعد السابق لقائد شرطة لندن والذي وظّفته حكومة البحرين لتقديم المشورة بشأن إصلاح شرطتها لديه الحل السحري والبسيط "سترد الشرطة باستخدام الذخيرة الحية إذا لزم الأمر وستكون لديها كل الخيارات"وبهذا سيتم "إيقاف أي أحمق يجري على المسار"..فكل هذا ليس بـ"الامر الخطير"وليس مهما ان يراق على جوانب حلبات السباق الدم..فالمهم هو ان يطل السيد بيرني ايكليستون من شرفة فندقه ليهتف"ليس هناك أي شيء يحصل في البحرين"متجاهلا كل التقارير والنداءات الدولية التي تؤكد"أن هناك بالفعل شئ يحصل في البحرين".

لم يحسن السيد الزياني-مثل السيدة رجب- العزف,ولا حتى المداهنة,ومقطعة اوتاره كانت وهو يتخذ الاسلوب الاقصر والاسرع والاقرب الى قلب الحكم عبر انهاء المسألة عن طريق الاعلان المسبق بالغاء الطرف الآخر معتمدا على دثار التعتيم الاعلامي السميك والتغطية السياسية الاكيدة من قبل الجوار الخليجي الهلع,فمثل هذه الممارسة وان كانت تتمتع بقدرتها السريعة على الحسم ..فان لها - على المدى البعيد -من الآثار السلبية الكثير, بسبب ان طرفا واحدا فقط سيتمتع بمزايا الانتصار هذا..دون ان يضمن ان الطرف الآخر قد اعلن استسلامه ام لا..

ان الحقيقه التي لا يمكن حجبها بهذا العزف النشاز هي ان قتل الناس في الشوارع وفي غرف التعذيب وهدم المساجد واعتقال الآلاف وممارسة الفصل التعسفي وتسخير اجهزة الاعلام الرسمية في التسقيط السياسي والمجتمعي وتخوين"فئات معينة"من الشعب ليست مما يمكن ان يحل باسلوب اللفلفة الاعلامية او اطلاق العبارات المتذاكية ..وان استدعاء الجيوش واستجلاب المرتزقة على الشعب الاعزل ليست من الامور التي يشار  لهل على انها ليست بالامر الخطير..وانه بهذه العقلية والنظرة التبسيطية للامور وايثار الحلول الترقيعية الاعلامية قد لا يستطيع الحكم البحريني ان يتدارك الازمة الناشبة في الارض والتي يبدو ان الافق يزداد انغلاقا امامها بقدر اتساع الشرخ الذي احدثته سياسات التغييب المتعمد للاصلاحات الديمقراطية وتقييد الحريات واعتماد سياسة الاستئثار والتهميش والاقصاء والتمييز الذي يمارس ضد المواطنين بسبب انتمائاتهم الثقافية والايديولوجية,وارتهان ارادة البلاد لخدمة ادامة التقاطعات الاقليمية رغم تشوش وغمامية المعطيات الدولية والاقليمية وصلابة الشعب البحريني والتزامه بسلمية وحضارية وثوابت ثورته التحررية..

وقد يكون الحكم في البحرين الاقدر على تفهم خطل الاعتماد على الحل الامني في مواجهة الاحتجاجات الشعبية وعدم قدرته على ابقاء البلاد في حالة تصادم دائم او مسرحا لتصفية حسابات اقليمية قد لا توفر النظام من أذاها,وعليه ان يجد الاجوبة الملائمة لسبب خواء الملاعب البحرينية من روادها وعدم احتفال الناس بالمناسبات الرياضية التي تعد في جميع بقاع الارض من الاحداث الوطنية الكبرى..

ستظل القلوب تحمل الكثير من ذكريات ألألم والقهر وفقدان الانتماء الى الارض التي يراد لها ان تنكر بصمات تراكض الناس صغارا على اديمها ..وستحتاج البحرين الى عقود وعقود من السنين لتمحو آثار ما اتخذ بليل من فقدان الحكمة والبصيرة..وستظل هذه التداعيات جرحا مؤلما في واقع الشعب البحريني النبيل بكافة اطيافه ..خصوصا وأنها مزجت بالطائفية والمذهبية والتمييز الفئوي بين المواطنين وهذا ما سيكون ثمنه باهظا على جميع الاطراف..فلن يستطيع آل خليفة الادعاء بانه"ليس هناك ما يحصل في البحرين"بعد الآن..ولن تستطيع السعودية ضبط الاوضاع بهذه الطريقة البدائية الخرقاء..ولن يكون مفيدا للجميع اعلاء كل تلك الشعارات المنفرة المغلفة بثارات القرون النابعة من بطون الكتب الصفراء,فتلك الشعارات هي التي ستساهم في تبديد سمعة ومكانة المملكة في المنطقة والاقليم الى الدرجة التي لا ينفع معها الغناء على الربابة ولا هدير محركات الفورمولا واحد".




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !