مواضيع اليوم

البحرين .. الثورة المؤودة

ياسر العزاوي

2011-05-17 14:53:24

0

يعد الموقع الجغرافي لأي بلد من أهم العوامل التي تؤثر في استقراره وأمنه خصوصا إذا كان يتمتع بموارد طبيعية تشكل حاجة فعلية للدول الكبرى المهيمنة على الساحة الاقتصادية العالمية, ومجموعة جزر البحرين إحدى هذه الدول التي كانت ولا زالت محط أنظار الدول الطامعة والطامحة للاستحواذ على الموارد الطبيعية الكبيرة التي تختص بها هذه المملكة الخليجية الصغيرة.
وبما أن عصر الاستعمار قد استبدل بحكومات محلية حامية لمصالح الدول المستعمرة وخاضعة لإرادتها فان دول الخليج كانت في صدارة تلك الدول ومن بينها البحرين التي أصبحت فيما بعد مشروعا للفتنة الطائفية والقومية في المنطقة بسبب التنوع القومي والمذهبي في سكانها.
وما أن أطلق البو عزيزي التونسي الشرارة الأولى للثورات العربية الحديثة حتى التحق الشعب البحريني بركب المطالبين بالإصلاحات ومن ثم التغيير, لكن الدوائر المستفيدة من الموقع الملكي في البحرين تحاول جاهدة دون تحقيق المطالب والطموحات الشعبية التي انطلقت بكل عفوية وسلمية ومعبرة عن رغبة الأكثرية الشيعية المحكومة من قبل الأقلية, حيث سارعت هذه الدوائر المشبوهة إلى إصباغ الحركة الثورية الوطنية بالعمالة والارتباط بدوائر إقليمية ودولية داعمة للفتنة الطائفية, إلا أن المثير في هذا الموقف أن ردود الفعل كانت الأعنف طائفيا, وبأساليب بعيدة عن الإنسانية والتحضر كالقمع والتنكيل المعتمد من قبل قوات الأمن البحريني وقوات ما يسمى بدرع الجزيرة المتشكلة بهدف الدفاع عن حريم دول الخليج مقابل أي غزو أو اعتداء أجنبي.
وبهدف إضفاء الشرعية على الممارسات القمعية لهذه القوات أعلنت السلطات البحرينية وعلى لسان الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة عن إفشال مخطط يحاك ضد بلاده وباقي دول مجلس التعاون الخليجي منذ ثلاثين سنة, في إشارة إلى الجارة إيران المتشاطئة معها على ضفة الخليج الأخرى.
السؤال الذي يمكن أن يطرح بهذا الشأن هو: أين كانت دول مجلس التعاون الخليجي عندما كان يذبح الشعب العراقي في حرب دامت لثمان سنوات مع الجارة إيران؟ وأين كانت عندما أقدم النظام العفلقي على احتلال الجارة الكويت وشارفت قواته على دخول الأراضي السعودية؟ وأين كانت دول المجلس عندما كان يتعرض الشعب العراقي إلى إبادات جماعية في بداية التسعينيات أيام الانتفاضة الشعبانية المباركة, بل أين كانت هذه الأنظمة عندما تعرض الشعب العراقي لأشرس هجمة دمرت كل البنى التحتية للعراق بذريعة التحرير والتخلص من النظام العفلقي في عام 2003 ؟.
كل هذه الأسئلة لا تكاد تلقى وسوف لن تلق أية إجابة لسبب بات معروفا لدى الجميع , وهو : أن ما جرى على الشعب العراقي إنما كان يجري بمباركة ودعم خليجي مباشر لكي تبقى هي في صدارة المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة, إذا سلمنا بعدم وجود خشية حقيقية من اتساع المد الإسلامي بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران.
أن ما يجري اليوم في البحرين لا يخرج عن كونه حربا طائفية وإرهاب دولة منظم ومدعوم دوليا , وسحق لإرادة شعب اضُطهد ولا زال يُضطهد باسم الشرع المزيف والبيعة للحاكم الذي لم يأل جهدا في قمع المحتجين من أبناء شعبه وقتلهم على الهوية وبمباركة الدوائر الداعمة للفتنة الطائفية التي تدار من قبل أشخاص معروفين بمواقفهم العدائية للطائفة الشيعية من أمثال القرضاوي والكلباني والعرعور وغيرهم من حملة الفكر التكفيري الوهابي.
أن المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان مدعوون اليوم للوقوف بوجه هذا المد الوهابي الإرهابي الهمجي الذي لو قدر له أن يأخذ زمام الأمور والمبادرة في المنطقة لما أبقى لها من باقية ولدمر كل ما من شانه أن يدعم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الإسلامي , ولا أدل على ذلك من التجنيس السياسي بهدف ترجيح طائفة على أخرى وعمليات الهدم والتدمير التي تعرضت لها عدد من المساجد المرخص ببنائها رسميا وكذلك حل جميع المنظمات والأحزاب الإسلامية والوطنية العاملة في الساحة السياسية البحرينية بقرار ملكي مناف لكل أعراف السلام والديمقراطية.
أن الأساليب القمعية لا تجدي نفعا أمام إصرار الشعب البحريني على تحقيق طموحاته بالحرية والانعتاق من التبعية والظلم, هذا ما أشار إليه الشيخ علي السلمان أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامي مؤكدا دعوة المعارضة دوما إلى التحرك السلمي، في ظل حملة لإبعاد الشيعة عن الوظائف الحكومية، مستبعدا أي فرصة للحوار قبل أن تثبت الحكومة جديتها بشان الإصلاحات, ومشيرا إلى أن جمعيته لن تخوض الانتخابات الفرعية المتوقعة الشهر المقبل، لاعتقادها بان البحرين باتت بحاجة إلى تغيير حقيقي.
أن الدعوة لإنهاء التوتر وأعمال القتل والترويع وهدم المساجد وحرق المصاحف تأتي من خلال إنهاء التجنيس السياسي, وخروج قوات درع الجزيرة فورا من البحرين, وإعطاء فرصة حقيقية للشعب البحريني للتعبير عن طموحاته التي تكفلها كل الدساتير الديمقراطية في العالم.
ان هذه الدعوة بنقاطها الثلاث تشكل مدخلا حقيقيا لإنهاء الأزمة وفق رؤية واقعية لمجريات الأحداث بعيدا عن كل التشنجات التي تضخ من هنا وهناك لاستمرار تداعياتها غير المعروفة على المدى البعيد.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !