مواضيع اليوم

البحرين بعد تقرير البسيوني..كالبحرين قبله

جمال الهنداوي

2011-11-25 15:44:45

0

نكاد نتفق مع الدكتور محمود شريف بسيوني رئيس اللجنة الملكية لتقصي الحقائق في البحرين على تاريخية اللحظة التي شهدت اعلانه للتقرير الذي خلصت اليه لجنته والذي يشير بوضوح الى أن "مواجهة المتظاهرين بالبحرين بالقوة تسببت في موت مدنيين وزيادة التوتر في الشارع البحريني".

 فقد تكون المرة الاولى التي يضطر فيها مسؤول عربي كبير بدرجة ملك الى الاستماع الى كل هذا الكم الكبير من الاتهامات وهي تكال لقواه الامنية ونظامه القضائي بالجملة من قبل شخص ما دون ان يكون له ان يرميه في غيابة الجب لايام وسنين قد تتجاوز عدد صفحات تقريره الطويل..ولكنه يجب الاقرار بانه ليس لبلاغة الدكتور بسيوني ولا لحلم الملك دخلا في كل هذه الاريحية التي قوبلت بها نتائج وتوصيات التقرير..ولكن السبب قد يكون في أن النظام استطاع ان يحصل على اكثر مما كان ينتظر من هذا التقرير ..

فهذا التقرير الذي عده الملك "فرصة تاريخية للتعامل مع أهم المسائل واشدها الحاحا."و" قيمة عظيمة ومكانة عالية في نفوسنا" خلص بعد اكثر من 500 صفحة من ترديد التجاوزات والانتهاكات والجرائم والتنكيل ومصادرة الحريات الى ان "عدم قبول مقترحات ولي عهد البحرين خلال تفاوضه مع الجمعيات السياسية"هي السبب الرئيس في"عدم التوصل إلى حل سياسي."

كما ان الاتهامات الصريحة للقوى الامنية باللجوء الى "استخدام القوة المفرطة وغير الضرورية" بهدف "بث الرعب بين المواطنين وإتلاف الممتلكات"وان التعذيب" مورس على المعتقلين بشكل متعمد بهدف انتزاع الاعترافات أو للعقاب والانتقام"تم حصرها ضمن مستوى التفلتات الفردية غير المنضبطة من خلال الاشارة المريبة الى ان هذه الممارسات كانت" خلاف التعليمات التي لديهم".

وهذا مما قد يعزز من الجهود الرسمية المبذولة لاستثمار هذه النتائج في تقديم البحرين كـ"بلد القانون والمؤسسات التي تحرص دائما على كفالة حقوق الإنسان وكرامته والتزامها بكل القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان"كما جاء في خطاب الملك ودفعه للتأكيد على ان الحكومة "عاقدة العزم على تنفيذ توصيات التقرير وعدم وضع البلد في موقف صعب"

فالحكم البحريني الذي لم يردعه كل هذا الكم من الاتهامات من حصر المسألة بـ"تعرض العاملين الأجانب إلى "الإرهاب" في البلاد، واستهداف رجال الأمن"والذي استبق التقرير بإقراره باستخدام القوة المفرطة، وسوء معاملة محتجزين على خلفية الأحداث التي شهدتها البلاد قد يكون استفاد من التقرير كدريئة ضد تصاعد الضغط الدولي على السلطة لايقاف إنتهاكاتها لحقوق الإنسان.

كما ان البسيوني كان قد نفى عن كل هذه الانتهاكات والجرائم صفة "المنهجية" و"السياسة" مما يبعد هذه الممارسات عن طائلة التصنيف كجرائم ضد الإنسانية..رغم تواتر وروتينية "انماط سلوكية معينة تقوم فيها بعض الجهات الحكومية تجاه فئات معينة من الموقوفين". وان السلطات لم تقم بما يلزم "لوقف اساءة المعاملة من قبل المسؤولين".. وانه على الرغم من الاقرار بان اعداد كبيرة من قوات الامن في البحرين من الاجانب المجنسين سياسيا،لم يناقش التقرير هذه النقطة من خلال كونها عدائية مسبقة من قبل الحكم تجاه المطالبات الشعبية وتجاهل كونها عملية استخدام مرتزقة لمقاومة حق الشعب في الحرية والتعبير ..

وقد تكون العبارات التي ادخلت على التقرير حسب تقنيات من دخل دار ابي سفيان مثل القاء اللائمة على المتظاهرين بسبب استهدافهم مواطنين من الطائفة السنية، وعمّال من جنوب آسيا هي السبب في الروح المعنوية العالية التي بدت على محيا العاهل البحريني والذي وان كان لم تصل الى به حد امتشاق الحسام ورقص العرضة في قاعة الاجتماع ولكنه لم يستطع ان يخفي ارتياحه من ان الامر اصبح لا يتعدى اعلان الاسف والالم لأن ذلك"قد حدث بالفعل للبعض حسب ما ورد في تقريركم"،والتأكيد على"اننا لن نتسامح ولن نتساهل مع سوء معاملة الموقوفين والسجناء"خصوصا وان تنفيذ التوصيات لن يتطلب الا معاقبة بعض الجنود وصغار الضباط بعد صك البراءة للنظام من ممارسة الجرائم السياسية الممنهجة الذي كان زبدة ما تمخض عنه التقرير..

والامر الاقرب الى الصلف منه الى الموضوعية كان في اعتراف الملك ان تهم الارتباطات الخارجية التي دمغت بها الاحتجاجات الشعبية وخونت وتحولت الى مرادف يكاد ان لا فكاك منه لاسمها واستجلبت تحت شعاراته الجيوش ورفعت الرايات لم يكن الا بناءً على انزعاج من برامج ونشاطات اعلامية متناسيا الحديث عن شبكات التجسس وسفن الاسلحة والتومانات الايرانية التي تجدها قوى الامن روتينيا في جيوب المعتقلين..ومبررا كل ذلك في انه ليس "في وضع يقدم أدلة عن تورط إيران"متجاهلا ان البحرين طلبت تحويل ملف التدخلات الى مجلس الامن وعقدت من اجلها عدة اجتماعات لمجلس التعاون وكانت ترتكز في كل ذلك على "معلومات اكيدة" لا تحتاج الا الى من" يفهم اللغة العربية" ..

ان الحقيقه التي يجب الإعتراف بها ان قتل الناس في الشوارع وفي غرف التعذيب وهدم المساجد واعتقال الآلاف وممارسة الفصل التعسفي وتسخير اجهزة الاعلام الرسمية في التسقيط السياسي والمجتمعي وتخوين"فئات معينة"من الشعب ليست مما يمكن ان يحل باسلوب اللفلفة الاحتفالية ..وان استدعاء الجيوش واستجلاب المرتزقة على الشعب الاعزل ليست من الامور التي يفخر المرء بانه لم يكن يعلم بها وصدره ملئ بالنياشين والاوسمة والانواط ويتبوأ منصب القائد العام للقوات المسلحة..   

وانه بهذه العقلية والنظرة التبسيطية للامور وايثار الحلول الترقيعية الاعلامية قد لا يستطيع الحكم البحريني ان يدرك الاصلاح المنشود الذي يبدو ان الافق يزداد انغلاقا امامه بقدر اتساع الشرخ الذي احدثته السياسات الطائفية"السياسية والممنهجة" للحكومة البحرينية ضد ابناء الشعب البحريني الاصلاء وارتهان ارادة البلاد لخدمة ادامة التقاطعات الاقليمية رغم تشوش  وغمامية المعطيات الدولية والاقليمية وصلابة الشعب البحريني والتزامه بسلمية وحضارية وثوابت ثورته التحررية..

لن تكون الخطوات التي وعد الملك باتخاذها كافية لترميم البيت البحريني وهو يبدأها بشكر الاجهزة الامنية والقوات المستجلبة على ما قامت به من"استخدام القوة المفرطة وغير الضرورية"و"بث الرعب بين المواطنين وإتلاف الممتلكات"وممارسة التعذيب "بشكل متعمد بهدف انتزاع الاعترافات أو للعقاب والانتقام"..وبالتأكيد لن يصل الامر بالملك الى اغلاق التلفاز عن القنوات المعادية ..ومحاولة ان"يعلم "بما يدور في زنازين معتقلاته التعسفية..والاهم ان يبدأ بالاستماع الى مطالب شعبه وتطلعاتهم وآمالهم بالوطن الذي تتحقق لهم فيه الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !