نتائج البحث
واشار الدكتور علي كامل « أستاذ جامعي « إلى أن ما يهمل يتمثّل في نتائج الماجستير أو الدكتوراه فقط، وقد يكون هذا صحيحا، ولكن هناك دراسات مؤسسية ودراسات موجهة تم الصرف عليها من الأموال الطائلة لمواجهة مشكلة معينة، وهذه للأسف مشكلة كبيرة جداً تواجه العمل المهني في القطاعات الحكومية والخاصة، فهناك إشكالية في عدم الإحساس بقيمة البحث العلمي والجهد الذي بذله الطالب او الطالبة من اجل اكماله ، ولكن للأسف ليس هناك القدرة لتفعيل نتائجه، وإذا استمرت هذه المشكلة سيكون من الصعب تحسين الأوضاع الجارية، فالجامعات عليها دور كبير في ترسيخ علاقتها بالمستفيدين من خدماتها، مؤكداً ضرورة إيجاد موقع إلكتروني موحد للرسائل العليمة والبحث العلمي في العراق، وذلك عن طريق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، فالمراكز موجودة في كل جامعة، إلاّ أننا نحتاج لمزيد من تفعيلها.
معيار الفائدة المجتمعية
واعترف مدير احد مراكز الدراسات والبحوث في بغداد «الدكتور سعد محسن « أن هناك قصوراً في الوقت الراهن في تبني بعض الدراسات وخصوصا الجيدة منها ، إلاّ أن كثيرا من الدراسات التي أجريت كان لها النصيب الوافر من النظر في نتائجها وتبنيها، مشيراً إلى أن عدد البحوث التي تقدم في السنة للجامعة الواحدة تختلف من جامعة إلى أخرى، فهناك جامعات قطعت شوطاً طويلاً جداً في الدراسات والبحث العلمي، فكل جامعة بحسب الأقسام والكليات التي تمنح هذه الرسائل فهي متفاوتة حسب طبيعة كل قسم وكل كلية، إلاّ أن عدد الدراسات لابد أنها تصل إلى الآلاف، إضافة إلى الأبحاث التي يجريها الطلبة العراقيون في جامعات خارج العراق ، وغالباً ما تنصب دراستهم على أبحاث علمية لها علاقة بالبلد .
مردودات البحث
أ. د. مهند سامي « باحث « قال : إن البحث الأصيل والموجه الذي يعالج مشكلة معينة هو البحث الذي يمكن أن يستفاد منه، فبعض البحوث تعمل لمتطلبات معينة إما الحصول على درجة علمية وقد لا يحقق هذا البحث مردودا فعليا على المجتمع أو على المشكلة التي يناقشها، وإنما هو لإجراء البحث كمتطلب أكاديمي، ومثل هذه الأبحاث لا تكون جيدة أو أن يكون لها مردود جيد، في حين يوجد نموذج لباحثين يصرون على أن لا يقدموا بحثاً إلاّ حينما يكونوا واثقين بأنه سيكون له مردود علمي، وسيحل مشكلة ومنفعة للقطاع الذي يتناوله؛ ولذلك فإن التقدير الذي يحصل عليه الباحث لا يعطى من أجل ذلك، بل لاعتبارات كثيرة من حيث أدوات وجودة وأصالة المعايير العلمية التي طبقت في عمل دراسة ذلك البحث وهذه قد يحصل عليها الباحث.
تفاوت البحوث والباحثين
ويقول الدكتور حامد سلام ، أكاديمي : إن معظم الأبحاث العلمية في العراق أبحاث غير موجهة، وغير مطلوبة، وهناك أبحاث علمية بحتة مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء، وهناك أبحاث علمية اجتماعية أو متعلقة بالإنسان، مثل التعليم، والاعلام ، وهناك أيضاً أنواع للبحوث حسب تلك المجالات، وإذا كان الهدف النهائي من البحث حل مشكلة قائمة، فإن معظم البحوث في العراق حسب التعريف السابق ليست بحوثا حتى وإن حققت شروط البحث العلمي.
وأضاف: «للأسف.. لا توجد بحوث موجهة لتشخيص المشاكل والتحديات أو تحديد الاحتياجات التي تواجه التنمية أيا كان نوعها، بمعنى أن الأبحاث غير مطلوبة من الوزارات والأجهزة المختلفة، بل إن بعض هذه الجهات تستعين بجامعات أجنبية رغم أن لديها باحثين في جامعات العراق وتتجاهلهم، ما يضطرهم إلى التركيز في أبحاث بقصد الترقية العلمية، فالكل يسبح في عالم مختلف. واشار إلى أن هناك أبحاثا غير مطلوبة، ولا يتم الاستفادة منها، ولكنها جهد ضائع واستنزاف وإهدار لكل شيء، والحل الأمثل هو إخضاع كل صغيرة وكبيرة في التنمية للبحث العلمي، كما يجب أن تكون جميع الحلول مستقاة من توصيات البحث العلمي، وليس الاجتهاد والآراء والخواطر من هنا وهناك، كذلك يجب أن يستفاد من العلماء ومن طلاب الدراسات العليا ومن الباحثين في الجامعات عن طريق جميع القطاعات كل فيما يخصه، ولو تحقق هذا سنجد أنفسنا حتماً في مجال الدول المتقدمة، وحتى يحدث ذلك نحتاج إلى عقول تعي ذلك وكوادر تؤمن بالبحث العلمي وليس الخواطر والاجتهادات!.
نوعان من البحوث
ويوضح الباحث خضير عبد الله : أن البحث العلمي ينقسم إلى نوعين مختلفين، فهناك البحوث الأساسية وهذه البحوث تهدف إلى تطوير العلم من أجل العلم، وأن نزداد معرفة في هذه المجالات وهي بحوث أساسية لا تعالج مشاكل الحياة، أما النوع الثاني فهي البحوث التطبيقية، وهي التي تحاول أن تبحث عن علاج لمشكلة ما في صناعة ما، ورسائل الدكتوراه والماجستير هي إحدى نوعي هذه الأبحاث، فهي إما بحوث أساسية وهي البحوث التي تتقدم الأمم من خلالها وتتطور، أو بحوث تطبيقية وهي البحوث التي تعالج المشاكل سواء كانت في الصناعة وغيرها، وكل البحوث مهمة، إلا أن البحوث الأساسية هي التي تساعد المجتمع على الوصول إلى اختراع جديد؛ لذلك في الغالب رسائل الدكتوراه الجيدة وكذلك رسائل الماجستير يكون الباحث فيها قام باستخراج النافع منها فيتم نشرها، إما في مؤتمرات علمية محكمة أو دورات علمية محكمة.
وقال: هناك كثير من الأبحاث الجيدة التي لم يتم نشر نتائجها في الدورات أو حتى المؤتمرات، وهنا يكمن الخلل حيث ستبقى هذه البحوث حبيسة الأدراج والرفوف والملفات ولن يطلع عليها أحد؛ لذلك على المكتبات الأكاديمية أن لا تخزّن هذه الرسائل، ولكن عليها مهمة أكبر تتمثل في تصنيف هذه الرسائل بالتنسيق مع الباحثين.
الجهد متواصل
أما الباحثة عبير محمد فترى أن جزءا من مسؤولية الجامعات إبراز أهمية البحوث التي تعد، إلاّ أن الملاحظ أن هذا لا يحدث بالشكل الكامل، وبالتالي فإن الناحية التدقيقية تكون مفقودة، وأشادت بدور بعض مؤسسات المجتمع المدني وخاصة المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي الدور الهام الذي يقوم به في الاقتصاد المعرفي، حيث تبرز النتائج التي تحصل عليها من هذه الأبحاث سواء في مؤتمرات أو لقاءات أو نشرات أو أي وسيلة كانت، وربما تأتي أي جهة في القطاع الخاص اوالعام لتقرر تبني هذا البحث، فإذا لم يكن الجهد متواصلا من الجهتين، فإننا لن نستطيع أن نحقق شيئا من خلال هذه البحوث التي تعدها رسائل الماجستير والدكتوراه، موضحة أن هذه البحوث إذا لم تدخل في الناحية التطبيقية فإن مآلها إلى المكتبات، أو توضع على الرفوف لتنتهي هناك، فالتواصل لابد أن يكون بين الجامعات وبين القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني لحماية رؤية النتائج التي تحصل عليها الجامعات من البحوث، وبالتالي تستطيع سواء من دراسة تطبيقية علمية أو دراسة نظرية مجتمعية ونفسية تجد طريقها للتطبيق، داعية إلى إيجاد قاعدة معلومات متاحة للجميع، بحيث يمكن لأي مختص أن يطلع على جهود أي جامعة على حدة.
اليونسكو والبحث العلمي
ومن جانبه بحث مكتب يونسكو العراق في بيروت خلال الفترة الماضية الوضع الراهن للبحث العلمي في العراق والأفاق المستقبلية له، وذلك بمشاركة مجموعة من الخبراء المحليين والدوليين. وقال مكتب يونسكو العراق في بيان أصدره ،حصلت جريدة " بلادي اليوم " على نسخة منه أن الاجتماع يأتي في اطار التعاون والشراكة مع مكتب السيدة الأولى لدولة قطر والمبعوثة الخاصة لليونسكو للتعليم الأساسي والتعليم العالي موزة بنت ناصر، وبالتشاور الوثيق مع كل من وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي في بغداد وإقليم كردستان. وأشار الى أن الاجتماع انعقد في بيروت بتاريخ ٢٧ و ٢٨ أيلول من العام الماضي ويهدف الى اعداد خارطة الطريق التي ستمهد التوجهات المستقبلية لمراكز البحث العلمي في الدولة العراقية ونظيراتها من الأقسام والوحدات على صعيد الجامعات العراقية والمديريات العامة المعنية في الوزارات الشريكة. واوضح انه في اطار الجهود المتواصلة لمكتب يونسكو العراق لتنفيذ مشروع تأهيل منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق، تمّ اعداد تقرير أولي حول الوضع الراهن للبحث العلمي بناء على المعلومات الاولية ذات الصلة التي تم تجميعها لدى أكثر من ٩٠ مركزا بحثيا في أرجاء العراق. وذكر المكتب في بيانه انه تم خلال الاجتماع مناقشة هذه الدراسة الاولية مع الوزارات الشريكة، وتم إثراء محتواها بالمعلومات المحدثة من خلال الجلسات النقاشية بين الخبراء وصولا إلى تحديد الأولويات والاحتياجات الضرورية الملحة لإعداد خارطة الطريق التي من شانها التمهيد لتطوير مراكز البحث العلمي العراقية.
التعليقات (0)