مواضيع اليوم

البارزاني في واشنطن.... انتصار آخر للدبلوماسية الكوردستانية


تقرير : محمد زنكنه
التأكيد على حماية الاقليم وضرورة تقديم الدعم المباشر لتجربته الديمقراطية والتمسك بالدستور الذي يضمن وحدة العراق كان ذلك كله يشكل أحدى أهم النقاط التي تم التباحث حولها في اللقاء الذي جمع بين السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان وباراك اوباما رئيس الولايات المتحدة الامريكية في البيت الابيض في واشنطن بعد دعوة رسمية تلقاها الرئيس البارزاني من الرئيس اوباما لزيارة واشنطن.

ومع انها ليست المرة الاولى التي يزور فيها الرئيس البارزاني واشنطن ويستقبل على هذا المستوى من قبل رئيس الولايات المتحدة الا ان لهذه الزيارة اهمية خاصة فهي تاتي في وقت يستعد فيه العراق لخوض العملية الانتخابية الثانية لاختيار مجلس النواب كما انها تعتبر رسالة مهمة للكورد وللعراق وللعالم حول جدية تأسيس الولايات المتحدة لعلاقة طويلة الامد مع الاقليم وحمايته وعدم عودة الدكتاتورية من جديد.

دور البارزاني في العراق الجديد

بعد سقوط النظام البائد لم تستطع الاحزاب والاطراف العراقية ان تحقق الامن والاستقرار مما ادخل البلد في معمعة طائفية وفتح الابواب امام تدخلات اقليمية كان العراق في غنى عنها.

وعلى عكس ذلك فقد شهد الاقليم استقرارا نسبيا وعملية سياسية ديمقراطية شفافة بعيدة عن اي احتقان قومي وطائفي في ظل قيادة سياسية وإدارة متفهمة وواعية حيث اصبح الاقليم اليوم المرشد للخروج من الحالة التي يعيش فيها العراق وعامل الاستقرار والبوابة السياسية والتجارية والثقافية لكل العراق.

ويبين د.سعدي برزنجي عضو مجلس النواب العراقي ان دعوة الرئيس البارزاني الى الولايات المتحدة واستقباله من قبل الرئيس اوباما هو تثمين ايجابي لدور القيادة السياسية الكوردستانية وشخص الرئيس مسعود بارزاني في العراق الجديد في مواجهة الارهاب وتثبيت دعائم الديمقراطية في الاقليم وجعله نموذجا يحتذى على مستوى العراق والمنطقة وقال : انها رسالة واضحة للجميع مفادها ان الاقليم نجح في عمليته السياسية ونجح في ابعاد نفسه عن شبح الارهاب والطائفية ومن الواضح ان الولايات المتحدة تدرك جيدا ان للرئيس البارزاني دوراً كبيراً جدا في انجاح هذه العملية السياسية وجعل المنطقة من اكثر مناطق العراق استقرارا.

خصوصية اقليم كوردستان

بعد الهجرة المليونية التي اعقبت انتفاضة آذار لعام 1991 وعدم القبول بعودة الدكتاتورية كان الاقليم في حماية دولية بناء على قرار 688 الصادر عن مجلس الامن عام 1992 والذي اعطى الفرصة للكورد في العيش بعيدا عن الدكتاتورية ومع ذلك فقد اختار البرلمان الكوردستاني المنتخب عام 1992 العيش ضمن عراق ديمقراطي فدرالي، وضمان خصوصيته ضمن العراق.

ولكن البعض يعتقد ان خصوصية الاقليم ليست الا كمايسمونها محاولات (انفصالية) واعطاء حجم اكبر للكورد.

البرزنجي قلل من شان هذه التصريحات التي وصفها بغير المنطقية واكد للصوت الآخر ان الرئيس البارزاني هو رئيس اقليم كوردستان ضمن الاطار الاداري والدستوري للعراق وهو لايخرج عن الدستور بل على العكس هو من اكثر من يشدد على تطبيق الدستور, وقال : لايجب اعتبار الزيارات الدبلوماسية لرئيس الاقليم وعقد العلاقات بين الاقليم ودول اخرى استفزازاً او خروجا عن الاطار العراقي فرئيس الاقليم لايجاوز على الدستور بل انه من اكثر الذين يشددون على تطبيقه.

لكن للاقليم خصوصية تميزه عن بقية مناطق العراق وهي لم تات من فراغ بل كانت بقرار دولي صادر من مجلس الامن بعد ماراى العالم باسره المعاناة التي كان يعيشها الكورد في ظل نظام دكتاتوري جائر.

علاقات طويلة الامد بين واشنطن والاقليم

في لقائه مع اوباما اكد الرئيس البارزاني ان الاقليم يرغب ان تكون له علاقات طويلة الامد مع الولايات المتحدة في مختلف الجوانب وكانت الاستجابة الأمريكية جدية وخصوصا بعدما اكد البيت الابيض في البيان الصادر عقب لقاء البارزاني واوباما ان الولايات المتحدة ترغب باستمرار هذه العلاقة بين الطرفين.

وبين د.برزنجي ان الولايات المتحدة جدية هذه المرة في استمرار هذه العلاقة وتوطيدها لمصلحة الطرفين وقال: دعونا نبتعد عن العاطفة في الحديث عن السياسة، فالكورد هم من احسن الحلفاء للولايات المتحدة على مستوى العراق للخبرة السياسية المكتسبة منذ عام 1992 فالولايات المتحدة تؤيد دوما انظمة سياسية تتناسب مع نظامها الديمقراطي والانظمة الديمقراطية العالمية وهذا مايعطي تاكيدا واضحا وصريحا حول جدية امريكا في استمرار هذه العلاقات.

 

 

ضمانات اميركية لحل المشكلات العالقة

المشكلات العالقة بين الاقليم وبغداد كانت من النقاط المهمة التي نوقشت في لقاء الرئيس البارزاني مع الرئيس اوباما وخصوصا فيما يتعلق بتنفيذ المادة 140 وعودة المناطق المقتطعة من الاقليم.

ويؤكد د.محمود عثمان ان رئيس الاقليم في زيارته للولايات المتحدة ولقائه باوباما طرح هذا الموضوع مؤكدا على ضرورة حل هذه المسالة قبل ترك الولايات المتحدة للعراق حسب الاتفاقية الامنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة والتي تنص على رحيل القوات الامريكية عن العراق عام 2011.

وبين عثمان ان من حق الاقليم ان يطلب ضمانات لحمايته بعد ماتعرض له في الماضي من ابادة جماعية وتهجير قسري وقصف بالاسلحة المحرمة دوليا فالشعب الكوردي شانه شان الشعوب الاخرى يرغب بالعيش في حرية وطمانينة بعيدا عن اي تهديد

وابدى عثمان تفاؤله من نتائج الزيارة الرسمية للرئيس البارزاني الى امريكا آملا بعودته محملا بالاخبار السعيدة حول هذا الموضوع.

من جهة اخرى ابدى عثمان ارتياحه من الوعود الامريكية للكورد وخصوصا بعد البيان الذي اصدره البيت الابيض عقب الموافقة على قانون الانتخابات والذي اكد على التزام الولايات المتحدة بحماية الاقليم وعمليته السياسية وضمان عدم تكرار تجارب الماضي.

ضرورة عودة المناطق المقتطعة من الاقليم

مشكلة كركوك والمناطق الكوردستانية المقتطعة كانت دوما من اهم المشكلات بين القيادة الكوردية والحكومات العراقية المتعاقبة حيث كانت الانظمة تصر على تعنتها في الاستيلاء على هذه المناطق وخصوصا نظام البعث الصدامي والذي حاول بتهجير الكورد والتركمان، وهم من السكان الاصليين، تغيير الواقع الديموغرافي للمنطقة.

وبعد وضع آليات دستورية لاعادة هذه المناطق يلاحظ التماطل في تنفيذها مايضع الحكومة العراقية امام تساؤل حول الخروج من حل لهذه المسالة.

نائب مسؤول الفرع الثالث للحزب الديمقراطي الكوردستاني اكد ان اداء اي حكومة عراقية مرهون بحل هذه المسالة فلن تنجح اي حكومة عراقية ما لم تخرج بحل لهذه المسالة التي اصبح من الضروري حلها وان اي حكومة عراقية تهمل هذا الملف ستفشل فشلا ذريعا.وبين ان للولايات المتحدة دوراً فعالاً في حل هذه المسالة وهو التزام اخلاقي يجب عليها تنفيذه قبل الخروج من العراق عام 2011 كما ابدى تفاؤله من نتائج زيارة الرئيس البارزاني الى الولايات المتحدة آملا ان تتمخض عن نتائج ايجابية حول مايتعلق بالمناطق المقتطعة.

 

 

رسالة واضحة للكورد والعراق والدول الاقليمية

اعتبر نوزاد عبدالله الاستاذ في قسم السياسة بكلية القانون والسياسة لجامعة صلاح الدين زيارة الرئيس البارزاني للولايات المتحدة بمثابة رسالة واضحة للكورد وللعراق ودول الاقليم حول اهمية الاقليم دوليا على مستوى الدول العظمى.

فعلى مستوى الاقليم هو اعتراف صريح من الولايات المتحدة بنجاح تجربة الاقليم السياسية ونجاح الديمقراطية فيه إلى جانب التطور الاقتصادي الذي يعيشه الاقليم وفسح المجال امام الاستثمارات لدخول كوردستان.

وقال : ان في استقبال الرئيس البارزاني في البيت الابيض رسالة للكورد حول الاستفادة من هذه الفرصة بالتوافق بين مصالحهم ومصالح الدول العظمى ضمن مبدأ الاستفادة المتبادلة للطرفين.

فقد كان العكس هو سائدا حتى تسعينيات القرن الماضي ولم تتهيأ فرصة ستراتيجية واضحة للقيادة الكوردستانية لادارة علاقاتها الدولية مع الدول العظمى لكن القيادة السياسية الكوردستانية متفهمة للوضع العالمي الجديد وضرورة الاحتفاظ بهذه العلاقات الدولية والولايات المتحدة تلاحظ ذلك.

اما على مستوى العراق فهي رسالة لجميع القوى العراقية حول دور الكورد في عراق مابعد صدام حيث يعتبر الكورد عامل التوازن والاستقرار بين مكوني الشيعة والسنة وان القيادة الكوردستانية هي الاكفا سياسيا ودبلوماسيا.

وعلى المستوى الاقليمي والعالمي فهي تاكيد على حماية خاصة للاقليم من التدخلات الاقليمية التي لاتريد له خيرا ولاتريد نجاح العملية السياسية فيه وتضع بذلك حدا لكل محاولات التدخل في امور الاقليم الداخلية كما تبين للعالم ان اقليم كوردستان هو اقليم مستقر امنيا وسياسيا والوضع فيه يختلف عن بقية المناطق في العراق.

قوة الاقليم السياسية

يرى المراقبون في الشان السياسي الكوردستاني والعراقي ان اختلافا كبيرا طرأ على السياسة الامريكية في موقفها نحو الكورد وتجربة اقليم كوردستان السياسية بصورة علنية.

حول هذا الموضوع يؤكد الاستاذ زبير رسول الاستاذ في قسم السياسة في كلية القانون والسياسة بجامعة صلاح الدين ان هذا الاعلان الرسمي والعلني من قبل امريكا دليل قوي على قوة الاقليم السياسية والدبلوماسية وتاثيره على الوضع السياسي في العراق والمنطقة.

وبيّن زبير ان الادارة الامريكية باتت مقتنعة بأن العراق لن يستقر باهمال اي من المكونات الثلاثة (الكورد والسنة والشيعة) والدليل على ذلك عندما هدد الكورد بمقاطعة الانتخابات النيابية ان لم تلب مطاليبه، سارعت جميع الاطراف الدولية لحل هذه المشكلة والاحتكام الى مبدأ التوافق الذي اقره الدستور العراقي والذي كان الكورد من السباقين لتنفيذ وتطبيق هذا المبدأ.

وقال : لهذه الزيارة اهمية نفسية وسياسية قوية للكورد حيث ان اقليم كوردستان هو اقليم فدرالي ضمن العراق اي انه ليس مستقلا ويستقبل قادته من قبل رؤساء الدول العظمى في حين انني قرأت عن الكثير من قادة الدول المستقلة انهم يتمنون اللقاء بالرئيس الامريكي حتى لو كان لدقائق فما بالك لو كانت الدعوة هي من الرئيس الامريكي نفسه.

ومن الناحية السياسية فقد اقتنع الجميع ان زمن اضطهاد الكورد ولى بلارجعة وان محاولات القوى التي لاتريد للاقليم التطور لن تفيدهم بشيء.لذا من الضروري للقوى العراقية ايضا الوصول الى هذه القناعة و الاحتكام إلى الدستور ومبدا التوافق لان أياً من المكونات العراقية لن يستطيع اقصاء الاخر ولن تقبل معادلة العراق الموحد الفدرالي عراقا لايحتكم الى التوافق.

 

http://www.sotakhr.com/2006/index.php?id=10051

 

مجلة الصوت الاخر

العدد 278 الاربعاء 3/2/2010




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !