كنت اطالع اراء الصحف البريطانية ليوم 24 ديسمبر والموجودة على موقع هيئة الاذاعة البريطانية على شبكة الانترنت فتفاجأت , بهجوم شديد من جميع الصحف على كلمة البابا اللتي القاها في اليوم السابق هاجم فيها مثيلي الجنس واعتبر ممارسة الجنس الشاذ مرض خطير. وتقول البي بي سي على موقعها (على عكس ما هو متوقع في مثل هذه الحالات، لم ينقسم الرأي العام إلى مؤيد ومعارض، بل إلى معارض مستنكر والى شارح يحاول تاويل وتوضيح مكامن الخطأ في اقوال الحبر لأعظم). ويستمر الموقع بالقول, ونبدأ جولتنا من مكان غير متوقع هو قس منطقة بتني (جنوب لندن) جايل فريزر، الذي نشرت له الجارديان مقالا ينتقد فيه تصريحات البابا، معتبرا أن الرسالة التي ينبغي أن تبعث في مثل هذه المناسبة هي رسالة ترغيب وليس رسالة ترهيب.ويقول فريزر :" أعتقد أن الفكرة هي لو أننا صرنا كلنامثليين، فإننا سنتوقف عن الإنجاب. نعم إن الفكرة شبيهة بالفكرة القائلة لو صرنا كلنا كهنة متنسكين فلن ننجب أطفالا كذلك. غير أنها تعني أن الكنيسة الكاثوليكية خطر على الكوكب.الى هنا وكانت دهشتي كبيرة, ولكن دهشتي بدأت تكبر وانا اكمل قراءة الموضوع فوجدته يقول... ويرجع الكاتب جذور هذا الهوس" -كما يقول- بالإنجاب إلى البدايات الأولى للأدب الديني العبري، عندما كان العبرانيون يكافحون من أجل البقاء.ويعتقد الكاتب أن هذه الجذور العقدية "والتاريخية" أدت إلى اعتبار المرأة الولود قيمة سياسية عكس المرأة العاقر والمثليين والخصيان الذين غالبا ما صنفوا "في خانة الخونة".ويرى الكاتب أن البابا كان يعني بتهجمه نظرية تسمى نظرية الأجناس التي " زادت من غموض الفوارق بين الجنسين."هذه النظرية التي بدأ الإنجيليون المسيحيون يقرأونها على ضوء فلسفة الفيلسوف الفرنسي "المثلي" الراحل ميشيل فوكو، تقول بأن جنس الشخص مسألة ثقافية قبل أن تكون شأن من الطبيعة.ومن هذه الزاوية يحاول "الإنجيليون المحافظون" أن يبرهنوا على أن الميول المثلية ليست ميولا طبيعية يصعب تغييرها بقدر ما هي ممارسات مكتسبة يمكن تغييرها! . تصوروا بالله عليكم لو ان هذا الموضوع طرح للنقاش في الازهر الشريف او الحوزة الشريفة في النجف ورد ائمة الجوامع على انتقادات شيخ الأزهر او المرجع الاعلى للمثليين بان هذا ليس من شؤون الدين وليس على المرجعين التدخل في مثل هذه لامور ؟ وماذا سيكون رد الشارع؟؟؟. ثم ينتقل محرر الموقع الى اراء الصحف ويقول خصصت التايمز إحدى افتتاحياتها للموضوع أيدت فيها موقف البابا عندما يهاجم نظرية الأجناس، "على الرغم من الهدف غامض، وينبغي تصنيفه ضمن خانة الخطل وليس الخطر".وترى في المقابل أنه جانب الصواب من حيث الشكل "لأن ملاحظاته ستثير حساسيات بدل أن توضح الجوانب اللاهوتية لموضوع الممارسة الجنسية للبشر، كما أن تصريحاته هذه من شأنها أن تشوش على أجواء العيد".وتذكر الصحيفة بالمواضيع الأخرى التي أثارتها كلمة البابا أمام أعضاء إدارة الفاتيكان، فتقول "إنه أراد الظهور بمظهر الراغب في مناقشة الدور التاريخي والاجتماعي للكنيسة بشيء من النقد. فأثار مسألة إحياء الذكرى المئوية الرابعة لمحاكمة غاليليو بسبب آرائه العلمية المخالفة لتعاليم الكنيسة آنذاك، كما اعتبر مارتن لوثر مصلحا كنسيا وليس متهرطقا، كما ذكر بمحاولته رأب الصدع الذي تسببت فيه تصريحاته التي اعتبرت مسيئة للأسلام."لكنه -تقول الصحيفة- وفيما يتعلق بمسألة المثلية الجنسية لم يستطع التخلص من "الخرافات واحتضان التسامح .ويسخر داميين ثومبسون في الديلي تلجراف من الضجة التي تثار حول كلمة البابا بمناسبة عيد الميلاد.ويعتبر الكاتب في مقاله أن الزعيم الديني لم يفعل سوى أن عبر عن عقيدته الكاثوليكية، "فما وجه الاستنكار إذن، هل لأنه هاجم المثلية الجنسية. لكنه لم يفعل.الى هنا وانتهى المقال . وهذه هي ليست المرة الاولى اللتي اقراء اواسمع فيها غضب الاوربيين والامريكان من كل من ينتقد مثيلي الجنس ويعبر عن اراء مسيئة لهم ولكني جلست مندهشا كيف ان قسا اوكاتبا مشهورا هو من يدافع عن هؤلاء ناهيك عن مشرعين,(فهنالك الان العديد من الدول الاوربية وولايات امريكية شرعت زواج مثيلي الجنس). ومنشاء حيرتي هو ان فهمي للدين (كواحد من اهل الكتاب ولا اعني غير الكتابيين بهذا الرأي) انه مجموعة تشريعات سماوية تنظم حياة البشر على الارض وتشجيع البشر على الخير مع هامش من الحرية لاختيار افضل السبل لتحقيق هذه الاهداف دون المساس بجوهر الدين . وكل ذلك من خلال عبادة الرب الواحد مع اختلافنا نحن الثلاث (المسلمين,المسيحيين,اليهود) على اسم الرب. ولذلك قال البابا ما قاله في حق مثيلي الجنس باعتبار ان الزنى وهو اقامة علاقة جنسية خارج مؤسسة الزواج الشرعي ناهيك عن اقامة هذه العلاقة مع مثيل الجنس هي علاقة محرمة اكد على حرمتها الانجيل,وان من واجب البابا كرجل دين ان يذكر المسيحيين بهذا القانون الانجيلي اللذي نص عليه الرب في كتابه (سفر هوشع 4: 12 شعبي يسال خشبه و عصاه تخبره لان روح الزنى قد اضلهم فزنوا من تحت الههم). واذا برجل دين اخر يرفض هذه التذكرة ويعتبرها تدخل سافر وطريقة خاطئة في الدعوة وكانه يقول ان المعاشرة الجنسية الشاذة هي حرية شخصية لادخل للرب بها,والزنى لايتعارض مع الدين,وان الرب سيغفر لهؤلاء الخاطئين لمجرد انه مؤمن بالرب. ولقد لمست ذلك بنفسي عندما دخلنا انا ومجموعة من زملائي وجميعنا مسلمون في نقاش حام مع قس ايطالي ونحن نزور ايطاليا في رحلة عمل وكان يركز على مسئلة الزواج من اربع نساء وان هذا عيب او خطأ في الشريعة الاسلامية وعندما قلنا له ان هذا التشريع الهي وليس لنا نحن البشر ان نحرم ما احل الله ولكن لنا الحق ان نختار الزواج باكثر من زوجة اولا, واذا به يثور ويقول ان البشر هم من يعرفون مصلحتهم وان الرب غفور رحيم للمؤمنين. وبعد شد وجذب في جميع اتجاهات الدين سأل سائل منا ذلك القس هل انت متزوج قال لا انا اعيش مع حبيبتي في بيت واحد منذ سنتين فاصابنا الذهول جميعا . ان المسألة اولا وأخيرا اذا هي تبرير للذات وانغماس في الملذات. بالطبع ومن خلال اصدقائي وجيراني المسيحيين وقرآتي لبعض الكتب المسيحية لكتاب شرقيين, المسيحيون في البلدان العربية لا يقرون ابدا هذه لافكار غير السوية باعتقادي .لا اعرف الى اي مدى سيتمادى الاوربيون والامريكان في مسالة عبادة حريتهم الشخصية اللتي اصبحت دين جديد لايمت الى المسيحية بصلة ناهيك عن تزايد اعداد اللادينيين(الملحدين) في هذه المجتمعات , انا احب فيهم الديمقراطية والتقدم في العلم وطرق التعليم ,وبالاخص حرية الراي ولكن ليس الى درجة عبادة الحرية الشخصية بدلا من الله.
التعليقات (0)