مواضيع اليوم

الانفلات الحزبي في تونس

جمعة الشاوش

2011-05-31 15:28:47

0

أيسر مشروع يُمكن بعثه في تونس الثورة هو تكوين حزب سياسي...الأمر هيّن وفي متناول الجميع أسهل بكثير من فتح كشك فواكه جافة أو تبغ...يكفي أن تستنسخ بعض الشعارات من هنا وهناك لتُحرز على تأشيرة رخصة حزب تحت أيّ عنوان ولسان حال السلطة المانحة لرخص "الانتصاب" يقول:في ظلّ تعذّر الاستجابة لحاجيات المواطن الحياتية الضاغطة وانكماش الاقتصاد الوطني فلتكن الاستجابة سخية وسريعة لبعث مشاريع "التنمية السياسية" ما دام ثمّة ولع بها وانشغال ببهرجها...
على أنّ اللافت في هذا "الانفلات الحزبي" هو هيمنة التسابق لحجز موقع في المشهد السياسي الوسطي...
الممتتبّع لأدبيات الأحزاب الجديدة لا يجد فروقا جوهرية بينها لأنها ببساطة على يقين من أنّ "بضاعة الاعتدال والوسطية" هي التي تقبل عليها أغلبية الشعب التونسي إقبالها على طبق "الكسكسي" الشهيّ ... السواد الأعظم من التونسيين لا تستهويهم أطروحات اليمين ولا اليسار،لذلك يتبرّأ من ذات الطرحين الكثير من المتشيّعين لهما خوفا من كساد بضاعتهم حتى إن استنجدوا بـ"التقية"...

لعلّ السؤال الذي يفرض نفسه:لماذا هذا العدد الكبير من الأحزاب الوسطية بعد الثورة والحال أنّ أطروحاتها متقاربة؟...
لمّا كان حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" المنحلّ هو الذي احتكر لنفسه لزمن مديد ادّعاء الوسطية وعملت قيادته على الترويج لذلك بشتى الوسائل المعروفة وعلى ارتهان إرادة أغلبية الشعب التونسي الوسَطيّ،لم يكن ممكنا بروز أطروحات سياسية في ذات التوجه كما لم يكن ممكنا بروز قيادات فاعلة ومؤثّرة خارج إطار "حزب النظام الحاكم"...ثورة 14 جانفي حرّرت قوى الوسط العريضة وأتاحت لها التعبير عن حضور متفاوت يُفسَّر بمصداقية قياداتها وحماسها وإشعاعها،وخصوصا بوسائل العمل المتاحة لها للتميّز في طرح برامج أحزابها والتواصل مع الجماهير...
ليس تسويقا لشعار القول بأنّ المجتمع التونسي تغلب عليه ميزة الاعتدال والوسطية والتجانس والتفتّح إنما ذلك ما تتفق عليه كلّ القراءات الموضوعية راهنا وكذلك الضاربة في عمق التاريخ.
على أنّ التعطّش الواضح للانشغال بالهم السياسي،راهنا،له مبرّراته بالإحالة على كبت الماضي،كما أنّ الولع ببعث كمّ هائل من "الدكاكين الحزبية" هو لا يعدو أن يكون "ثأرا" من مصادرة المشهد السياسي واحتكاره عهد الأمر الواقع للاستبداد...لا أحد يعتقد،اليوم، أنّ أكثر من ستين حزب وسطي-والبقية آتية- ستداوم على الاستمرار في المشهد السياسي...نحن أمام ظاهرة استثنائية لمرحلة تعقبها أخرى تختفي فيها أحزاب وتتحالف أو تندمج أخرى...

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !