مواضيع اليوم

الانشقاق داخل صفوف الحمر

فريد دولتي

2009-07-01 01:47:21

0

الاجنماعيون الديموقراطيين في جميع انحاء اوروبا يصابون بحالة تدهور. ربما ترجع الحالة الي الانقسام الحاصل بين الاصلاحيين والتقليديين...والتي لم تنتهي.

حيث اصبح اليأس من الحاله الاجتماعية والديمقراطيه الاوروبية هو العنوان ..والحنين الي الحقبة الطويلة ..والذهبية ، اصبح حاضر..بخط رجعة الي الوعي الذاتي والوضوح بلا نهاية.فالان صار التخبط والحيرة هما السائدان...الاجتماعيون في المانيا ،و الاشتراكيين في فرنسا او حزب العمل في بريطانيا...هم امثلة على ذلك.

على ما اعتقد ان الخلل ليس في الاحزاب. فمعظم الاحزاب الديمقراطيه الاجتماعية تفتقر الي وعدم وجود قيادات و شخصيات مقنعه...فربما صدق المثل القائل بان الاسماك تكون نتنة من الراس.

رئيس الحكومة العمالي غوردون براون... برز بوصفه المخطيء و المتكلف...دائما ، في حين ان كورت بيك ،كان في عوز شديد الي الطاقة الفكرية ، مما جعل ازمة الحزب تشتد...فوجهة نظره لم تلقى قبول عند زملائه في القيادة ، ففضل الاستقالة والانسحاب... الاشتراكيون في فرنسا ، في حالة ميؤوس منها تماما ، والقتال بين الرفقاء...انهكهم ،وانهك الحزب ؛ في اسبانيا ثاباتيرو ..مفكر يرسم افاق للحكومة...نظرية اكثر من ان تكون عملية.

يا له من تناقض حاد ... قبل عشر سنوات. دعي بلير ، وشرودر ، جوسبان و فوتر بوس زعيم مجموعة الاشتراكيين الديموقراطيين الهولندية ، الي مؤتمر قمة عاديه مع... بيل كلينتون ، أب الاصلاحيين التقدميين، والطريق الثالث ،والوسط الجديد في هذه القمة...الصرخة الاخيرة لهم كانت... ان الاصلاح الاجتماعي الديمقراطي هو حالة من التألف مع الملكية لايجاد سوق يعترف بمبادئ العدالة الاجتماعية ...هذا النهج سيؤمن اغلبية مضمونه.هذه الرخة رما لاقت اذان صاغية من قبل النيوليبراليين

على عكس الاشتراكيين، فالليبراليه الجديدة والمحافظون يبدو انهم استعدوا لمواجهة تحديات المستقبل، وخطف الوردة الحمراء الناعمة...التي انتظرها العالم.

بعد هذا الحلم الجميل ، تمزق الاشتراكيين الديموقراطيين في أوروبا ، لزمن طويل. ففي فرنسا ،ايطاليا ،السويد والنمسا... فقدوا السلطة...اما في المانيا وهولندا ، كانوا مجرد شركاء صغار في تحالفات كبيرة ، اما في بريطانيا ، فيبدو ان المحافظين ، راجعين بتهديد كبير خلال ثمانية عشر شهرا... ساعين الي الانقاذ.

هذه الحالة المؤسفة التي اعطت اشارات ، وضحت الشعور العميق بالازمة...وطرحت تساؤلات منها... هل مازالوا هولاء الاجتماعيون قادة للتحديث ؟ ام انهم لا زالوا يدخرون شعارات الماضي للمرحلة القادمة؟...الحمض النووي الاحمر ، الجينات المائلة للفكر الديمقراطي الاجتماعي ، ستحتم عليهم فعلا ايجاد رؤى جديدة تخدم الصالح العام وتكون سند لهم في الرجوع للسلطة ، ايضا...تجعلهم يخترقوا خط الرحمة عند المحافظين الجدد ، وايجاد مفهوم اخر للطريق الثالث...ربما من الاجدى ان يكون متمرد اكثر...ويميل الي اليسار.

كلا الحزبين اختارا الاصلاح كاستراتيجية دفاعية ، هذه الاستراتيجية تعتمد على المزيد من العدالة الاجتماعية تبعد الخطر و تكتسب قدرة في نظام العولمة والمنافسة الاقتصادية.

مع ذلك ، فهذا الامر يتوشح الصعوبة بالنظر الى "الراسماليه المفترسه" ،التي تجعل الفجوه بين الاعلى والأسفل كبيرة العمق. فالحاجة الى وجود استجابة عاطفيه مرضية.تجعل من الصعب... اجراء الاصلاحات اللازمة لانقاذ دولة الرفاهيه.

في بريطانيا ...ربما سيصبح براون في عداد المفقودين ، فقد اضطر الى فصل مساعدة مغمورة للحكومة هي النائبة العمالية تيفون ماكدوناد لأنها طالبت للمرة الأولى علناً بضرورة إجراء انتخابات لاختيار زعيم جديد للعمال. وانضم اليها «متمردون آخرون»

وفي المانيا ، عودة فرانز مونيتفارينغ بعد الانقلاب على بيك ، وترشيح شتاينماير لمنصب المستشار، وكبح جماح اندريا ابسيلانتي في التحالف مع حزب اليسار.

اما في فرنسا فالحزب الاشتراكي عاجز منذ سنوات عن بلورة مشروع متجانس وموحد يطرحه على الفرنسيين، وهو عملياً كناية عن مجموعة مشاريع متفاوتة ومتباينة وفقاً لهذه الشخصية الاشتراكية أو تلك.

وهذا ما بدا واضحاً من خلال الصور التي تسنى للفرنسيين مشاهدتها عبر التلفزيون، عقب صدور نتائج الانتخابات البلدية أذ أطلت منافسة ساركوزي في الانتخابات الرئاسية سيغولين رويال على المشاهدين من منطقة بواتو شارنت التي تتولى ادارة مجلسها الاقليمي، لتخاطب الفرنسيين بلغة خاصة بها، مروجة لشخصها ومواقفها.

وأطل الوزير السابق مارتين أوبري الفائز في مدينة ليل (شمال فرنسا) ليوجه انتقادات مبطنة الى رويال، " اللذان لا يقاوما المشاركة في أي مظاهرة تمر بجانبهما " فيما كان رئيس بلدية باريس يحتفل من جهته بانتصاره وبنجاحه في ابقاء العاصمة في قبضته.

وبدا أن لكل من هؤلاء، مثل مسؤولين آخرين في الحزب الاشتراكي على غرار رئيس الحكومة السابق لوران فاييوس والوزير السابق بيار موسكوفيسي، مشروعه وبرنامجه الخاصين.

لن تجد اليوم زعيما في اليسار مستعدا للتقدم إلى الأمام لطرح حله للأزمة. ففي أثينا في مايو، جمع زعيم الحركة الاشتراكية اليونانية جورج باباندريو زملاءه من قادة اليسار الأوروبيين مثل الفرنسية سيغولين رويال والزعيم اليساري الإسباني المخضرم غونزاليس ورئيس الوزراء الإيطالي اليساري السابق ماسيمو داليما من أجل إعداد صيغة جديدة.


هذه الاحداث كلها تزبد من التمزق الداخلي ، ...وتبقى الرغبة عند الاصلاحيين ، حنين وشوق الي فترة السبعينات . ، الصراع المحتدم والذي يأخذ صفة الصرامة يكاد يكون له شبه بالصراع في اسعار النفط ، والتمزق الاقتصادي.

اصوات صفارات الانذار قادمة من جهة اليسار...لاتحمل وعود بقدر ما تحمل اسعافات...لربما تخلق حواجز وطنية تجعل من هذا العالم المترابط بالاقتصاد على الصعيد العالمي يتراجع...رافعا شعار... مستوى معيشة جيد.

هدف الجناح الاصلاحي الان...هو زيادة الاصوات ،ولكن حسب وجهة نظري ، ...الاصلاحات لن تجلب اصوات وستستنفد ما لم تتصف بصفة تقدمية.


يبقى علينا ان نعرف ، واستطيع ان اجزم بانه امر مؤكد تاريخيا... هو ان النزاع بين التقليديين والتقدميين قديم قدم الديمقراطيه الاجتماعية نفسها ...احيانا يستغرق النزاع وقت طويل، احيانا اخر اقصر...احيانا تنتج عنه انقسامات...ولكن برهنت الاحداث بأن كلما اتجه النزاع الي الشراسة...تولد عنه افكار واليات عمل جديدة...احيانا خلاقة.

ايضا الاحداث قد تحمل السرور ، متى عرفنا ان مصائب قوما عند قوم فوائد ، فلعل ازمات الرهن العقاري و افلاس البنوك الذي نتج عنه هبوط حاد في تعاملات اسواق الاسهم ، تكون حبل النجاة للاشتراكيين الاصلاحيين...هذه الرؤية يحاول براون تحقيقها ، متخطيا كل الحواجز فهل سينجح ؟

دنيس ماكشين كتب في النيوزويك إن فجر اليسار يمكن أن يبزغ من جديد في الدول الشمالية، فشعوب هذه البلدان منذ القدم،كانت هي المجددة البارزة للنموذج الديموقراطي الاشتراكي. الان في السويد والدنمارك وفنلندا، يتم دفع الشابات من النساء إلى مراكز قيادية حزبية فهن مجدات في الفوز بالسلطة، وليس فقط في إطلاق الخطب الاحتجاجية...هذا المثال واضح وبشكل بارز في الدنمارك، فهيلي ثورننغ شميدت ...أم شابة لديها طفلان ، تعمل على دفع حزبها إلى وضع يسمح له بالفوز بالسلطة بعد أن يستقيل رئيس وزرائها ليتسلم منصب الأمين العام لحلف الناتو. وكامرأة كانت سابقة باحثة في البرلمان الأوروبي، وتجيد ثلاث لغات ومتزوجة من مواطن بريطاني، فإن ثورننغ شميدت تمثل الوجه الجديد للديموقراطيين الاشتراكيين...ربما تنجح فيما فشل فيه براون.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !