"المصالحة" هي السمة الغالبة لمحاولات تقريب وجهات النظر الفلسطينية لكنها مصالحة دون ملامح، فمن القاهرة ومكة المكرمة وشرم الشيخ الى صنعاء ودكار لنرى ان ليلها طويل، أتساءل لماذا لا يتحقق وينفذ ما اتفق عليه منذ البداية سواء في القاهرة أو مكة المكرمة، فالوقت يقتل القضية، ورغم شدة الحصار والقرصنة البحرية نجد ان الموقف الاسرائيلي موحد ومنضبط تجاه الفلسطينيين، فبناء المستوطنات واعتقال الفلسطينيين يسير حسب ما هو مخطط له.. فالوضوح الاسرائيلي في هذه النقطة «قضية المستوطنات» لا غبار عليه ولو عقد ألف مؤتمر في انابوليس أو غيرها, ليتم طي اقتراح الدولتين للأبد كما لمح بذلك نائب الرئيس جون ماكين عندما اشار للأردن كوطن بديل للفلسطينيين لاغياً وعد بوش بدولتين قبل انقضاء 2008م وقبل أن يتسلم اوباما الحكم. في الوقت الذي نرى فيه المشهد الفلسطيني «بعد خلافات فتح وحماس» يتدحرج نحو الهاوية ليتمزق المتبقي من فلسطين الى حكومتين وشعبين، و عدوهم موحد الصف ضدهم ومرتاح لخلافاتهم بل هو يساعد طرفاً ضد الآخر متبعا سياسة فرق تسد،بل صرحوا انهم يعملون لمصالح السلطة. فهل يتصور أبو مازن ان لقاءاته مع رؤساء الوزراء الاسرائليين وحضنه لهم امام الكاميرات يستطيع بها ان يوقف حركة الاستيطان!؟.. ان عامل الوقت هام جدا لاسرائيل هي تسوف وتضيع الوقت لتغير من ديموغرافية الضفة، حتى ضاق صدر عمرو موسى أكثر من مرة ووصف ذلك بأنه قتل لعملية السلام!!.. ألم يسأل أبو مازن نفسه الآن بعد تصريح جون ماكين في فترة الانتخابات "اي منذ أكثر من سنتين" لماذا لم يتحقق ما يتم الاتفاق عليه مع الاسرائيليين.
أعود للمصالحة المتقلبة فالواضح ان كل ما يتم الاتفاق عليه فلسطينيا لا يلزمهم بشيء ينقضه طرف بعينه. فقيمة الورق والحبر لا تساوي شيئاً امام الدماء والحصار والتجويع واعتقال الأبرياء منهم نواب المجلس الوطني، وسرقة الأراضي لتقام عليها المستوطنات وتتمزق الضفة، كل هذه الكوارث لا تشكل عاملا ضاغطا للمصالحة، فيا سبحان الله هل اعتادوا عليها كما اعتاد طبيب الطوارئ على الحوادث الأليمة!! وكل منهما يعتقد ان نفوذه وشرعيته لا يجب ان تختزل حتى لو على خيال دولة في كبرياء لا طائل منه، ألم يأخذوا درسا من موقف الزعامات اليهودية المتحدة ضدهم التي كلما احرجهم موقف سياسي دعوا الى انتخابات مبكرة.. ليتملصوا مما اتفق عليه، وينسوا ان الانسان مهما طال عمره ميت أما الأوطان فلن تموت إلا يوم الدين.
التعليقات (0)